رياضة

دعونا نجنِ أولى ثمار الحراك!

هناك من يظن بأن الزجّ بالمسئولين ومنهم جنرال ورئيسا حكومة ووزراء وزعماء أحزاب ورجال أموال “قارونية”، هو أهم ثمار الحراك الشعبي الذي بلغ من العمر  قرابة خمسة أشهر، وهناك من يظن أن استرجاع الأموال المنهوبة هو أحد أهداف الحراك الذي كانت من أهم ميزاته أنه يضرب ويجرح ويُؤلم، من دون أن تسيل الدماء، لكن أكبر الثورات في تاريخ البشرية هي تلك التي بنت الإنسان وجعلته سيدا على نفسه، لا أحد يستعمره في قوته وفي علمه وثقافته ولا في جدّه وفي لعبه.

قد تكون المباراة النهائية التي سيلعبها المنتخب الجزائري لكرة القدم مساء الجمعة، أمام منتخب السنغال، فرصة ذهبية لأجل أن يجني الجزائريون أولى ثمار الحراك الشعبي الذي وُصف بالمسالم والحضاري، فقد جمعت تشكيلة المدرب المغترب جمال بلماضي، مجموعة من العناصر التي تكوّنت في الداخل وفي الخارج، جمعتهم الإرادة لأجل أن يهدوا الجزائريين لقبا قاريا، ما كان يتحقق في زمن البحبوحة المالية، عندما كان الرئيس يوهم الناس بأنه هو من رمى في كل رمية متقنة في عالم كرة القدم،، وعندما كان أي حصاد لميدالية ذهبية أو فوز كروي، يعود بالضرورة إلى الرعاية السامية لأصحاب الفخامة والمعالي والسعادة.

لقد شغل المنتخب الجزائري الناس، وما زاد في تعلقهم بالمغامرة الجميلة التي باشرها اللاعبون والطاقم الفني والإداري، هو الثناء الذي تهاطل عليهم من كل مكان، ليس بسبب ما امتلكوه من فنيات في اللعبة وإنما بإرادتهم الحديدية التي قهرت العديد من الأمم القوية في عالم كرة القدم مثل نيجيريا وكوت ديفوار وغينيا، وصارت ملاحمهم الممزوجة بالدموع وبالعرق أشبه بالأساطير. ولم يعد ينقص الصورة لأجل أن تكتمل سوى الالتفاف الحضاري للشعب من خلال التشجيع الراقي فوق مدرجات ملعب القاهرة الدولي، ولعب المباراة مثل اللاعبين بالصبر والتشجيع وإدهاش العالم بحراك آخر قد ينتهي بالانتصار، الذي سيكون البطل فيه كما كان في الحراك، هو الشعب وليس غيره.

صحيح أن مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لن يحلّها فوز كروي على السنغال حتى ولو تحقق بأكبر النتائج، ولكن مظاهر الفرحة والتآخي والمعنويات المرتفعة والثقة بالنفس، هي التي تفتح للجزائريين أبوابا ظلت موصدة قرابة خمسة عقود، فقد استوردنا مدربي الكرة من صربيا وبلجيكا وإسبانيا وأغرقناهم بالعطايا، وما نلنا منهم لا بلح الغابون ولا ثلج روسيا، وعندما عدنا لجزائريي أوربا أعطت المحاولة أكلها بسرعة، من دون أن يتبنى أي كان هذا الجهد المبذول من الجميع، وحتى تواجد السيد بن صالح في القاهرة لن يكون أكثر من مشجع سيشكر المجتهدين وستصله الرسالة واضحة ومباشرة، بأن الوحدة التي ظهرت بين الفريق ومناصريه الذين هم في الأصل الشعب الجزائري، وبأن اللعب القتالي والإصرار على الفوز هو الذي سيقتلع جذور النظام الفاسد تماما، كما اقتلع فريق جمال بلماضي جذور الفشل والخيبة والإحباط التي جعلت في زمن الفساد، لاعبين بأسعار ملايين الدولارات، يسقطون أمام زيمبابوي وجزر الرأس الأخضر.

مقالات ذات صلة