الرأي

دفاع عن الحق بـ”الباطل”

ح. م

من حق أساتذة التربية الإسلامية المدافعين عن “خبزة” أبنائهم، أن يرافعوا ويُضربوا ويقاضوا وزيرة التربية السيدة نورية بن غبريط، ويطالبوا ببقاء مادتهم الدراسية، التي هدّدت، بل وباشرت خطوات متقدمة لنسف مادة التربية الإسلامية من المقررات الدراسية، وخاصة من الامتحانات الفاصلة، في حياة الطلبة، وهو مطلب شرعي لأستاذ، وجد نفسه _ ربما بالصدفة _ يُدرّس مادة حاسمة، للأسف الكثيرون لا يطبقون مبادئها، ولكن ليس من حقهم أن يزعموا بأنهم يدافعون بمطلبهم وحربهم على السيدة بن غبريط، على الهوية الوطنية، لأن السؤال الكبير والمحرج، الذي لا جواب له: هو لماذا لا يدافع عن الهوية رفقتهم، أيضا أساتذة الرياضيات والإنجليزية واللغة العربية والرياضة البدنية، إذا كان هدف هؤلاء الأساتذة هو هوية الشعب وليس لقمة العيش؟

القاعدة الحياتية تقول بأن قوة أي إنسان تأتي من ضعف الآخر، فكما يتقوّى الغرب ومنهم “كمشة” من اليهود على العالم الإسلامي المترامي الأطراف في كل القارات، والممزق إلى مذاهب، بين سلفي لا يعرف عن السلف الصالح غير القشور، وشيعي وهو ليس من شيعة أي من الصالحين، يتقوّى الآن التغريبيون في الجزائر على الداعين للغة العربية وللتربية الإسلامية، بعد أن لاحظوا سوء أدائهم، كما هو واضح في المستوى المنحط الذي بلغته المدرسة العربية في الجزائر، في تعليمها، وللأسف أيضا في تربيتها.

سؤال آخر محرج لا نجد له جوابا، وهو الصمت المطبق المخيّم على عامة الناس، وهم يتابعون ما يحاك لمدرستهم من تغريب وتهجين، ودفع نحو الزمن الفرنسي السابق، بحجة أن الكثير من العلوم “تخرّبت” منذ أن “تعربّت”، بالرغم من أن الجميع يعترفون بأن التعليم في الجزائر تدهور فعلا، ولكن في كل مواده بما في ذلك اللغة الفرنسية التي فقدت متقنيها، وهذا الصمت يعني بأن أساتذة التربية الإسلامية، لم يزرعوا في المجتمع ما يجعلهم يجنون من تعاطفه، وصار مؤسف أن نرى أساتذة في التربية الإسلامية، لا يمتلكون من المادة التي يُدرّسونها سوى ما ينطقونه على ألسنتهم، والدليل على ذلك، سقوطهم أمام أول ريح تغريبية هبّت عليهم، من دون أن يجدوا سندا من أساتذة بقية المواد، ولا من الطلبة، ولا من الأولياء.

حكاية تهميش أو إلغاء مادة التربية الإسلامية من المقررات الدراسية، هي كارثة وطنية، بكل المقاييس، لو زرعت هذه المادة في المجتمع ما تمنيناه، منذ أن طُرد المستعمر من بلادنا، وحكاية تعويض اللغة العربية بالفرنسية، هي استعمار جديد يريد النيل من الهوية، لو كان القائمون على اللغة العربية في مستوى المسؤولية، لكن أداء الأساتذة في عمومهم في السنوات الأخيرة، من خلال سعيهم المادي على حساب المستوى العام، جعل المجتمع لا يهتم بهذه الصراعات، على أهميتها، ويرى بأن أساتذة التربية الإسلامية وأساتذة اللغة العربية يدافعون عن حق.. ولكن بوسائل بائدة وباطلة؟  

مقالات ذات صلة