الرأي

رائحة‭ ‬الموساد

رشيد ولد بوسيافة
  • 6169
  • 8

الضربة الموجعة التي تلقتها مصر أمس، بمقتل 15 جنديا في مدينة رفح، وما تبع ذلك من تطورات خطيرة تمثلت في إحكام الإغلاق على قطاع غزة، وتدمير الأنفاق كلها طعنة قوية في ظهر الثورة المصرية التي كان من أولى ثمارها تخفيف الحصار على غزة بفتح معبر رفح والتساهل في موضوع‭ ‬الأنفاق،‭ ‬وكذا‭ ‬الاستقبال‭ ‬المميز‭ ‬لإسماعيل‭ ‬هنية‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

وتسجل بذلك أكبر مفارقة في العلاقة بين مصر وقطاع غزة، إذ لم يسبق أن استهدفت الأنفاق بهذا الشكل من قبل.. ولم يحدث ذلك حتى في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي كان يضرب حصارا على القطاع أشد من الحصار الذي تضربه عليه إسرائيل، فقد أمر وزير الدفاع المصري المشير‭ ‬طنطاوي،‭ ‬حرس‭ ‬الحدود‭ ‬بتفجير‭ ‬وتدمير‭ ‬كافة‭ ‬الأنفاق‭ ‬الرابطة‭ ‬بين‭ ‬مدينتي‭ ‬رفح‭ ‬المصرية‭ ‬والفلسطينية،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬هذه‭ ‬الأنفاق‭ ‬كمصدر‭ ‬القوت‭ ‬الوحيد‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭.‬

وبغض النظر عن منفذ هذه الجريمة في حق جنود صائمين مهمتهم حراسة الحدود، فإن رائحة الموساد تشتم من بعيد، ذلك أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر منها لأنها ضربت عدة عصافير بحجر واحد في ذات الوقت، فهي من جهة وضعت مصر في أسوأ موقف منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد مبارك، ومن جهة أخرى دفعت بالجيش المصري إلى المواجهة المفتوحة مع الجماعات المتطرفة والمنفلتة في صحراء سيناء، هذه الجماعات مستفيدة من ضعف التواجد الأمني المصري بحكم معاهدة “كامب ديفيد” التي تحد من عدد الجنود المصريين في سيناء.

قد يكون مجلس شورى المجاهدين أو أية جماعة منفلتة نفذت الهجوم على المركز الأمني المصري، لكن الواضح أن الهجوم جاء في إطار تهيئة المنطقة لوضع جديد يخدم إسرائيل ويجعلها في مأمن من أي خطر يأتيها من الجبهة المصرية، وعليه فإن بصمات الموساد تبدو واضحة في هذه العمليات‭ ‬المعقدة‭.‬

وقد‭ ‬بدأت‭ ‬النداءات‭ ‬بالفعل‭ ‬لتكون‭ ‬صحراء‭ ‬سيناء‭ ‬تحت‭ ‬الحماية‭ ‬الدولية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬أجنبية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لتكون‭ ‬حصنا‭ ‬منيعا‭ ‬يحمي‮ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬تهديدات‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬المصرية‭.‬

مقالات ذات صلة