الجزائر
الفنانة والناشطة حورية حسني لجواهر الشروق:

راسلت وزير الثقافة ليلتفت إلى التراث الوطني المسروق

الشروق أونلاين
  • 3958
  • 34
ح.م

هي صاحبة فكرة الحملات الوطنية الأولى من نوعها التي نظمت قبل أشهر، للترويج بالتراث الجزائري والدفاع عنه ضد المنتحلين. وليس هذا فحسب بل قدّمت مجهودات جديرة بالتقدير ترويجا للسياحة في الجزائر، كان آخرها توجيه الدعوة للرحالة الكويتي الشهير ابن فطوطة الذي لبّى دعوتها وحلّ مؤخرا ضيفا بالجزائر.. إنّها الشابة الموهوبة حورية حسني.

للمرة الثانية تواصلت جواهر الشروق مع صاحبة حملة “اِلبس جزائري في العيد” التي تبنّتها الكاتبة أحلام مستغانمي، لمعرفة تفاصيل نداءاتها الموجهة إلى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، التي كانت وراء اتخاذه لقرار تصنيف التراث في اليونيسكو، ومواضيع أخرى في الحوار التالي:

ممكن تقديم نبذة مختصرة عنك لقرّاء جواهر الشروق؟

حورية حسني؛ ممثلة ومصورة فوتوغرافية وناشطة ثقافية، أنحدر من عائلة فنّية هي عائلة “حسني” من مدينة بسكرة، درست السكريتارية والتصوير الفوتوغرافي، ودخلت إلى مجال الفنّ من بوابة المسرح، ومن ثمّ إلى الدراما. حيث خضت أول تجربة درامية لي بدور البطولة في مسلسل “البطاقة البيضاء”. أهوى المطالعة وفنّ التصوير والبحوث التاريخية. 

ما الدافع الذي قادك لفكرة إنشاء منظمة الكترونية تعنى بحضارة وتراث الجزائر  بدل استغلال مواقع التواصل للتشهير بنفسك كفنّانة على غرار الكثير من الوجوه الفنية الشابة؟ 

دافعي الأول هو حب الوطن واكتشاف تاريخنا، وإظهاره للجزائريين وللعرب حتى يتعرفوا عليه أكثر، في ظل استفحال ظاهرة الانتقادات السلبية، وجلد الذات أردت أن أتكلم عن الإيجابيات كخطوة أولى لتبديد النظرة السوداوية التي ينظر بها الكثير من الشباب للبلاد، والإنهزامية التي تتضح جليّا في كلامهم، وكانت مواقع التواصل الإجتماعي هي السبيل الأقرب والأسهل، منذ حوالي تسع سنوات كانت بدايتي في المنتديات، بعدها انتقلت إلى الفيس بوك سنة  2011 وأنشأت صفحة “ناس الجزائر” و بعدها قمت بفتح قناة خاصة على اليوتوب وحاسابات في التويتر والإنستغرام كلها باسم “إكتشف الجزائر” وكانت أول حسابات تُعنى بحضارة وعادات وتقاليد وجمال بلادنا والتنوع البيئي والثقافي الذي تزخر به لتتحول مع ارتفاع عدد المتابعين والمشجعين إلى منظمة الكترونية، وجاء ذلك بالتزامن مع موجة السطو العلني لتراث الجزائر ونسبه لبلدان الجوار، كانت صدمة قاسية وأنا أرى أنّ لباسنا التقليدي، أطباقنا، عاداتنا، وحتى شخصياتنا التاريخية أصبحت بقدرة قادر ليست جزائرية بل مغربية أو تونسية وهي المعلومات المغلوطة التي يستهلكها الإعلام العربي وحتى الغربي ويعيد ترويجها دون بحث أو محاولة التأكد من مصدرها، أصبحنا نرى ونسمع ونقرأ أنّ القندورة القسنطينية والجبادور والكاراكو العاصمي والقفطان الجزائري كلّها ألبسة من التراث المغربي.

دفاعي عن التراث الجزائري لم يكن مجرد كلام إنشائي بل اِعتمدت على البحث من خلال جمع المصادر التاريخية من وثائق وصور وكتب، وكنت أنشرها في شكل بحوث قصيرة مدعمة بالصور والوثائق والهوامش، فبدأت أتلقّى الهجومات، وتعرضت حساباتي لمحاولات الإختراق والغلق عدّة مرّات. وأكثر ما حزّ في نفسي هو الصمت الغريب لوزارة الثقافة، والغياب التام لجمعيات أو منظمات وطنية خاصة بالدفاع عن التراث لا رسمية ولا مدنية.

قلت أنك تعتمدين في دفاعك عن التراث الجزائري على البحوث والوثائق التاريخية هل من نموذج مختصر على ذلك؟

على سبيل المثال قمت ببحث مفصل عن لباس القفطان الذي تتضارب المعلومات حول أصوله، فهذا اللباس الذي أصبح يعرض في أشهر دور الأزياء العالمية على أنّه مغربي كان في الأصل لباسا فارسيا خاصا بالرّجال فقط، ثم انتقل إلى العثمانيين ومنه إلى الجزائريين، فطوّرته المرأة الجزائرية وصمّمت أول قفاطين خاصّة بالنساء في التاريخ، وأضافت لها بصمتها الخاصة وأصبحت تصدّر إلى الخارج، ومنه نقله الجزائريون إلى المغرب وهذا بشهادة المؤرّخ المغربي “إدريس بوهليلة” الذي ذكر في كتابه:  “الجزائريون في تطوان” صفحة 127 الفقرة التالية: “بين الشرق والغرب الشمال والجنوب أزياء جزائرية مختلفة التصميم لكنها اتفقت أن تشكل الطابع و اللمسة الجزائرية الأصيلة.. فالقفطان الجزائري هو لباس عثماني رجالي في الأصل دخل الجزائر وبعدها المرأة الجزائرية طوّرت فيه وأبدعت فيه وصار قفطانا خاصا بالنساء الجزائريات، وعند سقوط الجزائر بيد المحتل الفرنسي هاجر الجزائريون إلى تطوان وبطبيعة الحال أخذوا معهم حرفهم وعاداتهم وتقاليدهم ومن بينها القفطان الجزائري”.

راسلت  وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي ماذا تضمنت مراسلاتك له وما كان كان ردّه؟

قمت بمراسلة وزير الثقافة ليلتفت إلى موجة السرقات المتتالية لتراثنا والتحرّك الجادّ للدفاع عنه، لأنّ الأمر ليس بالهين، بلدا بحجم الجزائر أصبح بالنسبة لبعضهم لا يملك حضارة أو تاريخا، والأدهى والأمر أن هذه المغالطات أصبحت حقائق ومسلّمات لدى الكثير من العرب وحتى الجزائريين ذاتهم.

الغريب أن وزير الثقافة – الذي أوجه له خالص شكري على اهتمامه بنداءاتي- كان لا يعلم شيئا عن موضوع السّرقات المقصودة للتراث الجزائري من طرف بعض الفنانين والمنظمات والجمعيات ودور التصميم والأزياء المغربية. وعندما قمت بمراسلته وعدني بأنه سوف يحقّق فيما يحدث، وهذا ما كان بالفعل حيث قام بنشر مقطع فيديو على حسابه يعلن فيه قرار تصنيف التراث الجزائري وحمايته من السطو والانتحال.

كنت جنديّ الخفاء في الحملات الوطنية التي شارك فيها العديد من الإعلاميين والفنانين والمثقفين الجزائريين حدثينا عنها؟

أطلقت العديد من الحملات الدفاعية عن التراث من خلال هشتاغات، كانت السبب في انتباه العديد من الشخصيات الجزائرية الإعلامية والفنية إلى موجة السرقات التي تعرض لها تراثنا، وانظموا إلى الحملة من بينهم الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي.

السيدة أحلام مستغانمي كانت من أهم المتابعين لحسابي وأعجبتها طريقة طرحي للمواضيع، واتصلت بي وشجّعتني و دعمتني كثيرا لأنها إنسانة راقية محبة تحمل حبّا كبيرا للوطن، في ظلّ غياب الجميع وهي أول من اهتم بنداءاتي وتبنّت حملاتي الدفاعية عن تراثنا وأصدرت هاشتاق “كن جزائريا في الخامس جويلية” الذي تحول إلى حملة وطنية وصل صداها إلى خارج حدود الوطن وقد تصدّر الترند وتكلم عنه الإعلام الداخلي والخارجي.

أيضا أطلقت هاشتاق اِلبس جزائري في العيد، وكانت مستغانمي من السباقين إلى دعم الحملة، إلى جانب العديد من الشابات الجزائريات كنّ بحق مناضلات غيورات عن الوطن، وآلاف الجزائريين قمنا بتوحيد الفكرة، وعملنا بجهد و كان هدفنا هو نجاح الحملة وأهم شيء مراسلة أكبر عدد ممكن من الوجوه الفنية والإعلامية والرياضية داخل الوطن وخارجة، ليرتدوا ألبسة تقليدية في عيدي الفطر والأضحى خاصة الذين يظهرون على الفضائيات، الحملة وبحمد الله وتوفيقه حققت نجاحا كبيرا جدا، وتحدث عنها الإعلام المحلي و العربي  لسنتين على التوالي.

مؤخرا حطّ الرحالة الكويتي ابن فطوطة رحاله بالجزائر بدعوة منك وقمت باستضافته في مدينة قسنطينة كيف كان انطباعه؟ 

الرحالة ” ابن فطوطة ” متابع قديم لحسابي وقد اتصل بي وكان يريد زيارة الجزائر،  لكنه كان متردّدا، وطلب منّي أن أقترح عليه الولايات التي يمكن أن يزورها وكيف يمكنه المجيء. وأنا نسقت له الرحلة حيث قمت بعمل إعلان في حسابي وجاء الرّد من الأخ أحمد داوود وعرفتهم ببعض، وبعدها جاء بن فطوطة إلى الجزائر والتقيت به في مدينة قسنطينة، وكان دوري هو التعريف بعادات وتقاليد هذه المدينة العريقة من أكل وملبس والحمد لله كانت الرحلة ناجحة جدا، تذوّق فيها الأطباق القسنطينية التقليدية وزار محلات الملابس التقليدية ومحلات صنع الأواني النحاسية والعديد من الأماكن السياحية والأثرية في المدينة بإشراف من وكالة سياحية، بالنسبة لانطباعه بشكل عام لا يمكنني وصف شعوره لأنه بصراحة انبهر بجمال قسنطينة بشكل خاص والجزائر بشكل عام واعتبرها البلد المظلوم لكونها تملك كل المقومات لتكون بلدا سياحيا  بامتياز.

وللعلم فهو ليس الوحيد الذي اتصل بي يوجد قبله من اتصلوا بي وحضروا للبلاد وحاليا تصلني الكثير من الطلبات من إخواننا العرب لزيارة الجزائر واكتشافها. 

مقالات ذات صلة