الجزائر
عصابات تستغلهم مقابل توفير النقل والمأوى

رغم غلق الحدود.. متسولون أفارقة يغزون المدن!

نادية سليماني
  • 3687
  • 7
أرشيف

شكّل الظهور المفاجئ للمتسولين الأفارقة عبر مختلف الولايات، وتنقلهم بين مختلف الأماكن، علامات استفهام حول الجهات التي تحركهم وتنقلهم من منطقة إلى أخرى.. ليؤكد مواطنون أن عصابات من جزائريين تستغل الأفارقة لممارسة مهنة التسول، مقابل توفير لهم المبيت والتنقل، وتختار لهم أماكن التسول.

عادت كثير من العائلات اللاجئة من دول افريقية إلى الجزائر، لممارساتها القديمة في التسول، فباتت تنتشر في الطرقات والشوارع مستعطفة المارة وأصحاب المركبات، في منظر مسيء لصورة البلاد، فيما توارى المتسولون السوريون عن الأنظار مؤخرا.

وفسر البعض معاودة ظهور المتسولين الأفارقة، باستغلالهم من طرف عصابات مكونة من جزائريّين، تتقاسم معهم أرباح التسول، مقابل توفير لهم المبيت ووسائل التنقل. وكشف مواطنون تحدثوا إلى “الشروق” أنهم شاهدوا بأعينهم سيارات يقودها جزائريون، تنزل كل صباح، عائلات من الأفارقة مكونة من نساء ورجال وأطفال، لتعود لنقلهم مجددا عند نهاية اليوم.

فمثلا على مستوى مفترق الطرق بحي البدر بالقبة، أكد أصحاب المحلات المتواجدة بالمكان، أن كثيرا من المتسولين يحضرون إلى المكان حوالي السابعة صباحا، على متن سيارات نفعية يقودها جزائريون، حيث يتم إنزالهم جميعا في مفترق الطريق، ويتفرقون بعدها. أين يتخذ كل واحد له مكانا للتسول، وتعود السيارات نفسها لتنقلهم مساء.

كما أخبرنا صاحب مطعم بالشارع نفسه، بأن إفريقيًّا يقصده كل مساء لمنحه “الصّرف”، أعلمه بأن شخصا جزائريا يوصلهم دائما إلى مختلف المناطق للتسول، وهو من يوفر لهم المبيت في مسكن بطور الإنجاز ويضمن لهم التنقل عبر مركبته، وذلك مقابل تقاسمهم لأموال التسول معه.

وبمفترق الطرق ببوشاوي، أكّد لنا أحد المواطنين، يمر عبر تلك الطريق يوميا، أنه يشاهد كل صباح سيارة من نوع بوجو 206 تنزل عددا من الأفارقة المتسوّلين في المكان نفسه.

يتعاقدون مع “كلوندستان” ينقلهم إلى مختلف المناطق..

فيما تفضل عائلات أخرى من الأفارقة “التعاقد” مع كلوندستان أو سائق سيارة أجرة لينقلهم يوميا، إلى مختلف الأماكن التي يتسوّلون فيها، كما يرشدهم إلى المناطق التي تدرّ عليهم أموالا أكثر.

وفي ظاهرة أخرى، شاهدناها في بعض المناطق، يستغل جزائريون أطفالا أفارقة في مهنة التسول، خاصة أن الطفل الإفريقي معروف بإلحاحه الشديد و”شطارته” في تجميع المال من المواطنين.

وحتى متسولون جزائريون، بعدما باتت هذه “المهنة” لا تدر عليهم كثيرا من المال مؤخرا بسبب انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، باتوا يتفقون مع الأفارقة، حيث يتركون لهم أماكن التسول مقابل مبلغ من المال، ويزيد السّعر كلما كان مكان التسول “استراتيجيا”، على غرار أبواب المساجد والمخابز والمطاعم، وخاصة في الأحياء الراقية أو ذات الكثافة السكانية.

جزائريّون ينتحلون صفة السورييّن للتسول..

بينما اختفت نوعا ما العائلات السورية التي كانت منتشرة وبقوة في الشوارع، قبل ظهور جائحة كورونا. والمتسولون الموجودون حاليا في الشارع ويتكلمون اللهجة السورية، إنما هم جزائريون “محتالون”.. ففي الشارع الرئيس ببلدية القبة، تجلس يوميا مجموعة من النسوة رفقة أطفالهن، يستعطفن المارة بلهجة سورية، ويحملن لافتات يطلبن فيها المساعدة، وبمجرد ابتعاد المواطنين يشرعن في الحديث بالعامية الجزائرية، بل ويتناولن غداءهن عند بائع “الشاورما” المجاور، أين يصل سعر الساندويتش 250 دج، فحتى الموظف لا يمكنه تناوله لغلائه!! وهو دليل على ما تدره مهنة التسول من أموال على أصحابها، وهو ما جعلهم يشكلون عصابات وشبكات للتحكم في هذه “المهنة”.

وفي الموضوع، أكدت رئيس الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، لـ “الشروق” أن الجزائر عملت كل ما بوسعها لحفظ كرامة النازحين سواء كانوا مهاجرين من إفريقيا أم سوريا، وأمّنت لهم كل ضروريات عيش حياة كريمة، ومع ذلك “بعضهم فضل الخروج إلى الشوارع للتسول سواء بصفة إرادية أم بإيعاز”.

وأضافت: نحن كهيئة وفي ظل جائحة كورونا “اجتهدنا لحماية اللاجئين من الفيروس، وضمان لهم المأوى والمأكل والفحوصات الطبية، ولكن كثيرا منهم يغيرون مكان إقامتهم دوريا ويختفون عن الأنظار، فتجدنا نركض خلفهم في كل مرة”، حسب قولها.

وتتأسف محدثتنا لانخراط المهاجرين في ظاهرة التسول، التي يعاقب عليها القانون الجزائري، وتشدّد العقوبات عند استغلال الأطفال القصر في هذه العملية، وقالت: “المؤسف، أنه عندما قامت الجزائر وبالاتفاق مع السلطات النيجيرية، لإعادة ترحيل مواطنيها من الجزائر اكتشفنا وجود 10 آلاف طفل قاصر دون مرافق، وهؤلاء كانوا يستغلون في التسوّل في بلادنا”.

وأكدت أن أجهزة الأمن قامت بدور إيجابي لمحاربة ظاهرة المتاجرة بالبشر واستغلال الأطفال في التسول.

وتمنت بن حبيلس أن تلتفت الدول العظمى والهيئات الحقوقية العالمية والمنظمات الإنسانية، إلى معاناة النازحين عبر العالم، الذين أجبرتهم الحروب والصراعات والنزاعات القبلية والفقر على مغادرة أوطانهم، ولا يمكن لنا إغلاق الأبواب في أوجههم.

وبدورها، أكدت لنا منسقة برنامج “نحن في الاستماع” بجمعية حماية الطفولة “ندى”، مليكة شيخة، أن القانون الجزائري، يجرم ظاهرة استغلال الأطفال في التسول مهما كانت جنسيتهم، سواء جزائريين أم أفارقة أم سوريين، وأضافت: “رغم أنه لم تأتنا قضايا في هذا السياق، لكن الظاهرة موجودة، أكيد، ولطالما شاهدنا متسولين أطفالا في الشوارع، ولكن في حال مرور دورية لمصالح الأمن فسيلقى القبض على مستغلي الأطفال”.

مقالات ذات صلة