الرأي

زعلان.. و”رمزية” شركة الطيران!

قادة بن عمار
  • 1335
  • 4
ح.م

من غير الطبيعي أن يربط وزير النقل عبد الغني زعلان بين ما يحدث داخل شركة “الجوية الجزائرية” من مشاكل وبين سمعة البلاد، قائلا في آخر تصريحاته إن “الاحتجاجات المتكررة بالشركة تشوّه صورة الجزائر”! فهل سمعتم يوما أحد المسؤولين في فرنسا مثلا، والتي يحب كثير من “حكامنا” و”نخبتنا” الاستشهاد بها، يتهم المضربين في النقل الجوي أو بالسكك الحديدية “منذ أشهر” أنهم يشوّهون صورة فرنسا وسمعتها؟!
الوزير زعلان ينطلق من نظرة خاطئة تجعل المؤسسة التي تعيش إفلاسا حقيقيا على مستوى الميزانية ورداءة غير مسبوقة في الخدمات، رمزا من رموز البلاد، رغم أن الجميع، إلا قلة مستفيدة، ترى فيها رمزا حقا، لكن للرداءة وسوء التسيير!
زعلان سبق له التصريح بمجرد تنصيبه على رأس القطاع أن “الجوية الجزائرية لن تباع ولن تشترى، لأنها شركة تحمل اسم الجزائر وترفع الراية الوطنية،” تصريح لا نعثر له على شبيه حتى في دولة كوبا، كما لا نجد له تفسيرا مقنعا ولا نعلم ما محلّه من الإعراب اقتصاديا وسياسيا، بالنظر لما تعيشه المنظومة الاقتصادية الدولية في الوقت الراهن.
ولو صدقنا الوزير ومن خلفه الحكومة أن هنالك رعاية خاصة للجوية الجزائرية باعتبارها “أحد الرموز الوطنية”، فالأكيد أن تلك “الرعاية” كانت ستمنع عنها المشاكل العديدة وتجنبها الأزمات المتكررة، لكن ما حصل على امتداد سنوات وعقود سابقة يعاكس ذلك تماما، فأبسط عامل بالشركة سيروي لك، دون عناء، قصصا مهولة عن واقع الشركة وما تعيشه من محسوبية في التوظيف وفضائح مالية في التسيير وعن مسلسل تعاقب المدراء وإقالة مسؤولين بارزين مع إحالة آخرين على القضاء وفتح تحقيقات أمنية زيادة طبعا على سوء الخدمات وتأخر الرحلات، واقتناء الخردة من الطائرات والانسداد الحاصل ما بين الإدارة ومختلف النقابات!
كل هذا، ثم يقول الوزير إن الشركة تحمل الراية الوطنية وتمثل رمزا لا يجب التخلي عنه، فماذا لو كان العكس هو الصحيح؟، لا بل إن زعلان وجميع من سبقوه في القطاع لم يضبطوا بعد وصفهم المناسب لما تعيشه “الجوية الجزائرية”، هل هو إفلاس حقيقي أم صعوبات مالية أم سوء تسيير؟ !
السلطة تضخّ الأموال في ميزانية الشركة اعتقادا أنه الحل (آخرها قرض بملياريْ دولار من الصندوق الوطني للاستثمار) كما غيرت عددا من المسؤولين والإطارات ظنّا منها أن تبديل الأشخاص سيغيّر شكل التسيير، لكن لا شيء من ذلك حصل، حتى اعتقدنا أن هنالك إرادة حقيقية ومبيتة لاغتيال الشركة فعلا من أجل التعجيل بفتح رأس مالها وفسح المجال لخصخصة القطاع طالما أن هنالك العديد من رجال الأعمال الذين ينتظرون صدور القرار الرسمي فقط من أجل المضي في تنفيذ مشاريعهم الجاهزة وبامتيازات جديدة من الدولة!
على الوزير زعلان وبدلا من إطلاق التصريحات، تقديم رؤية حقيقية وملموسة للوضع، فإن كان يحتاج إلى فتح المجال للخواص، مثلما تم في مجال النقل الجوي قبل أسابيع، فلا عيب في الأمر بل العيب كل العيب في فتحه لبعض الأسماء وممارسة احتكار جديد، وهو ما يخشاه الجميع، ذلك أن الخصخصة ليست شرا بالمطلق، وهي وان كان لها سلبيات وعيوب فأكبرها حين يتم تطبيقها “بالوجوه” أو بناء على “كتالوج” خاص دون استشارة الرأي العام وبعيدا عن رأي الخبراء والمختصين وفي ظلّ انعدام كامل للشفافية.

مقالات ذات صلة