الرأي

زكاة الفقراء للأثرياء

عمار يزلي
  • 2470
  • 5

مع يوم عاشوراء، الذي صار في ثقافتنا العامة مناسبة لإخراج الزكاة، باعتبارها تأريخا “للحول” المالي، وجدت نفسي “عساسا” لفيلا فخمة لأحد كبار رجال “العمايل”، التي لا يزورها إلا مرة أو مرتين في السنة، وسط حي لأرباب الشكارة، وبعض الجنرالات المتقاعدين ورؤساء ووزراء ودبلوماسيين وولاة. عساس بمليون ونص على فيلا بـ15 مليار ونص! من دون حساب الأثاث وثلاث سيارات فخمة، ألعنها، “تسوى” مليار! أنا الذي بقيت 20 سنة “أعس”، وأعمل يمينا وشمالا لشراء “فرياطة” بـ50 مليوناً! جمعت المبلغ السنة الماضية، لكن لم أشتر “الكرويطة” (كنت أنوي الاستقالة من “تاعساست”، عسى أن أجد عملا أحسن: أبيع السردين والسبردين، والصباط وكتب الفيزياء والماط والأدوات المدرسية و”الما حلو” عندما يحلو لي، عامل حر مستقل!).

لم أجد سيارة مواتية لبيع الحوت بهذا الثمن. وجاء يوم عاشوراء والحول قد دار على النصاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذه أول مرة تجب علي الزكاة، فكرت أولا، في هؤلاء الجيرانالمساكين، لأن الصدقة تكون في المقربين وفي الجار ذي القربى (مع أنه ولا أحد من هؤلاء فكر فيّ طيلة 20 سنة وأنا معهم، يمرون علي صبحا ومساء وأنا قاعد علىبنكوأنش في الذباب، فيما هم، كل واحد عندهبانكةالدراهم فيها أكثر من ذباب العالم بأسره) قلت: والله أنا لست مثلهم، وهؤلاء مساكين، ربما يكون البعض منهم بحاجة إلى الزكاة لاستكمال الثروة! فهم فقراء، لأن بعضهم يضطر.. يحسن عونه.. إلى نهب الأموال والسرقات الموصوفة والابتزاز والتزوير والتدليس والاختلاس، وأحيانا كثيرة يرغمون المساكين على الاشتغال فيالحراموالدخول في شبكة المتاجرة بالمخدرات والمال الوسخ! لماذا يلجأ بعضهم إلى هذه الممارسات غير الأخلاقية؟ لأن ما عندهم، لا يكفيهم! فهم فقراء إذن! والفقير تجوز فيه الزكاة. أنا الحمد لله عندي 50 مليونا! سأخرج منها مليونا و250 ألف سنتيم أوزعها عليهم لعل الله يتوب عليهم ويقيهم شر الفساد والمال الوسخ! والسيارة أشتريها العام المقبل إن شاء الله! ورحت أضع لائحة بأسماء الجيران: بن ديمراد.. “دي ميل“! الشاذلي.. “سان ميل“.. بتشين.. “سان ميل“.. لا لا نزيد له شوية.. عنده البز!.. ثم تذكرت آخرين يسكنون في أكثر من مدينة ولكنهم يملكون فيلات بالجوار: مسكين نزار، نعطيهسات ميل، فلان، ما عندهش، ربي يغنيه، إن شاء الله.. نعطيه طرانت ميل! بن سعدون.. “طروا ميل سانك“.. لافامي نتاع العربي بلخير الله يرحمه،طروا ميل“.. شكون باقي؟ إيه.. شكيب خليل.. “دو ميل“.. مهري.. دوز ميل..! العماري، دي سات ميل..(خلى الدين موراه..!).. شكون باقي؟..

 

وأفيق وأنا أحسب ديوني: الحانوت يسال ليدوز ميل، مول الخبز.. “طروا ميل، الضو، مازال ما جاش، الماء ميتين.. شكون باقي؟

مقالات ذات صلة