الجزائر
"الشروق" رافقت أعوان قمع الغش في خرجة ميدانية

زلابية بالصراصير.. سلع قاتلة وجزائريون يشترون الموت!

كريمة خلاص
  • 11310
  • 15
تصوير: بشير زمري
هذه الزلابية التي تأكلون

وقفت “الشروق” خلال خرجة ميدانية مع أعوان الرقابة وقمع الغش التابعين لمديرية التجارة لولاية الجزائر على تجاوزات بالجملة لتجار دفعهم الجشع والطمع والرغبة في الثراء خلال شهر الصيام إلى الدوس على كافة أخلاقيات الممارسات التجارية، فحضر الغش والنصب والاحتيال والقذارة والتلاعب بأرواح ملايين المواطنين في جميع مجالات البيع سواء الحلويات الشرقية على غرار الزلابية، قلب اللوز أو العصائر مثل الشاربات خصوصا وحتى اللحوم التي تعد سيدة موائد رمضان لم تسلم هي الأخرى من الأمر…

المفارقة العجيبة هي الضرب بيد من حديد ضد كل من يثبت ارتكابه لمخالفة بينما الوقوف عاجزين أمام البيع العشوائي لمواد حساسة جدا على الصحة العمومية الذي استفحل على الأرصفة مثل الأجبان والياغورت والمايونيز وبعض الصلصات التي يستوجب حفظها في درجات حرارة منخفضة.

وأكد أعوان التجارة أن ذلك خارج صلاحياتهم، فهو من مهام الأمن العمومي والبلديات ما أثار انزعاج التجار الشرعيين، متسائلين كيف يحاسبون هم على أتفه المخالفات بينما يترك الحبل على الغارب للمتلاعبين الحقيقيين جهارا نهارا بحياة المستهلكين؟.

الفرقة الميدانية لأعوان التجارة كانت مكوّنة من العياشي دهار مفتش رئيسي بمديرية التجارة لولاية الجزائر وفريد كمو مفتش رئيسي لقمع الغش بالمديرية ذاتها..عونان يملكان من الكفاءة والمهارة في الرقابة ما يجعلهما يترصدان جل المخالفات ويدفعان أصحابها للتصريح بها علنا بعيدا عن اللّف والدوران والمراوغات التي كثيرا ما يلجأ إليها هؤلاء…

شاربات مجهولة وزلابية بعسل الصدأ والصراصير

البداية كانت من بعض المحلات المحاذية للسوق البلدية لباش جراح، حيث جلب انتباه الأعوان وجود أكياس بلاستيكية مجهولة الهوية مملوءة بالشاربات ولما سئل عن محضرها لم يعثر له على أثر، فالمعني متفق مع محلات عديدة بالمنطقة يحضر لها الكمية صباحا ويغادر حسب ما فهم الأعوان من أحد العاملين بالمحل.

عدم وجود أيّ دلالة على مصدر المنتوج أثار انزعاج أعوان الرّقابة وصرح فريد عكو في السياق أنّ الملوّنات التي وضعت دون معرفة الكمية الخاصّة بها وبحمض السيتريك والماء الذي تخلط به الوصفة الموجود بمحاذاة المرحاض كلها عوامل قد تعرّض حياة المواطنين إلى الهلاك بسبب العدوى التي قد يصابون بها جراء البكتيريا والجراثيم المنتشرة بالمكان وكذا الأواني غير الغذائية التي تحضر فيها والسكر المدعم الذي حوّل لأغراض تجارية، وهو ما جعل الأعوان يسحبونها على الفور من المحل.

وبنفس المكان كانت الصدمة كبيرة جدا لانعدام النظافة بشكل مقزّز تقشعر له الأبدان، فصهاريج تحضير عجينة الزلابية وسخة جدا وغير مغطاة وصهريج العسل الذي تغطس فيها الزلابية عمّه الصدأ وملأته الشوائب والحشرات وهو ما جعل أعوان الرقابة يطالبون بفتح الصهريج الآخر الذي لم يكن بحال أفضل من سابقه، فالصراصير “احتلت السطح والمادة الحديدية يقول دهار، مضرة جدا ولا تليق بحفظ المنتجات الغذائية.

أمّا المطبخ فكان في وضع كارثي تتسرب منه المياه وأرضيته مهترئة وبلاطه وبالوعاته منزوعة.

وأضاف عكو أنّ التاجر لا يتوفر على رمز النشاط حيث يخول له البيع وليس الإنتاج مثل ما يفعل، كما أنه ينشط أسفل عمارة ويتوفر على 7 قارورات غاز ما قد يحدث كارثة في حال انفجارها نظرا لوضعها في مكان صغير وفي حرارة عالية.

من جهته قال دهار العياشي إن المحل سجل به عدة نقائص ومخالفات ما جعل الأعوان يستدعون المعني إلى المديرية لتحرير محضر ضده مع اقتراح بالغلق إلى غاية تسوية الوضعية.

محلات جزارة تغش وتبيع “الخروفة” ولحما مفروما مسبقا

المحطة الثانية كانت محلات بيع الجزارة داخل السوق البلدية، حيث وقف الأعوان أيضا على جملة من المخالفات أهمها فرم اللحم مسبقا وهو يعد ممنوعا بحسب أعوان الرقابة إذ حرر دهار العياشي المخالفة على الفور، وبمحل مجاور ارتفع طلب المواطنين عليه الذين اصطفوا في طوابير بدت أسعاره معقولة، تقرب العياشي دهار من صاحب المحل وسأله إن كان يبيع لحم الخروفة فأنكر التاجر لكن حنكة ودهاء وخبرة عون الرقابة جعلت التاجر يعترف ويخجل من نفسه بعد أن انكشف كذبه، وحسب المحادثة التي دارت بين الطرفين فإن المحل لا يصرح بذلك ولا يعلم زبائنه بالأمر ويبيعهم لحما مغشوشا على أنه لحم خروف.

دهار قال متحدثا للشروق إن تسويق لحم الخروفة ممنوع لتهديده الثروة الحيوانية والاقتصاد الوطني ويعتبر جنحة يعاقب عليها القانون 04/82 من المادة 429 إلى 431 .

من جهته وقف فريد عكو على مخالفات أخرى تخص عدم إشهار الأسعار وعدم وجود ملصقات تخص بيع الدجاج تحتوي عادة على اسم وعنوان المذبح وتاريخ الذبح ورقم الاعتماد الذي تمنحه وزارة الفلاحة والشهادة الصحية وهو خطأ صادر من المذبح ينبغي أن يتفطن له التجار يقول عكو…

فجأة.. محلات تغلق خشية “الكونترول” وتجار ينتفضون…

انتشر سريعا خبر وجود “الكونترول” داخل السوق فلم نشعر، إلا وأغلب المحلات مغلقة خشية ما قد يتعرض له أصحابها من متابعات قانونية… وما بقي منها ثار في وجه الأعوان بخصوص كثير من ظروف تهيئة السوق سيما انعدام الماء حيث تساءل التجار كيف لأعوان التجارة محاسبتهم على نظافة واحترام شروط البيع والسوق بكاملها غير مزوّدة بالمياه، ليلتف الجميع وتتعالى الأصوات وكادت أن تنسب شجارات بين التجار بسبب ملاسنات البعض لولا حسن تعامل أعوان الرقابة مع الموقف وتلطيفهم الأجواء.

مواطنون يدينون أعوان الرقابة ويدافعون عن تجار أجرموا بحقهم

من المواقف المخزية للمستهلك في بلادنا ليس جهلهم فقط بما يستهلكه وعدم بحثه في الأمر، بل دفاعهم عن بعض التجار الذين أجرموا بحقهم وانقلابهم على من يحاول حمايتهم، حيث انتفضوا في وجه أعوان الرقابة مؤكدين أن تجارهم نزهاء وأن الأعوان أخطأوا العنوان، لكن العياشي دهار وفريد عكو لم يأبها لكل الاستفزازات التي لحقت بهما وواصلا عملهما.

وبينما كان أحد المواطنين يمدح الجزار حتى اكتشفت لديه بعض المخالفات ورغم ذلك قال لنا “44 عاما وأنا أشتري اللحم من هذا المتجر ولم يحدث أبدا لنا أي مشكل فدعوه يعمل في سلام”.

مواطن آخر أبان عن تضامن كبير مع تاجره ليكتشف بعدها أنه يبيعه لحم “خروفة” دون التصريح لكن رغم ذلك لم يهادن ولم يتراجع عن تصريحاته النارية ضدهم.

مواد استهلاكية حسّاسة على الأرصفة والتدخل ليس من صلاحيات التجارة!

أوّل ما يلفت انتباهك على الطرقات هو الانتشار الفظيع للبيع العشوائي غير الشرعي لمواد استهلاكية حسّاسة جدا على الأرصفة، وتحت أشعة الشمس اللافحة بعيدا عن مقاييس الحفظ الصّحية ودرجات البرودة الواجب توفرها، ناهيك عن الوسم ومصدر المنتوج، حيث يعرض بعض الأطفال والشباب كميات من منتجات مشتقات الحليب على غرار الأجبان والياغورت والزبدة والمارغرين وحتى المايونيز والصلصات والكاشير والباتي وما شابه ذلك، لكن ما يعجب له هو عدم تمكن أعوان قمع الغش لمصالح التجارة من التدخل للقضاء على هذه الممارسات رغم أنّها تندرج ضمن الممارسات التجارية غير الشرعية، وهي موكلة في مجملها للسلطات المحلية والأمن العمومي التي تصطدم كثيرا بهؤلاء وتعيش معهم رحلة كر وفر يومية.

مقالات ذات صلة