جواهر

زهية بن عروس: بدأت مغنية فأصبحت مقدمة للأنباء المصورة

نادية شريف
  • 36604
  • 7
خالد مشري
زهية بن عروس

هي الوجه الإعلامي النسوي الوحيد للأخبار المصورة في عصر الأحادية، كانت تطل علينا مساء كل يوم في سنوات التسعينيات.. فترة أرغمت الكثير من الرجال على التخفي خوفا من ويلات الإرهاب، لكنها لم تكن كذلك

ارتبط إسمها بنشرة الثامنة.. سحرت أعين الناس حتى ملكت قلوب أبنائنا وأجدادنا، تحدثت إلينا بعفوية المرأة الخلوقة وجرأة المرأة السياسية وحنكة حواء الإعلامية.

أعادت لنا رسم طريقها الذي شقته منذ الصغر من أغنية “كل حاجة” لعبد الحليم.. مرورا بالتلفزة الوطنية حيث تربعت على عرش الثامنة قرابة عشريتين ووصولا إلى مجلس الأمة وعضوية الأرندي، فكان معها هذا الحوار.

كيف كانت البداية كوجه إعلامي وتلفزيوني؟

كانت البداية في تقديم نشرة الأخبار لأول مرة في سنة 1980 بدون انقطاع إلى غاية 1997، بدأت العمل في التلفزيون مباشرة بعد حصولي على شهادة البكالوريا، التحقت بالتلفزيون في عمر 17 سنة كأول إعلامية في زمن الأحادية.

لم يكن الوصول إلى منصب تقديم نشرة الأخبار وليد الصدفة.. ربما هناك عوامل ساعدت على ذلك، هلاّ نعرف أهمها؟

بالفعل، فقد كان الوالد مصورا سنمائيا، كانت له معارف عديدة استطاع من خلالها ربط لي أول خطوة آنذاك في التلفزيون في عهد مدني حواس مدير التلفزيون، وكذا علي غراس ومحمد ملايكة، من خلالها قمت بأول تجريب لتقديم نشرة الثامنة، ومن جهة أخرى كان في ذلك الوقت منتشر كثيرا غناء عبد الحليم وفريد والمسلسلات اللبنانية من خلالها اكتسبت الجرأة اللغوية حتى ظن العديد من جيلي أنني درست في المشرق للفصاحة التي ميزتني، فقد كنت أقرأ النص في المدرسة قبل الأستاذ.

 أكيد أن أول لقاء تحت عدسة الكاميرا له تأثير خاص على كل مبتدئ، فكيف كان إحساسك في أول تجريب في التقديم؟

بالنسبة للكاميرا لم يكن لي أي تردد أو خوف، فقد اعتدت على هذا مع الوالد باعتباره مصورا، وكذا اللغة والتقديم، فقد كسبت هذا من تجاربي الشخصية، فقد كنت أسجل صوتي وأعيد الاستماع اليه، وربما لما وقع صوتي على أذان الوالد في واحد من تسجيلاتي هو السبب الذي فتح لي المجال للتجريب الأول.

 كأول وجه تلفزيوني نسائي في عهد الأحادية، نود معرفة كيف كانت نشرة الثامنة في تلك السنوات مقارنة  بعصر التعددية من بعد؟

نعم، بالرغم من الأحادية في تلك الحقبة وكانت هناك تقاليد طبعا وجب الحفاظ عليها، إلا أن هناك خدمة عمومية في تلك الفترة في مستوى المعالجة للمواضيع، وكان هناك نوع من الحرية الهامشية وحرية التصرف، فقد كنا في فترة وجب علينا الإبداع في خلق اشياء جديدة تتماشى مع تلك الفترة.

 ماذا في مرحلة التعددية؟

نعم، بعد عصر الأحادية مباشرة ودخول الجزائر في عصر آخر من التعددية الحزبية أصبحت هناك آراء وحركية كبيرة كان بموجبها الوصول إلى فترة من الإبداع ودخلنا في مرحلة نشطة جدا، فلم يحدث يوما أن لم يكن لنشرة الثامنة ضيف، وكانت لي المناسبة لدعوة العديد من الوزراء الذين عرفتهم وقابلتهم وجها لوجه في بلاطو الثامنة في تلك الفترة، ولعل الأصداء التي كانت تأتي من خارج الوطن خير دليل على ذلك، فقد وصلتنا عدة مراسلات من الكثير من الأقطار تهنئ وتعترف بتلك الحركية التي وصلت اليها الجزائر.

 عشتم في مرحلة من التاريخ عاش العالم عدة تغيرات، فيا ترى ما هي الأحداث التي علقت بأذهانكم؟

بالفعل، شهد العالم عدة تغيرات طرحت في تلك الفترة، ولعلني اتذكر العديد منها مثلا على المستوى العالمي سقوط الاتحاد السوفياتي، وكذا تهديم جدار برلين، كما عشت موت تيتو على المباشر، اما على المستوى العربي، حرب الخليج الأولى، وعلى الصعيد الوطني الحادثة التي اثرت في كثيرا استقالة الشاذلي بن جديد.

 ذرفت زهية بن عروس الدموع على المباشر لاستقالة الشاذلي، فما السر يا ترى؟

أولا، لم ابكي، لكنني اختنقت وبقيت لمدة تقريبا ثلاثين ثانية على المباشر صامتة، وهو شيء محسوب في نشرة الثامنة وكثير، بالإضافة الى انني املك الحاسة السادسة وهي قوية لدي جدا لا تقارن بأي شخص آخر وهو سبب ما حصل لي، فقد علمت ان استقالة الشاذلي بن جديد ستكون بمثابة الدخول الى نفق مظلم في تاريخ الجزائر، وقد كان بالفعل.

 كنتم من الجيل الذي عاش العشرية الدامية، كيف كان الأمر بالنسبة لكم؟

اكيد، كنت كلما ادخل المنزل مساء ادعو الله ان لا تقع مجازر اخرى او اغتيالات في حق الأشخاص وهذا لسبب واحد انني كنت في تلك الفترة المسؤول الأول عن نقل الأخبار ولم ارد ان اكون “المرسول المشؤوم”، عشت العديد من الاغتيالات: بوضياف، اسماعيل يفصح، مخلوف بوخرز، واذكر ان العديد من العاملين معي كانوا يقولون لي لماذا تنقل الأخبار من دون الماكياج امام الكاميرا، كنت استغرب، فلم احتاج اليه مادمت انقل العزاء للشعب.

 نرجع إلى بن عروس ككاتبة دولة؟

أولا، لم أندم على شيء قمت به إلا على هذا المنصب أي كاتبة دولة، والسبب أن هذا المنصب مجرد شعار، أما من الناحية التطبيقية فلم يكن لدي الكثير من الصلاحيات إن لم أقل كل الصلاحيات، ولعل الأمين الذي كان مسؤولا على الخزينة في وزارة الثقافة كان له كل الصلاحيات على عكسي، وقد عينت من طرف الرئيس زروال…

كان لنا شرف اعادة مهرجان تيمقاد، خاصة بعد فترة العشرية السوداء مباشرة، بعدها قمنا بدعوة ماجدة الرومي، لم اصدق ان الحاضرين الذين كانوا في القاعة يرددون اغانيها عن ظهر قلب، تأكدت حينها انه بالرغم من الأزمة فإن الشعب الجزائري في تلك المرحلة مازال ينبض بالحياة، من بعدها جورج وسوف وكاظم الساهر، ومن ثم وردة الجزائرية.

كما اعطينا للفنان يوما خاصا به وهي كل ما قدمته للرئيس بوتفليقة الذي اقترح علي في تلك الفترة الإذاعة الوطنية، قدمت له بعض المقترحات، ومن تلك الفترة تأكدت انه لا يجب على السياسي ان يكون صريحا.

وبعد الاعتراف الذي تلقيته من الرئيس بوتفليقة، قمت بتقديم مشاريع له التي بقيت معلقة على الورق مكتوبة، وكان من بينها “دار الفنان” و”دار الأوبرا”، وكذا خشبة للفن.

…ولو تحدثنا عن زهية بن عروس في حزب الأرندي؟

نعم، كنت من أعضاء الحزب رفقة شوقي وعزالدين ميهوبي، كنت أقوم بالحملة على مستوى العاصمة رفقة يحي قيدوم الذي كان حساسا جدا ويذرف الدموع في كل مرة ننزل على بعض المناطق في العاصمة.

 زهية دون حجاب، هل تودين ارتداء الحجاب؟

لا أظن.

 هل أديت العمرة؟

لا، لكن هذا العام إن شاء الله.

 هل لديكم رغبة في الزواج؟

نعم، بالطبع، لكن شرطي أن يكون إنسانا طيبا، لا أريد أكثر من هذا.

 هل زهية مرتاحة ماديا؟

الحمد لله، مائتان وثمانون ألف دينار مبلغ شهري.

 لو يعرض عليك منصب شغل؟

بالتأكيد، ولم لا وزيرة.

 تتابع زهية برامج التلفزيون الجزائري؟

نعم، في التلفزة الجزائرية، حصة دائرة الضوء من تقديم كريم بوسالم، أمّا في القنوات الخاصة حصة الحدث من تقديم ليلى بوزيدي.

 مقبلون على شهر رمضان، كيف حال زهية في الشهر الكريم؟

الطبخ، خاصة “الفريك” و”الكسرة”.

 العبادة في رمضان؟

الصلاة في البيت، لا أخرج إلى المسجدـ وأختم القرآن مرتين، الآذان يغرق عيني بالدموع.

 حزب الأرندي؟

لا توجد ديمقراطية ولا توجد إطارات وكفاءات ولا تداول، وكل ما لدي الأخلاق والإخلاص وهما منعدمان في الحزب.

 آخر كلمة

الاستقرار… يجب أن يدرك هذا الجيل قيمة الأمن والاستقرار، ويكفينا ما عشناه في العشرية السوداء، وشكرا على الدعوة.

* نقلا عن أسبوعية الشروق العربي

مقالات ذات صلة