سأقول الكلام نفسه حبا وليس كرها؟
أثار مضمون تعليقي على أداء اتحاد الجزائر في لقاء الذهاب من نهائي دوري أبطال إفريقيا انتقادات بعض عشاق الفريق، الذين اعتبروا ما قلته تحاملاً على النادي والمشرفين عليه، ويحمل الكثير من القسوة على الفريق، وكان من المفروض أن أجد الأعذار لذلك الأداء، وأخفف عليهم وطأة الخسارة، وأشجع اللاعبين، ولا أنتقد اللاعب المحلي والمدرب المحلي ووضعية الكرة الجزائرية الحالية التي لم ترق إلى مستوى طموحاتنا!
ببساطة، كان عليّ في اعتقاد بعضهم أن أكتفي بتهنئة الاتحاد على وصوله للنهائي، وأجد الأعذار، وأتستر على الأداء الهزيل، وعلى غابة الكرة الجزائرية التعيسة التي تغطيها شجرة المنتخب الأول بجيل من اللاعبين المحترفين والمغتربين الذين شاركوا في كأسين عالميتين متتاليتين، اعتقدنا إثرها بأننا وصلنا إلى العالمية بالكلام والديماغوجية والكذب على بعضنا.
بعض المنتقدين لتعليقي راحوا يخلطون بين أسفي وحسرتي على الأداء والنتيجة، وبين موقفي من منظومة رياضية تقوم على الخداع والكذب واستغلال مشاعر الناس وعشقهم لنواديهم ومنتخب بلادهم، لتمارس عليهم كل أشكال التحايل الذي جعلنا نعتقد بأننا الأفضل، وفي إمكاننا تكرار إنجاز الوفاق السطايفي بكل سهولة رغم قيمة المنافس التي لم نحسب لها حساباً بسبب أنانيتنا وتعالينا واحتقارنا لغيرنا!
بعضهم اعتبر انتقادي إساءة للجزائر، وكأن اتحاد الجزائر هو الجزائر، ومن ينتقد أداءه فكأنما ينتقد الجزائر التي يراد لها أن تختزل في منتخبها ونواديها ولاعبيها دون غيرهم من المجالات الأخرى والكفاءات المتعددة التي يزخر بها الوطن! وبعضهم راح يبرر انتقاده لتعليقي بأنني لم أتستر على الفضيحة أمام المشاهد العربي، وكأننا نعيش في قرية صغيرة لا يعلم عنها الآخرون شيئًا في عالم شبكات التواصل الحديثة التي تنقل كل صغيرة وكبيرة في كل وقت!
مع ذلك أقر بأنني كنت قاسياً لكن ليس على الجزائر، بل كنت قاسياً على قرار اختيار ملعب بولوغين لإجراء النهائي، وكنت قاسيا على رداءة الأداء، وقاسيا بسبب نتيجة المباراة، وتحدثت بألم وحسرة عما شاهدته من إساءة للكرة الجزائرية تسبب فيها المسيرون واللاعبون والطاقم الفني والإداري بخياراتهم، وبعض المناصرين بتصرفاتهم في نهاية المباراة!
لا أحد في إمكانه أن يزايد على الآخر في حب الجزائر، ولا يمكن استغفال الشعب بالاختفاء وراء تعليقي على المباراة للتستر على الإخفاق لأنني سأقول الكلام نفسه لو تكرر السيناريو اليوم في لقاء العودة، وسأكون أول السعداء والمهنئين لأشبال الاتحاد لو تمكنوا من تحقيق المعجزة اليوم وذلك من دون مزايدة أو مبالغة لأنه لو تحقق ذلك فسيكون بفضل شجاعة اللاعبين وإصرارهم على رفع التحدي في لومومباشي لرد الاعتبار لأنفسهم وإرضاء عشاقهم الذين يأملون ردة فعل في مستوى سمعة النادي، ووفاء عشاقه له!
يجب أن يعلم الجميع بأن الجزائر تبقى فوق كل اعتبار، وهي بلد كل الجزائريين، ومن يختزلها في فريق أو منتخب لكرة القدم، فهو الذي يحتقرها ويقلل من شأنها، ويسيء إليها وإلى سمعتها. ومن يعتقد بأنه يحبها أكثر من غيره فهو أيضا مخطئ وواهم لأن الحب لا يقاس بالكلام والأوهام، ولا بالكذب والافتراء والتهكم على الغير.
حب الوطن هو إيمان قبل أن يكون أقوال وأفعال، والفوز في كرة القدم ليس انتصارا للجزائر، والخسارة في مباراة كروية لا يمكن أن تكون هزيمة للوطن.