-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“سانسو بانسا” في ثوب سانشيز

عمار يزلي
  • 1207
  • 0
“سانسو بانسا” في ثوب سانشيز

في مثل هذا اليوم الـ19 من شهر جويلية ستة 711م، كان جيش المسلمين المكوَّن أساسا من مسلمي أمازيغ شمال إفريقيا، يعلنون انتصارهم في معركة “وادي لكة” بقيادة طارق بن زياد، مما مهد لهم الطريق لاحقا لفتح شبه جزيرة إيبريا وبناء الحضارة الاندلسية فيما بعد.

هزم جيش “رودريغز”، لذريق، كما سمّته الأدبيات التاريخية وانتصر المسلمون المشبَّعون بالفتح والجهاد لإعلاء كلمة الحق.

في نفس هذا اليوم من سنة 1195م، حدث آخرُ انتصار كبير للمسلمين في الأندلس على يد يعقوب المنصور في العهد الموحدي في معركة “الأرك” ضد جيش مملكة قشتالة بقيادة الملك الفونسو الثامن.

484 سنة، مرت على أول انتصار لفتح كبير وآخر انتصار قبل هزيمة مدوِّية وسقوط غرناطة سنة 1492م.

واليوم، بعد كل ما حدث، تتحول تدريجيا إسبانيا والبرتغال، اللتان كانتا تتقاسمان غنيمة تقسيم الجزء الغربي الساحلي على المحيط وعلى البحر المتوسط، من الشمال الإفريقي شمالا وإلى غاية جزر الرأس الأخضر جنوبا، تتحولان إلى سياسة التعاون والتعامل مع الضفة الجنوبية لمصالح تجارية لا تغفل فيها التاريخ القديم نحو القارة الإفريقية لما تمثله القارة السمراء من موارد تنموية متعددة.

الدافع الجزائري للتعاون مع اسبانيا والبرتغال، هو الآخر قام على التعاون وحسن الجوار والتبادل المنفعي، خاصة وأن الجزائر هي أقرب مورِّد عالمي للغاز الطبيعي لا تفصله عن المصدر إلا بضع آلاف من الكيلومترات بحرا.. وبرا. بالمقابل، تمثل الجزائر سوقا رائدة لإسبانيا وللبرتغال أيضا، مما يعني أن منفعة التعاون يمكن أن تكون ذات مصلحة نفعية بينية على أساس “رابح رابح”.

غير أن الإسبان، وبالذات حكومة سانشيز، سرعان ما وقعت في مصيدة الابتزاز المغربي عبر الضغط بالهجرة غير الشرعية للأفارقة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية ومن هناك نحو باقي بلدان أوروبا. هذا الضغط المخزي، انتهى بمجزرة امليلية المروعة والتي تشير فيها آخر المستجدات في تقرير “المجلس الأعلى لحقوق الانسان” المغربي، إلى وفاة 23 مهاجرا إفريقيا “اختناقا” وأن صور الضرب المروِّع لقوات الأمن المغربية في حق طالبي اللجوء، لم يكن إلا “دفاعا عن النفس” ضد حاملي العصيّ من الأفارقة. عذرٌ أقبح من ذنب، لم تفلح أن تمر عندما عُرضت رصاصاتٌ قاتلة في البرلمان الإسباني على رئيس الوزراء من طرف أحد البرلمانيين يذكِّره فيها بما أوصله التفاهم مع الملك المغربي الذي أراد إخفاءه، “فأذاعه الإخفاء”. صفقة كانت على حساب القارة الإفريقية وبشرتها وبشرها التي يدّعي الانتماء إليها نظامُ المخزن.. مجزرة لن تسكت عنها الألسنة ولن تخاط لأجلها الأفواه.

هذا الشكل من الابتزاز وغيرها من الأشكال التي قد تظهر ذات يوم للعلن، دفع برئيس الوزراء الاسباني إلى أن يقايض علاقته بالمغرب بالجزائر بعد أن ضمن التزوُّد بالغاز الجزائري وبموثوقية العقود التي ضمنتها الجزائر على أعلى مستوى من القيادة الجزائرية، وهم يعرفون أن الجزائر لا تزايد ولا تعود في كلامها، ولا تبيع ولا تشتري في المبادئ، لكنها ستترك الحبل على الغارب في التعامل مع هذه المعاملات الدنيئة من الجانبين بصيغ تجارية تعاقدية لا غير.

الجزائر بهذا تكون قد حشرت رئيس الحكومة الإسباني في الزاوية القائمة كما حشره النظام المغربي في الزاوية الحادة، ولم يبق له إلا زاوية منفرجة، يقوم بها هو أو من يأتي بعده لانفراج أزمة آخذة في التصاعد ضده وضد بلده الذي تربطه بالجزائر علاقاتٌ أقوى من علاقة يتحكم فيها سانشيز، إذ لا يُستبعد أن يجد رئيس الحكومة الإسباني نفسه أمام حالة تفوق حالة إيطاليا. إيطاليا التي هبّت الجزائر إلى إضافة 4 ملايير متر مكعب من الغاز الاضافي لها، لتقليل التضخُّم الذي دفع برئيس الوزراء دراغي إلى الدفع باستقالةٍ رفضها الرئيس.

رؤوسٌ كثيرة في الاتحاد الأوروبي ستسقط من جراء سياساتها الطاقوية، ومن جراء محاولة ردع روسيا بإطلاق النار على قدمي مواطنيها، ومن جراء ضرب المتعاملين تحت الحزام، في الوقت الذي تتعامل معهم دول التوريد بصيغة رجل لرجل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!