الشروق العربي

“سبتمبر” الشهر الذي تخافه أمريكا وتقاتل بسببه..!

الشروق أونلاين
  • 4200
  • 9

إستيقضت الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001 على هول إنفجار مهيب،في مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون بواشنطن، خلف أكثر من 3000 ضحية إضافة إلى عدد كبير من الجرحى وخسائر مادية معتبرة .. أحداث غيرت مفهوم الإرهاب ككل وتم ربطه بالإسلام، كما اتخذت و. م .أ من هذه الأحداث ذريعة لبسط نفوذها وسيطرتها الاقتصادية والعسكرية على العالم .

11سبتمبر اللحظة التي إنتظرتها الـ و. م. أ

و كانت الولايات المتحدة الأمريكية في الموعد، حيث أعلنت حربها على الإرهاب لتظهرللجميع نظرتها المتطرفة والمتعصبة في التعامل مع الآخر الذي لا يتفق معها، بحجة حماية أمنها القومي وجشعا منها في تحقيق أطماع لتوسيع إمبراطوريتها الاستعمارية، فاتخذت من الإرهاب عدوا لها، حيث بدأت في التدخل في الشؤون الداخلية للدول تارة وإيجاد ذرائع لإسقاط أنظمتها، كحيازتها أسلحة الدمار الشامل وتواطؤها مع الإرهاب والتعامل مع القاعدة تارة أخرى، وحتى فرض شراكة في إطار المصالح لتحقيق أهدافها الإستراتيجية فاستهلت حملتها بالحرب على أفغانستان بعد شهرين من الأحداث لأنها تقع في نطاق العدوان المسلح الذي يجيز حق الدفاع عن النفس، وليأتي الدور على العراق وتشديد الخناق على إيران وسوريا، ومن هذا كله أتضح لنا أن الو. م. أ كدولة وككيان لا تستطيع الاستمرار دون تهديد خارجي، سواء كان حقيقيا أو وهميا، فلجأت إلى خلق عدو لبسط النفوذ على كامل العالم ألا وهو الإرهاب، مستغلة بذلك قوتها الاقتصادية والعسكرية وتجسيد نظرية صراع الحضارات بين الحضارة الإسلامية والغربية، بحجة أن الأولى هي أرض خصبة للإرهاب، فاستعملت فكرة محور الشر المتمثل في العراق إيران وكوريا الشمالية، زعما منها امتلاكها أسلحة الدمار الشامل، وبذلك تشكيلها خطرا على الولايات المتحدة الأمريكية والعالم ككل .

وهذه الأحداث أعطت فرصة للولايات المتحدة الأمريكية في إعلان الحرب على الإرهاب التي ما هي إلا غطاء تحقق من خلالها مصالحها المادية والحيوية عن طريق الهيمنة العسكرية والسيطرة، فالسياسة الأمريكية منفعية أكثر منها اديويلوجية، كما أن الحرب ضد الإرهاب هي سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، من حيث أنها أعطت الحق في تبني شرعية دولية جديدة، موازية لشرعية الأمم المتحدة وبذلك تفتح الباب على مصراعيه أمام أي تدخل بدعوى الدفاع عن المبادئ،  والمحافظة على المصالح تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

كل مسلم إرهابي …لماذا الإسلام ؟!

بعد عملية القاعدة التي سجلت اسمها في التاريخ بأحرف من دم، أعيد ترتيب الأولويات، حيث أصبح شعار “لا للإرهاب” ينطق به كل لسان بلا خوف وصوته مسموع يدوي في كل أنحاء العالم بعدما كان أخرسَ، وحتى إن تكلم فإنه لا حياة لمن تنادي، لا يجد من يسمعه، لكن بعد 11 سبتمبر جرم الإرهاب وبادر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش لإطلاق لفظ “الحرب العالمية ضد الإرهاب” وقال في خطابه أمام الكونغرس “حربنا ضد الإرهاب تبدأ بالقاعدة، ولكنها لا تنتهي عندها، وكل أمة تستمر في احتضان أو دعم الإرهاب ستعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية نظاما معاديا لها“.

فصار بذلك كل مسلم إرهابي ووجهت أصابع الاتهام لكل تجمع أو منظمة إسلامية وحضرها من النشاط واعتبارها منظمة إرهابية مثل حضر حركة الإخوان وحماس، فلم يعد هناك احترام للثقافة وضرب بمبدأ حرية الديانة عرض الحائط، حيث كان مجرد قناع باسمه تم تهديد سيادة الدول ومورست العنصرية بكل حذافيرها، وما زاد الطين بلة تعرض الأقليات والجاليات الإسلامية في الدول المتقدمة إلى مضايقات مست هويتهم وتعمد عزلهم اجتماعيا وتضييق الخناق عليهم، ففرضت سياسات تعسفية من حيث الاندماج مع السكان الأصليين وإجراءات الجنسية، والحق في التوظيف، ووضع شرط التخلي عن وضع الحجاب ومنع تجمعات المسلمين ومنع إعلاء صوت الآذان في المساجد، والدروس والحلقات القرآنية وأغلقت بعض المدارس القرآنية.

وا إسلاماه!

و هكذا عقب أحداث سبتمبر كان هناك شك في مستقبل الإسلام والمسلمين، خاصة في الدول الغربية مع انقلاب الأوضاع وبداية حملة إساءة لهم، ومحاولة ضرب أسمى شخصية بعثها الله تعالى كانت وما زالت قدوة للأمة الاسلامية جمعاء حتى الآن ألا وهو محمد ص، كما شككوا في ديننا الحنيف، وقاموا بإصدار كتابات وأعمال أشهرها كتاب نبي الخراب للمؤلف “كريك ونن” ورسومات مسيئة للرسول ص نشرتها صحيفة “يلاندرز بوستن” الدانماركية في 2005، بالإضافة إلى الكتيب الكاريكاتيري بعنوان “محمد صدق وإلا ” والذي نشرته شركة “كيرنست مون بليشنغ ” الأمريكية، حيث يطرح الحديث والسنة النبوية بصورة مهينة، كما صدر فيلم بعنوان “الخضوع ” للكاتبة “أيان ملجان ” يدور حول الظلم الذي تتعرض إليه النساء في الثقافات الإسلامية.

و لكن مع كل ذلك والحمد لله ما من آذان صاغية، بل تم التنديد بما شاع، والأغرب من ذلك أن العديد من الأوروبيين والأمريكيين على حد سواء قاموا باعتناق الإسلام معاكسين كل التوقعات وحملات تشويه صورة الإسلام، كما دعت هذه الأخيرة إلى اكتشاف ماهية هذا الدين، وتضاعف عدد الذين اختاروه دينا لهم، فنجد الآلاف من البريطانيون أقبلوا عليه كل عام، زيادة على الإسبان، ووصف الإقبال عليه “باللافت”، حيث تم فتح مكتب سمي بـ”اكتشف الإسلام” الذي يعنى بشؤون الداخلين فيه .

و تبين للكثيرين أن الحملة ضد المسلمين كانت مشوهة للكثير من الحقائق، فالإسلام هو أسرع الديانات انتشارا وسط الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما ترجم في عدد المساجد التي باتت في تزايد.

فارس لونيس أستاذ في العلوم السياسية: “الظاهرة الإرهابية هي من أشد الظواهر تعقيدا

و لإثراء الموضوع أكثر قررنا التقرب من الأستاذ “لونيس فارس” وهو أستاذ وباحث في العلوم السياسية بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، حيث يرى أن الظاهرة الإرهابية هي من أشد الظواهر الاجتماعية، الجنائية، السلوكية والسياسية تعقيدا التي يشهدها عالمنا المعاصر والتي تهدد استقرار الدول وحريات الأفراد والعلاقات بين الدول، لكن ما يلاحظ على هذا المفهوم أنه تغير بعد تاريخ 11 سبتمبر 2001،  وهو تاريخ الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة الأمريكية “بعض التحليلات شككت في حقيقة الأحداث واعتبرتها خدعة رهيبة”، فقد تغير المفهوم وأخذ منحى آخر، بحيث انتقل من الإرهاب المحلي إلى الإرهاب فوق الدولاتي هذا من جهة، وأصبح من جهة أخرى مرادفا للإسلام ومنذ ذلك الحين يواجه الإسلام حملة تعتبر الأعنف على مر التاريخ، حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج ولكر بوش أن الحرب الشاملة على الإرهاب سوف تطول، فأصبحت القاعدة تمثل تهديدا حقيقيا لأمريكا بشكل أكبر، وهي الاستراتيجية التي ربطتها الولايات المتحد الأمريكية بأمنها القومي وسياساتها التوسعية انطلاقا من قول الواقعي “كيسنجر” في كتابه “هل تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى سياسة خارجية؟”، “إن المصلحة القومية تكمن في مقاومة جهود أي قوة تريد الهيمنة على آسيا وينبغي أن تكون مستعدة للقيام بذلك من دون حلفاء“.    

فكانت فكرة ما سماه الرئيس بوش بـ”محور الشر الجديد” المشتقة من إيديولوجية صدام الحضارات، التي نظر إليها الباحث “صمويل هنتنغتون”، والذي أقام دعوته للتجمع حول الولايات المتحدة الأمريكية ضد التهديد المنبعث “العراق – سوريا – ليبيا- السودان- إيران” بالإضافة إلى كل من كوبا وكوريا الشمالية، فهذه الدول يصنفها الأمريكيون في خانة الأعداء وأنها خارج المجتمعات الحضارية وخارج القانون، ففكرة الإرهاب الإسلاموي صناعة أمريكية خالصة.

و يضيف الأستاذ لونيس فارس ” الغرب عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة لا بد لها من عدو دائم من خلاله تحافظ على مصالحها الجيوسياسية والإستراتيجية، وما الإسلام والدول الإسلامية بعد انهيار المعسكر الشيوعي إلا الخيار الصائب، خاصة أن “هنتنغتون” يرى بأن الانفجار الديموغرافي الذي يميز الإسلام يجعل منه العدو رقم واحد الذي يجب مواجهته.

وما الحرب على العراق وأفغانستان بدعوى الحروب الشاملة على الإرهاب إلا ذر رماد في أعين من أجل تحقيق أهداف جيوسياسية توسعية، خاصة إذا علمنا أن حركة طالبان المزعومة في أفغانستان كانت صناعة أمريكية بحتة، لما قامت بتزويد المقاومين الإسلاميين بالأسلحة لمحاربة السوفيات، ولكن العدو تغير وأصبح الآن العدو الأول للأصوليين الإسلاميين هو الولايات المتحدة الأمريكية، فاحتلال أفغانستان والعراق لم يكن لحرب ضد الإرهاب، وإنما كان للسيطرة والنفوذ على منطقتين إستراتيجيتين غنيتين بالنفوذ وهي نفس ما تميز أغلب المناطق الإسلامية“.

وما يمكن قوله في الأخير أن تغير مفهوم الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وربطه بالإسلام ليس وليد الصدفة، وإنما سار وفق تخطيط لبسط هيمنة الولايات المتحدة القائمة على مدى نجاحها في القضاء على الإسلام لذلك عملت على إلصاق الإرهاب به.

مقالات ذات صلة