العالم

سجناء أكديم إيزيك: “هيومن رايتس” و”العفو الدولية” تصدران لائحة إدانة للمغرب

الشروق أونلاين
  • 6437
  • 28
أرشيف

قالت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” اليوم إن 19 ناشطا صحراويا  من مجموعة أكديم إيزيك يقبعون في السجن منذ سنوات بعد أن أدانتهم المحاكم المغربية بإجراءات جائرة.

أدينت مجموعة معروفة باسم أكديم إزيك لدورها المزعوم في أعمال العنف الدامية في 8 نوفمبر 2010، عندما فككت الشرطة المغربية مخيم احتجاج في الصحراء الغربية. شاب المحاكمات الاعتماد الكبير على “الاعترافات”، التي نفاها المتهمون على أساس أنها انتُزعت تحت التعذيب.

قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “قضى 19 رجلا حتى الآن 12 عاما في السجن، وما زال أمامهم سنوات عدة، بعد محاكمات اعتمدت بشكل كبير على اعترافات مشكوك فيها. لم يؤد مرور الوقت إلا إلى زيادة الظلم في هذه القضية”.

أدانت هيئة خبراء “الأمم المتحدة” المعنية بالتعذيب العام الماضي انتهاكات “اتفاقية مناهضة التعذيب” في ثلاث قضايا تتعلق بالمتهمين في قضية أكديم إزيك، وشككت بالقيمة الإثباتية لتحقيقات القضاء المغربي المتأخرة في مزاعم التعذيب، والتي لم تتمكن من إثبات إن كان التعذيب حدث أثناء الاستجوابات قبل ست سنوات.

وتمنع السلطات المغربية منهجيا التجمعات في الصحراء الغربية لدعم حق تقرير المصير للصحراويين. يعرقل المغرب عمل بعض المنظمات غير الحكومية الحقوقية المحلية، بما يشمل مضايقة أعضائها وعرقلة إجراءات التسجيل القانوني، وفي بعض الأحيان بضرب النشطاء والصحفيين أثناء احتجازهم وفي الشوارع.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “استمرار سَجن مجموعة أكديم إزيك على أساس أدلة مشكوك فيها يظهر أن المحاكمة العادلة لمعارضي الحكم المغربي للصحراء الغربية ما هو إلا سراب”.

في 8 نوفمبر  2010، تحركت قوات الأمن المغربية لتفكيك مخيم أكديم إزيك، الذي كان يتألف من نحو 6,500 خيمة أقامها صحراويون قبل شهر قرب مدينة العيون، في الصحراء الغربية الخاضعة لسيطرة المغرب احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. أسفرت المواجهات العنيفة في المخيم وفي العيون عن مقتل 11 عنصر أمن، بحسب مسؤولين مغاربة، وثلاثة مدنيين.

ضربت قوات الأمن المغربية مرارا الأشخاص الذين احتجزتهم بعد ذلك مباشرة وأساءت معاملتهم. لاحقا، اتُّهم 25 رجلا احتجزتهم الشرطة قبل دخولهم المخيم بتشكيل عصابة إجرامية والمشاركة في أعمال عنف ضد قوات الأمن أو التواطؤ فيها “أدت إلى القتل العمد”، من بين تهم أخرى. كان من بين الرجال عدة نشطاء حقوقيين صحراويين.

اعتمدت محكمة عسكرية على الاعترافات التي أنكرها المتهمون كدليل رئيسي، فأدانت في العام 2013 جميع المدعى عليهم الـ 25. حكمت على 23 منهم، بما يشمل حكما غيابيا على متهم فر إلى الخارج، بالسَّجن 20 عاما أو أكثر. كما حكمت على اثنين بالفترة التي سبق أن قضياها في السِّجن.

في 2016، ألغت محكمة النقض حكم المحكمة العسكرية على أساس أنه مبني على أدلة غير قاطعة. أحيلت القضية إلى محاكمة جديدة في محكمة مدنية.

في 2017، أعادت محكمة الاستئناف بالرباط النظر في القضية وأيّدت جميع الإدانات مع تخفيف الأحكام على متهمَيْن، أفرج عنهما فيما بعد. أطلق سراح شخص من بين 25 مؤقتا منذ العام 2011 لأسباب صحية وتوفي العام 2018.

أثناء المحاكمة، أمرت محكمة الاستئناف بإجراء فحوصات طبية للمتهمين المستعدين للخضوع لها بعد سبع سنوات من استجوابهم. خلص الأطباء الذين أجروا الفحوصات إلى أنه مع مرور الوقت، لا يمكن إثبات التعذيب أو نفيه. مع ذلك، قبلت المحكمة الاعترافات التي تم إنكارها كأدلة، إلى جانب الأدلة المقدمة حديثا والتي لم تربط المتهمين بأفعال محددة تسبب في الوفاة أو الإصابة الخطيرة.

في قرارها في نوفمبر  2021 ردا على شكوى قدمها محمد بوريال، أحد المتهمين في أكديم إزيك، انتقدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة التعذيب تحقيقات محكمة الاستئناف بشأن التعذيب بسبب تأخرها وعدم امتثالها لـ “بروتوكول إسطنبول”، وهو مجموعة من المبادئ التوجيهية للتحقيق في مزاعم التعذيب وتوثيقها. قالت اللجنة إن “الدولة الطرف تجاوزت بكثير المدة الزمنية المعقولة لتحقيق العدالة في قضية صاحب الشكوى… بعد 11 عاما على الأحداث وتقديم المزاعم الأولى بالتعذيب، لم يجرِ أي تحقيق وفقا لبروتوكول اسطنبول”.

اعتمدت اللجنة قرارا مماثلا في جويلية 2022 ردا على شكوى قدمها سجين آخر في قضية أكديم إزيك هو عبد الجليل العروسي، وخلصت إلى أن “محكمة الاستئناف لم تأخذ في الاعتبار على النحو الواجب مزاعم تعذيب [العروسي] عند إدانته على أساس اعترافاته، بعدم إجراء أي تحقق من جوهر مزاعم مقدم الشكوى، باستثناء الفحص الطبي الذي أمرت به المحكمة، والذي لم يُنفذ بما يتماشى مع بروتوكول اسطنبول، وباستخدام هذه التصريحات في الإجراءات القضائية ضد مقدم الشكوى، انتهك [المغرب] بشكل واضح التزاماته بموجب المادة 15 من الاتفاقية ” [ترجمة هيومن رايتس ووتش]. تحظر المادة 15 قبول الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب في أية إجراءات، باستثناء الأدلة ضد شخص متهم بالتعذيب.

كما انتقدت اللجنة في قرارها في العام 2022 المغرب بشأن التماس قدمه سيدي عبد الله أبهاه، صاحب شكوى ثالث من أكديم إزيك. كانت القضية الرئيسية مرة أخرى عدم التحقيق السريع في مزاعم تعذيبه. عرضت محكمة الاستئناف عام 2017 التحقيق في مزاعم أبهاه التي تعود إلى العام 2010، لكن أبهاه رفض.

بعد محاكمة العام 2017، فرقت السلطات المتهمين الـ 19 المتبقين في أكديم إزيك، الذين كانوا محتجزين معا، في ستة سجون داخل المغرب. أكثر المساجين محتجزون في سجون على بعد ألف كيلومتر على الأقل من مدينة العيون، التي ينتمي إليها معظمهم. نفذ العديد منهم إضرابات متكررة عن الطعام منذئذ بزعم وقوع انتهاكات، منها الحرمان من الرعاية الطبية أو الزيارات العائلية، والحبس الانفرادي التعسفي. كما طالبوا جميعا بنقلهم إلى سجون أقرب إلى عائلاتهم في الصحراء الغربية أو قربها. تنص المادة 59 من “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” على أنه “يوزَّع السجناء، قدر المستطاع، على سجون قريبة من منازلهم…”.

سجناء مجموعة أكديم إزيك

سجناء أكديم إيزيك: لجنة مناهضة التعذيب الأممية تصدر لائحة ضد المغرب

وشهر أفريل 2022، أعربت جمعيتان للتضامن مع القضية الصحراوية، عن ارتياحهما، لقرار اللجنة الأممية المناهضة للتعذيب، المتعلق بادانة المغرب بسبب تعذيب وسوء معاملة السجين الصحراوي لمجموعة أكديم إزيك، محمد بوريال، مؤكدين أن اطلاق سراح السجناء السياسيين الصحراويين يعد قرارا لا مناص منه.

واعربت جمعية اصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بفرنسا ورابطة حماية السجناء السياسيين الصحراويين في بيان مشترك، عن ارتياحهما “لقرار اللجنة الاممية لمناهضة التعذيب بجنيف بخصوص السجين السياسي لمجموعة اكديم ازيك”.

و أوضح ذات البيان ان “اللجنة الاممية لمناهضة التعذيب، تعرب من خلال هذا القرار عن ادانتها للمملكة المغربية لممارسة التعذيب على محمد بوريال الذي تم توقيفه في 8 نوفمبر 2010 الذي صادف يوم تفكيك مخيم الاحتجاج السلمي لكديم ازيك في ضاحية العيون بالصحراء الغربية والحكم عليه بعد محاكمتين غير عادلتين اولاها كانت امام محكمة عسكرية في سنة 2013 وتم تاكيد الحكم في الاستئناف في سنة 2017 ب30 سنة سجنا نافذا”.

وأضاف ذات المصدر ان هذه “المرة الثالثة التي تدين فيها هذه الهيئة الاممية, المغرب” مشيرا الى ان “القرار الاول كان يخص نعامة اسفاري التي تعد هي الاخرى من سجناء مجموعة اكديم ازيك, و الثاني يخص عمر ندور في 19 نوفمبر 2021”.

كما ذكر البيان انه منذ توقيف سجناء أكديم إزيك “لم تتوقف جمعيات التضامن عن التنديد بظروف سجن الموقوفين و المحاكمات غير العادلة في سنة 2013 والمحاكمات العسكرية والاستئناف في سنة 2017 التي افضت الى الحكم على السجناء بأحكام تتراوح ما بين 20 سنة والسجن المؤبد”.

وأضافت ذات الجمعيتين ان هذا الادانات تمت “على اساس اعترافات تمت تحت التعذيب و هو ما لا يعتبره القانون الدولي دليلا”.

وتابع ذات المصدر ان “الهيئة الاممية تدين عبر هذه القرارات اعمال التعذيب التي يمارسها المغرب وذلك منذ سنة 2016 وبالتالي فهي تؤكد عدم قبول هذه الاحكام و ان اطلاق سراح جميع السجناء المحتجزين منذ 12 سنة اصبح امرا حتميا”.

كما أشارت جمعية اصدقاء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بفرنسا و رابطة حماية السجناء السياسيين الصحراويين الى ان “السجينين حسن داح و زاوي الحسين قد شنا مرة اخرى اضرابا عن الطعام في الفاتح ابريل الجاري للمطالبة بحقوقهما في التحويل و تقريبهما من عائلتهما و هو ما دأبا على المطالبة به منذ سنة 2017, تاريخ انتهاء اطوار الاستئناف”.

مقالات ذات صلة