-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيناريو “المجاهدين الأفغان” في أوكرانيا؟!

حسين لقرع
  • 1848
  • 0
سيناريو “المجاهدين الأفغان” في أوكرانيا؟!

يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية قد تيقّنت تماما أنّ الجيش الأوكراني لن يكون قادرا على الصمود طويلا أمام الآلة العسكرية الروسية الجبّارة، لذلك بدأت تستعدّ لمرحلة ما بعد سقوط العاصمة كييف وتعيين نظام موالٍ لروسيا، من خلال بعث “مقاومةٍ” أوكرانية بقيادة حكومة منفى يرأسها زيلنسكي ببولندا، مدعومةٍ بآلاف المقاتلين الأجانب لخوض حرب عصاباتٍ طويلة تستنزف روسيا عسكريا واقتصاديا، بالموازاة مع تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية عليها، ما يؤدي في النهاية إلى هزيمتها وانسحابها من أوكرانيا، ومن ثمّ، بداية تفكّكها كما حدث للاتحاد السوفياتي إثر هزيمة جيشها بأفغانستان في 1989.

بهذا الصّدد، أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أنّ 20 ألف “متطوّع” من شتى البلدان، منهم 3 آلاف أمريكي، يستعدّون لدخول أوكرانيا للتصدّي للغزو الروسي، كما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الولايات المتحدة سلّمت الجيش الأوكراني، وفي ظرف ستّة أيام فقط، 17 ألف قطعة سلاح مضادّة للدبابات والمدرّعات، وفي مقدّمتها صواريخ “جافلين” الفتاكة، فضلا عن تجنيد فرق سرِّية إلكترونية وتوفير معلومات أمنية مكثفة للجيش الأوكراني عن تحرّكات الفِرق العسكرية الروسية على مدار الساعة، ليضاف كلّ ذلك إلى تزويد أوكرانيا بالمئات من صواريخ ستينغر المضادّة للطائرات عن طريق دولٍ أوربية عديدة.

تجنيدُ آلاف المقاتلين الأجانب لدعم “المقاومة” في أوكرانيا، وتزويدها بأسلحة أمريكية فتاكة، يذكّرنا بما حدث في أفغانستان في الثمانينيات من تجنيدِ آلاف المتطوِّعين العرب والمسلمين وإرسالهم إلى هذا البلد للمساعدة على تحريره من الاحتلال السوفياتي، وقد لعبت أمريكا آنذاك دورا فاعلا في تزويد “المجاهدين الأفغان” بأسلحةٍ حديثة وفي مقدِّمتها صواريخ ستينغر، ما ساهم في تعرّض الاتحاد السوفياتي لهزيمةٍ عسكرية قاسية أجبرته على الانسحاب بعد عشر سنوات من الحرب، وكان ذلك أحد أسباب تفكّكه وانهياره كما أسلفنا.

إلا أنّ تكرار السيناريو الأفغاني في أوكرانيا قد يكون صعبا؛ فقد لا تكون لـ”المقاومة” الأوكرانية المدعومة بمقاتلين دوليين، طولُ نفَس وقدرة على الصمود والتضحية بمرور الوقت خلافا لـ”المجاهدين الأفغان” في الثمانينيات ضد السوفيات، أو الطالبان ضد الاحتلال الأمريكي بين 2001 وصيف 2021؛ الذين كانوا يقاتلون بضراوة كبيرة لأسبابٍ عقائدية، وهناك فرقٌ واضح بين من يقاتل من أجل عقيدته ومن يحارب من أجل المال. ولتذليل هذه العقبة، قد تلجأ المخابراتُ الأمريكية إلى تجنيد إسلاميين في صفوف المتطوّعين الدوليين للقتال في أوكرانيا، ولعلّ قيام السفارات الأوكرانية في البلدان العربية والإسلامية بنشر إعلانات تدعو شبابها إلى الالتحاق بالجبهة الأوكرانية هي أوّلُ خطوة في هذا الإطار، وقد تحدّثت المخابراتُ الروسية بهذا الصدد في الأيام القليلة الماضية عن تجنيد مقاتلين من الجماعات “الجهادية” المختلفة التي كانت تقاتل النظام السوري لنقلهم من إدلب إلى أوكرانيا لمحاربة الروس.

منطقيا، ليس للمسلمين ناقةٌ في هذه الحرب ولا جمل؛ فهي حربٌ بين بلدين مسيحيين، وأوكرانيا يقودها يهوديٌّ موال للكيان الصهيوني ويدعم سياساته العنصرية المسلَّطة على الفلسطينيين وحروبَه الإجرامية على غزة، وليست دولةً مسلمة استباحها غزاة مسيحيون أو يهود حتى “ينفر” أحدٌ لـ”الجهاد” فيها، ولكنّ من يدري، فربّما أوعزت أمريكا إلى بعض الأنظمة العربية الموالية لها بتكليف فقهاء البلاط بإصدار فتاوى تدعو إلى “الجهاد في أوكرانيا” ولن يعدم هؤلاء الشيوخ -الذين نسوا فلسطين تماما- اختلاقَ الحجج والذرائع التي تبرّر مثل هذه الفتاوى الشاذة التي تعوّدنا في نزاعاتٍ عديدة أن تصدر تحت الطلب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!