الشروق العربي
بعد قصص حب فاشلة

شباب يفرون إلى الزواج التقليدي لتكوين أسرة

نسيبة علال
  • 3861
  • 8
أرشيف

يلجأ الشباب اليائس من المشاعر، لتكوين أسرة وفق النمط التقليدي، مقتديا ببعض المعايير التي يرسخها المجتمع على انها تضمن استمرار الزواج، كاختيار اصل الشريك ونسبه وأخلاقه، فأغلب المنهزمين في معارك الحب الطاحنة، يجرون أذيال الخيبة، باتجاه الزواج التقليدي عله يضمن لهم حياة هادئة، تتعد أسباب خيارهم ولكن قلما تمنحهم شبعا عاطفيا.

يتفق الجميع على أن الزواج الذي يقوده العقل والقلب معا هو أكثر العلاقات نجاحا واستقرارا، وعادة ما يستمر هذا الرباط طويلا ومدى الحياة، دون ان تهلكه المشاكل والخلافات، على عكس العلاقات المبنية على المشاعر الجياشة وقيم الأفلام والمسلسلات، التي تبدو كبيرة وعميقة بينما تكشف هشاشتها المواقف والقرارات.

زواج بلا مشاعر.. في سبيل الاستقرار

الحبيب شاب في سن الثامنة والثلاثين، من الشلف، أحب ابنة عمه التي تصغره ب 13 سنة، وعقد العزم على ان يتزوجها، منذ سنوات، ولكن الفتاة تحصلت على شهادة الباكالوريا، وتنقلت للدراسة بجامعة البليدة، وبعد ان كانت تبادل ابن عمها المشاعر ذاتها وتعده بالبقاء الى جانبه، تغيرت مشاعرها ومعاملتها له، وانقطعت علاقتهما منذ السنة الأولى التي قضتها في الجامعة، يقول الحبيب: “..فقدت الأمل في مشاعري، حتى ابنت دمي أنكرت ودي لها، لذلك اخترت الزواج ممن تحفظ بيتي، وتكمل نصف ديني، فطلبت من صديقي ان يزوجني احدى اخواته المحافظات اللواتي لم ألمح وجههن من قبل.. الحمد لله لقد حصلت على رفيقة الدرب الخلوقة ولكنني لم أتمكن منذ مدة طويلة من الحصول على مشاعر الحب بداخلي”، ورغم ان الرجال هم الأكثر جرأة في اتخاذ هكذا قرارات، بعد الفشل العاطفي، إلا أن الكثير من بنات حواء يخترن عدم خوض تجارب حب جديدة بعد مواجهة الفشل.

نسرين، 29 سنة، من العاصمة، عون تسويق بشركة مهمة، تعرفت على زميل لها سنة 2011، أين كانت طالبة بجامعة دالي إبراهيم، نشأت بينهما علاقة حب وتوطدت مع مرور الزمن، تخرجا معا، وحصلت على وظيفة احلامها بينما فظل هو البحث عن فرص حقيقية في بريطانيا، على ان يعود يوما ليتزوجها، بعد أن يؤمن مستقبله.. ظلا على تواصل الى غاية 2018، متى انقطعت وصاله، وقررت نسرين الارتباط بأول عريس يتقدم لها، حتى تمحو مشاعرها اتجاه من وعدها بالوفاء، تقول صوريا، اختها الكبرى: “.. كان من الصعب لدى العائلة، التفريق بين ما إن كان قرارها صائبا، نابع عن نضجها، أم أن الصدمة جعلتها تتهور وتختار طريقا مسدودا، قد تندم عليه، لكنها اثبتت أنها الفتاة الواعية التي اختارت أن

تبني حياتها من جديد وتعيد ترميم مشاعرها، وقد أرسل لها القدر الرجل المناسب في الوقت المناسب”.

الزواج التقليدي بعد قصة حب تسوية وضعية اجتماعية

تفسر الاخصائية النفسية الأستاذة نفيسة تسورتاتين، ميل فئة من الشباب الى الزواج التقليدي بعد الارتباط: “العلاقات التي تبنى على العاطفة الجياشة والحب المشتعل منذ البداية عادة ما لا تكون صالحة لوحدها لبناء أسرة، اذ غالبا ما يلجأ أحد الطرفين أو كلاهما لترجيح العقل بدل القلب بتوجيه من المحيط والعائلة في أكثر الحالات، ليجد أن الزواج غير مناسب، هذا ما يبعث به أو بشريكه تلقائيا إلى اختيار نمط الارتباط التقليدي الذي يبني مؤسسة الاسرة على أساس متين”. هذا ويؤكد أخصائيون وخبراء، أن الزواج التقليدي الذي يكون الهدف منه البحث عن الاستقرار وحسب، وتسوية الوضعية الاجتماعية، هو محاولة ليثبت الأشخاص لأنفسهم وللمجتمع ان المشاعر لوحدها لا تكون أسرة، وعادة هذه الفئة أكثر من غيرها تسعى جاهدة للمحافظة على الزواج وضمان استمراريته في كامل الأحوال، حتى وان اضطرها الامر لعيش القطيعة أو النفور تحت سقف واحد.

مقالات ذات صلة