الجزائر
هل انتهى حلم الجزائر في تصدير الخضر والفواكه في مهده؟

شحنات أعيدت إلى الجزائر بسبب “المبيدات” وظهور الكوليرا

الشروق
  • 10294
  • 40
ح.م

تعرف أسواق الخضر والفواكه في الجزائر، انهيارا كبيرا في أسعارها وتراجعا ملموسا في الإقبال عليها، من طرف المواطنين الذين ربطوا المياه الملوثة في مناطق عديدة من وسط البلاد وتسبّبها في وباء الكوليرا الذي قتل ونقل العشرات إلى المستشفيات، وبين ما يستهلكونه من مواد غذائية مسقية بهذه المنابع والمجاري المائية، إلى درجة إعلان القطيعة مع البطيخ وعدد من الخضر والفواكه في عز فترة نضجها وهي شهر أوت.

وكانت الجزائر منذ بداية سنة 2017، قد عرفت انتعاشا غير مسبوق في تصدير شحنات هامة من الخضر والفواكه إلى أربع قارات في العالم، كان آخرها في نهاية شهر جوان الماضي، عندما نقلت أكثر من 18 طنا من الخضر والفواكه عبر مطار هواري بومدين بالعاصمة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، كما شحنت كمية مماثلة عبر البحر إلى إسبانيا، وتوجد من الصادرات الجزائرية إلى إسبانيا، ما تمّ تصديرها من إسبانيا مرة أخرى إلى وسط القارة العجوز، وبالرغم من أن الكمية التي تمّ تصديرها مجهرية مقارنة بما تصدره المغرب وتونس ومصر إلى أوربا، إلا أنها كانت خطوة مهمة وشكلت حافزا نفسيا للفلاحة الجزائرية، التي تمتلك آلاف الهكتارات ومئات السدود وتعجز عن تحقيق ذاتها مقارنة بالجيران الذين لا يمتلكون ربع ما تمتلكه الجزائر من إمكانيات.

وكانت الجزائر في نهاية السنة الماضية في طريقها للسيطرة على جزء من سوق البطاطا في روسيا، خاصة في فصل الشتاء، وجزءا كبيرا وربما كاملا على سوق الفرولة في قطر، وجاء افتتاح خطّ التصدير في الفاتح من جانفي من السنة الحالية عبر ميناء جنجن، ليدعم هذا المشروع الحلم، وبدأت شحنات البطاطا والتمور والطماطم تنقل إلى العديد من البلدان عبر ميناء جنجن في جيجل، باتجاه موانئ إيطاليا، خاصة أن دولة قطر راسلت في جوان الماضي الجزائر، بشكل عاجل، لأجل تزويدها بخضر وفواكه طازجة للاستهلاك المباشر، وهذا موازاة مع قيام مهربين عبر الحدود الشرقية وحتى الغربية بنقل كميات كبيرة من البطاطا والفرولة نحو تونس وليبيا والغرب بسبب انهيار أسعارها في السوق الجزائرية.

وكان من المفروض أن يرتفع عدد البلدان التي تصدر لها الجزائر مختلف أنواع الخضر والفواكه في شهر سبتمبر الداخل إلى 13 بلدا من أربع قارات، بعد نجاح تصدير الطماطم من الحجم الكبير والباذنجان والقرع والفلفل باتجاه الإمارات العربية المتحدة والبحرين والغابون، قبل أن يضرب “الزلزال” الأول المشروع الطموح في بداية شهر جوان الماضي، عندما أرجعت روسيا شحنات من البطاطا ورافقتها كندا وقطر اللتان أرجعتا شحنات من البطاطا والتمور، بينما أشيع من أوساط إعلامية محلية وأجنبية، بأن فرنسا قامت بحرق كمية من الخضر الجزائرية بحجة اكتشاف استعمال مبيدات غير صحية بكمية كبيرة، وباءت كل محاولات “تلميع” صورة المنتجات الفلاحية الجزائرية بالفشل، خاصة بعد دخول دول مصدرة وشركات أجنبية الخط، من أجل وأد مشروع التصدير الجزائري في مهده وتشويه لب وقشور الخضر والفواكه الجزائرية، قبل أن يضرب زلزال الكوليرا الثاني المشروع، وانتشر بشكل لافت في الإعلام الغربي والمغاربي، بالرغم من أن دولا عديدة مصدرة للخضر والفواكه سجلت بها حالات كوليرا في السنوات الماضية، وزاد من الأزمة الأرقام التي تفضلت بها مصالح الدرك الوطني التي أحصت توقيف 1744 شخص في قضايا قانون المياه المرتبط بسقي المحاصيل الزراعية بالمياه الملوثة.

عندما نعلم بأن الدول المجاورة التي يتشابه مناخها مع مناخ الجزائر تعيش من صادراتها الفلاحية إلى أوربا، ونعلم بأن فرنسا التي لا تملك نخلة واحدة على أراضيها هي المصدر الأول للتمور في العالم، وكلها تمور جزائرية، ونتابع، صمت أو عجز وزارتي التجارة والفلاحة عن التعامل مع الوضع الحالي، نعلم بأن تحقيق حلم التصدير مستحيلا، وتبديل الذهب الأسود بالذهب الأخضر، مجرد حلم وردي فقط.

مقالات ذات صلة