الشروق العربي

صداقة الماديات في مجتمعنا.. حينما يصبح جيبك أهم من شخصك

صالح عزوز
  • 2133
  • 3
بريشة: فاتح بارة

كانت في ما مضى الصداقة، تبنى على الحب والاحترام، ولا يمكن لها أن تبنى على غير هذا، وهي أكسجين الحياة لها إن صح القول، غير أنه في يومنا هذا، ذهبت تلك المعايير، ودخلت معايير أخرى على غرار المصلحة، التي حولت الصداقة إلى علاقة جوفاء، لا تقوم إلا على فائدة معنية، ولا يمكن أن تستمر، إن قطع وصال المصلحة، عمت هذه الظاهرة اليوم، وأصبحنا نشتاق إلى تلك العلاقات التي يجمعها الود والحب والاحترام.

مصلحتي قبل علاقتي بك

أصبح شعار الكثير من الناس اليوم، المصلحة وبعدها الطوفان، ولا تهمني من تكون إذا لم تكن معك مصلحة تخصني أو فائدة أستفيد منها معك، وفعلا أصبحت المصلحة أساس كل العلاقات بين الأفراد حتى ولو كانت بين الإخوة أو الأقارب، وأصبح من الصعب العثور على صديق لا ينظر إلى جيبك أو ما تحمله إليه بين يديك إن صح القول، فلا حب ولا احترام، أصبح يفيد في تطوير العلاقات بين الأصدقاء إلا من رحم ربي، وهو أمر مؤسف، حينما أصبحت الجوانب الإنسانية عاجزة عن الحفاظ على العلاقات بين الأفراد، وأصبح بذلك لكل شيء ثمن،كحال السلعة التي تباع وتشترى في الأسواق.

مجتمع مادي لا يخضع للمبادئ

إن ما وصلت إليه العلاقات اليوم، هو دليل على أن المجتمع أصبح ماديا إلى أبعد الحدود، لذا أصبح من الصعب الوصول إلى ربط علاقة متينة مع صديق في المجتمع، وتحولت بذلك العلاقات الإنسانية إلى مجرد شعار يتغني به الأفراد، ولا يمكن أن يطبق في الواقع مادام المجتمع يخضع إلى أسس مادية بحتة، وأصبح مقياس كل العلاقات هو المصلحة، ولا يمكن أن تقوم لها قائمة، إن تعذر ربط هذه العلاقات على فوائد معينة، تكون في الأصل مادية، ولا تكون معنوية.

نتيجة لهذه الظاهرة التي أصبحت تقرر العلاقات بين الأفراد، وصلنا إلى علاقات جافة، تهتز مع كل مطلب مادي، ولا يمكن لها أن تدوم حينما تنقطع هذه المنفعة، ووصلنا بذلك إلى مجتمع انفصلت حلقاته الحلقة تلو

الأخرى، حينما طغت على تركيبته الماديات، وأصبحت في المقام الأول، قبل الاحترام وكذا الحب وربما حتى الأخوة، التي أصبحت اليوم مجرد كلمة جوفاء، لا معنى لها، وأصبحت مبنية للمجهول إن صح القول.

ذهبت الكثير من القيم في المجتمع، وسقطت الكثير من المعايير وخلفتها معايير أخرى، وحلت الماديات مكان الروحانيات، التي كانت تبنى عليها العلاقات بين الأفراد في المجتمع، ونتيجة لهذا وصلنا إلى مجتمع هش، تتصدع فيه العلاقات لمجرد مطلب مادي أو فائدة لم تحقق، لذا نجني اليوم ما زرعناه بأيدينا.

مقالات ذات صلة