الرأي

صدام حسين في وجدان العراق

أرشيف
صدام حسين

يأس الشعب العراقي من نظامه الحاكم، خمسة عشر سنة مرت عليه، وهو يئن تحت ركامات صرحه الحضاري المهدم، تخنقه نزعات طائفية دخيلة، حلت محل قيم إنسانية توارثها عبر الزمن، وعادت حياته إلى زمن عصور متخلفة، حرم فيها من أبسط شروط العيش ومستلزماته.
حياة فقدت نظامها المدني، ميليشيات خارجة عن القانون تعبث بمقدرات وطن، وتستهدف أمن المواطن في خارطة وجوده وتنقلاته، سلب، نهب، اختطاف وقتل، وسلطات قضائية تتحاشى إدانتها، أما القيادة العامة للقوات المسلحة فتنسحب قطاعاتها في أماكن وجودها.
ميليشيات أسقطت سيادة دولة، فهي واجهة إقليمية في العمق، ترتبط بمؤسسات “ولاية “الفقيه” في قم، قادتها من تشكيلات “الحرس الثوري الإيراني” ، تمول أنشطتها ورواتب أعضائها من ميزانية حكومة المركز في بغداد.
الدستور المعمول به في العراق، تحرم مواده وجود ميليشيات مسلحة، قبل أن تحرم تمويلها، وهو ما يعد استهتارا بالمبادئ التشريعية.
لقد أضحت المنظومة الحاكمة في بغداد، فاقدة لسلطات السيادة، حين فقدت القدرة على اتخاذ أي قرار دون الرجوع إلى طهران، أو الجنرال قاسم سلماني الذي يمثلها.
فضلا عن ذلك، مازال العراق تحت سلطة حكومة تصريف أعمال أمام الإصرار الإيراني على شغل المناصب السيادية، من قبل قادة الميليشيات المسلحة الموالية لها.
وتمارس طهران ضغوطها، لفرض خياراتها في تشكيل حكومة مقبلة، عبر التحكم في منابع المياه العراقية، وتعطيل الطاقة الكهربائية، هذا الإجراء الذي أشعل فتيل انتفاضة كبيرة في مدن الجنوب، تدعو إلى تحرير البلاد من الهيمنة الإيرانية، واستعادة سيادته المفقودة.
خطاب الشارع العراقي يشهد تغيرا جذريا، في مواجهة المنظومة الطائفية، تغيرت أدواته وشعاراته، وأهدافه بعيدة المدى، ومناطق مواجهة مراكز نفوذ السلطة، ولم يخش دموية الميليشيات الطائفية.
فما يحمله الذهن العراقي المنتفض الآن، مشهد العراق قبل الاحتلال، رغم جسامة تحديات الحصار الاقتصادي الخانق، وما كان يحياه من أمن واستقرار، سياسي واقتصادي، حفظ مكانة الشعب العراقي وعزته، بعيدا عن أي تدخل إقليم أو دولي.
ويعود إلى إدراك حقيقة، كيان الدولة التي قادها الرئيس الراحل صدام حسين، ومواكبة مشروعه الوطني، رغم ارتكابه أخطاء استراتيجية، بروح الاندفاع الثوري، دولة لم يذل فيها الإنسان أو يهان، في وسائل عيشه، أو كرامته الوطنية، التي هدرت الآن بيد رعاع قادمين من خلف البوابة الشرقية، يتسترون بغطاء طائفي مفضوح، ينبذه الشعب العراقي الموحد بأطيافه ومذاهبه وأديانه.

مقالات ذات صلة