-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي الفلسطيني بالخارج منير رشيد لـ"الشروق":

صمود المقاومة والتفاف الشعب حول برنامجها هو الكفيل بإفشال كل مشاريع التهجير

صمود المقاومة والتفاف الشعب حول برنامجها هو الكفيل بإفشال كل مشاريع التهجير
أرشيف
عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي الفلسطيني بالخارج، منير رشيد

يقدّم عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي الفلسطيني بالخارج، منير رشيد، قراء موسّعة لنتائج عملية “طوفان الأقصى” التي دخلت شهرها الرابع، في ظل حرب إبادة صهيونية خلّفت أزيد من 21 ألف شهيد في مسعى لتهجير الغزاويين من أرضهم، ومواصلة المقاومة رسم ملاحم بطولية، مع صمود أسطوري للشعب الفلسطيني.
ويقول منير رشيد في هذا الحوار مع “الشروق”، إن “طوفان الأقصى أعاد الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، وأعاد الفعل الشعبي العربي والإسلامي والدولي المتعاطف مع الحق الفلسطيني”، ويؤكد أن “صمود المقاومة والتفاف الشعب حول برنامجها، هو الكفيل بإفشال كل مشاريع التهجير”.

عملية “طوفان الأقصى” تدخل شهرها الرابع، ماذا حققت العملية على مستوى الداخل الفلسطيني والخارجي؟
عملية “طوفان الأقصى” جاءت ضمن سياقات وجولات الحرب مع العدو الصهيوني لكن ما يميزها هو تغيير قواعد الاشتباك معه ونقل ساحة المواجهة من أراضي قطاع غزة إلى أراضي الغلاف، والتي تحت سيطرته حيث تم اجتياز الحواجز ومن ثمّ، تدمير آلياته العسكرية واحتجاز أسرى منهم ضباط كبار وجنود لفرقة غزة في ظل فشل استخباري ومعلوماتي للعدو.
وجاءت هذه العملية في ظل حالة تسارع بل هرولة للتطبيع مع العدو وفي أجواء اقتحامات المسجد الأقصى المبارك اليومية والمتكررة، بل المتصاعدة بدعم ورعاية وتخطيط حكومة اليمين المتطرف والتي كانت تسابق الزمن وتحرق المراحل لتقسيم المسجد المبارك مكانيا بعد تقسيمه زمانيا وجلبت البقرات الخمس من أمريكا إيذانا ببدء التقسيم، حسب معتقداتهم الزائفة، فجاء “طوفان الأقصى” المبارك، فأوقف مسار التطبيع وأجهض محاولات التقسيم.
ولقد أعادت معركة “طوفان الأقصى” الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، وأعادت الفعل الشعبي العربي والإسلامي والدولي المتعاطف مع الحق الفلسطيني وأصبحت أخبار “الطوفان” وبطولات أهالي غزة وفصائلها تتصدر نشرات الأخبار العالمية، بل إن المحللين العسكريين والسياسيين تناولوا السابع من أكتوبر مثالا يُدّرس في الكليات الحربية.
كما ظهر للعالم أجمع عبر وسائل الإعلام الروح الأخلاقية والقيم الإنسانية من خلال تعامل الفلسطينيين مع المحتجزين وبروح الإسلام العظيم وقيّمه وتعاليمه ومبادئ الإنسانية.
وأستطيع القول إن عملية “طوفان الأقصى” حققت منذ اليوم الأول وساعاته الأولى ما كانت تصبو إليه المقاومة، ولا زالت تمتلك أوراق القوة بيدها وتمسك بزمام المبادرة كما نسمع من تصريحات قادتها.

هل يمكن الحديث على نصر حققته المقاومة، آخذين بعين الاعتبار الخسائر الكبيرة، أزيد من 21 ألف شهيد لحد الساعة؟
لا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه المعركة ليست بين جيوش نظامية، إنما هي بين مقاومة مسلحة تعيش في قطاع محاصر منذ ما يزيد عن سبعة عشر عاما، لكنها تؤمن بحقها المشروع في الوجود والحرية وتدافع عن شعبها وتتطلع لتحرير أرضها من محتلها، وبين عدو يمتلك جيشه أحدث وأفتك الأسلحة والعتاد بدعم غربي وأمريكي بل أطلقوا عليه مقولة “الجيش الذي لا يقهر”.
ومن الجدير بالذكر أن الشعب الفلسطيني يتعرض لجرائم الإبادة منذ الانتداب البريطاني وفي ظله حدثت مجازر للقرى والبلدات الفلسطينية، ثم احتلال فلسطين عام 1948 تلاه احتلال ما تبقى من أراضيه عام 1967 وما تبع من انتفاضات وثورات وقدّم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى وتشريد الملايين في أصقاع الأرض ينتظرون يوم عودتهم.
ومن المؤكد أن الصراعات المسلحة لا تُقيّم آنيا وبمراحلها الجارية، إنما بالصورة الكلية والنظرة الإستراتيجية وطريقة إدارة الصراع وامتلاك المبادرة ووحدة القرار والسيطرة والتي بات واضحا أن قيادة المقاومة تمتلكها.
ولا زالت المعركة مشتعلة والمجاهدون يسطرون كل يوم البطولات وسط بيئة أهلية حاضنة صابرة محتسبة، وفي العادة، فإن الأهداف الكبرى المشروعة ثمنها غال وتستحق التضحية.

ماذا خلّفت العملية على الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين؟
من المؤكد أن الدول الأوروبية وأمريكا يزودون العدو بالسلاح وبآلات الفتك والدمار والخبرات الفنية والاستخبارية والمعلوماتية، هم شركاء في جريمة الإبادة الجماعية، وهذه المعركة كشفت بل أكدت وحشية الساسة الغربيين وزيف مبادئهم وكذب إدعائهم بحقوق الإنسان والحرية والعدالة.
أحدثت معركة “طوفان الأقصى” تغييرا في نظرة العدو لنفسه حيث ظهر فشله الاستخباري والأمني والمعلوماتي، وعدم قدرته على قراءة ما يدور في عقل قادة المقاومة بل عملت على خداعه.
وبدا واضحا حجم الارتباك والإرباك يوم السابع من أكتوبر وعدم قدرته على استيعاب ما حصل له وعجزه عن امتصاص الصدمة الأولى، مما دفعه لقتل مواطنيه وجنده وباعتراف قادته، ثم صب جام غضبه لقتل المدنيين الأبرياء وهدم منازلهم والمرافق الحيوية للعيش كالمستشفيات ودور العبادة والأسواق وتجمعات النساء والأطفال.
وظهر ارتباكه بإطلاق تصريحات وإعلانه عن أهدافه من المعركة من الصعب تحقيقها كالقضاء على “حماس” وجودا وتدمير الأنفاق وتهجير أهالي غزة إلى خارجها والبحث عن سيناريوهات ما بعد الحرب كأحلام وردية في أزمة طاحنة.
وعلى صعيده الداخلي، بدأت عمليات إخلاء المستوطنات بمئات آلاف السكان مما شكّل ضغطا اقتصاديا واجتماعيا عليه، عدا عن الهجرة خارج فلسطين بمئات الآلاف وإعلانهم عن عدم العودة مرة أخرى واستقرارهم إلى حيث يذهبون.
واستدعاء قوات الاحتياط بمئات الآلاف مما عطّل حركة الاقتصاد وتوقف النمو، ومما زاد من الضغط عليه عائلات الأسرى لدى المقاومة وقد أبدع الإعلام المقاوم في مخاطبة أهالي الأسرى، وإظهار بعض الأسرى يتحدثون ويخاطبون قيادتهم التي فشلت في إدارة ملفهم.
إن التباين الواضح بل النزاع بين القيادة والعسكرية وحتى بين وزراء حكومة العدو ومحاولة كل طرف إلقاء اللوم والأخطاء على الآخر، دليل أزمة وفشل ويسجل للمقاومة.
ومن الملاحظ أن حجم التعاطف والتأييد من الدول الداعمة له بدأ ينخفض يوما بعد يوما بل إن ثمّة خلاف بينه وبين الإدارة الأمريكية والمتورطة في دعم الرئيس الأوكراني ماليا وعسكريا مما أثّر عليها فتح جبهتي حرب في وقت واحد، مما أوجد خلافا في الإدارة الأمريكية نفسها دفع بعض أركانها إلى الاستقالة من موقعه، عدا عن انخفاض شعبية الحزب الديمقراطي إلى مستويات متدنية غير مسبوقة.
من الملاحظ أن الشعوب الأوروبية والشعب الأمريكي أدركوا كذب وزيف إدعاءات الرواية الصهيونية ومشاهدتهم للقتل والدمار لشعبنا في غزة، وكيف تعاملت المقاومة مع المحتجزين بأخلاقية عالية وإنسانية راقية، وبالمقابل، كيف تعامل العدو مع الأسرى الفلسطينيين من هدر للإنسانية ضاربا عرض الحائط بكل المواثيق الدولية.

كيف يمكن تفسير الصبر الذي أبان عنه الفلسطينيون في مواجهة الإبادة التي يتعرضون لها؟
لا شك أن الصبر من أحسن الأخلاق وأفضلها وبخاصة الصبر الإيجابي، وهو كيف يحسّن الإنسان من إدارته لذاته في تحدّيات الحياة والمواقف الصعبة وبخاصة تحت دوي المدافع وهدير الدبابات وأزيز الرصاص وتحليق الطائرات، ثم البحث عن الأهل والأصدقاء والجيران تحت الأنقاض وسط صمت دولي رسمي وانتشال الضحايا وتأمين سبل الحياة والعيش للأحياء ومداواة الجرحى والبحث عن المفقودين.
ومن الأكيد والمؤكد أن شعبنا تعرض للأذى والأسر والقتل والتهجير والتشريد في أصقاع الأرض منذ ما يزيد عن مائة عام، لكنه لا زال متمسكا بحقه وهويته مناضلا مكافحا ومقاوما لتحرير أرضه ومقدساته، متسلحا بإيمانه وقيمه وأخلاقه وإرثه النضالي.
وأمام الأهداف الكبيرة السامية تهون الصعاب، وصبر الفلسطيني ليس صبر ضعف بل صبر صمود وعزة وكبرياء وشموخ، ولعل الكل شاهد كيف أن الأم الفلسطينية تزغرد حال استشهاد فلذة كبدها، بل توزّع الحلوى وتحمل جثمانه على كتفها حين يوارى الثرى.

هل نحن أمام إعادة سيناريو التهجير الذي طال الفلسطينيين العام 1948؟
مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني تنسجم وتتوافق مع رؤية المشروع الصهيوني القائمة على فكرة (أرض بلا شعب)، وجوهرها استعمار إحلالي، إقصائي لا يقبل الآخر، لذلك، كان مشروع الكنيست مؤخرا إقرار يهودية الدولة ولا يعترف بغير اليهودي مواطنا أو له حق العيش في فلسطين.
ومشاريع التهجير كثيرة أولها مشروع تهجير فلسطينيي القطاع إلى سيناء عام 1953 أفشله الفلسطينيون وعبّروا عن ذلك عبر مظاهرات قوية، وكذلك مشروع صهيوني عام 1971 فشل في مهده إضافة إلى مشروع رئيس المجلس القومي الصهيوني عام 2010 ملخصه تبادل أراضي مع مصر وتهجير أهالي غزة إليها، وآخرها مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما يسمى “صفقة القرن” الذي لا يختلف عن بقية مشاريع الصهاينة.
في معركة “طوفان الأقصى”، أعاد الكيان الصهيوني طرح الفكرة من جديد وبادرت الأردن ومصر برفض الفكرة وإجهاضها.
إن معاناة الفلسطينيين والذين هُجّروا من أراضيهم عام 1948 تلاه عام 1967 لا زالت حاضرة في أذهانهم وأذهان أبنائهم وأحفادهم، ولا زالوا مشتتين يعيشون في منافي الأرض وأصقاع الدنيا ولا زالوا يحلمون بالعودة إلى بلادهم وديارهم ويزيد تعدادهم عن سبعة مليون إنسان.
وأصبح الشعب الفلسطيني أكثر وعيا وإدراكا بمخاطر التهجير ومآلاته ويرفض الخروج من قطاع غزة، بالرغم من معاناة صعبة من قتل الأبناء والآباء والأمهات وهدم بيوتهم وتدمير سبل الحياة وأسباب البقاء والوجود.
إن صمود المقاومة والتفاف الشعب حول برنامجها هو الكفيل بإفشال كل مشاريع التهجير.

الحديث كذلك عن التهجير إلى جمهورية الكونغو، لماذا؟
حاولت دولة الاحتلال الاتصال ببعض الدول منها الكونغو لتهجير الفلسطينيين إليها، إلا أنه من المستبعد نجاح هذه المحاولات لأسباب لوجيستية ومعقده غير قابله للتطبيق، وهل من المعقول تهجير مليوني ونصف إنسان بدون رغبتهم، بل قسرا وسط رفض دولي عام منها الولايات المتحدة الأمريكية؟

الحديث عن مسعى صهيوني لتهجير الغزاويين بوساطة من توني بلير، ما واقعية هذا السيناريو؟ ولماذا هذا الاسم تحديدا أي توني بلير؟
أثار إعلان الإعلام الصهيوني تعيين توني بلير مسؤولا عن ملف تهجير الفلسطينيين من غزة غضبا واستنكارا واسعين، إذ يمتلئ تاريخه بالجرائم في حق الشعوب العربية إضافة إلى أن بريطانيا بلاده السبب الأبرز في معاناة الشعب الفلسطيني من وعد بلفور إلى فترة الانتداب البريطاني لفلسطين وتسليمها لعصابات الصهاينة وتهجير شعبها عام 1948، إلا أن مكتب توني بلير نفى الخبر ووصف الإعلان بـ”الكاذب”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!