جواهر
محامون وناشطون ومختصون في ندوة الشروق:

صندوق النفقة… القنبلة الموقوتة

جواهر الشروق
  • 18582
  • 35
الشروق

اختلف ضيوف الشروق من حقوقيين وسياسيين وجمعيات نسوية ورجال الدين، في قراءتهم لمشروع قانون “صندوق النفقة” الذي تمت المصادقة عليه من قبل البرلمان مؤخرا، ما بين مرحب به معتبرا إياه “مكسبا للمرأة المطلقة”، وأمانا لها ولأطفالها، ومنتقد له، واصفا إياه بـ”القنبلة الموقوتة” التي ستساهم في ارتفاع نسب الطلاق لتتجاوز 60 ألف حالة، وكذا نسب الخلع التي تقارب 22 ألف حالة، وهذا لكونه خلق بضلع أعوج بعيدا عن قانون الأسرة باعتباره كلا متكاملا.

 

المحامي إبراهيم بهلولي:  

“حان الوقت لتعديل قانون الأسرة وعدم تجزئته”

أكد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا إبراهيم بهلولي على أن المصادقة على مشروع “صندوق النفقة الغذائية” دون وضع آليات لتطبيقه وتحيين قانون الأسرة ودون توسيع قائمة المستفيدين منه إلى الأرامل وحتى “العوانس” والفئات الأخرى سيخلق مشكلة في التطبيق، ليقول بأنه لو تم سن “صندوق للأسرة” لكان أفضل، ولاستفادت العديد من الفئات منه، حيث اعتبر أن “صندوق المطلقات” سيفتح الباب للمغالطات وللتشجيع على ارتفاع نسب الطلاق والخلع، مثل ما حصل عند تعديل قانون الأسرة ومنح حق السكن للزوجة دون أن تأخذه فعليا في المحكمة، حيث تم تعويضه بمنحة بدل إيجار. 

ودعا بهلولي إلى إعادة النظر كليا في قانون الأسرة وتحيينه وضم صندوق النفقة إلى القانون الأم، لأنه جزء لا يتجزأ منه، وقال “لا يجب تجزئة قانون الأسرة من خلال استحداث في كل فترة قانونا ومشروعا جديدا”، متسائلا في السياق ذاته عن سبب عدم قيام الدولة باستحداث “صندوق للزواج” للقضاء على مشكل العنوسة، ليقول أن مشروع هذا القانون تم تسييسه وإعطاؤه صبغة أخرى ما جعل الكثير من النساء لا يعرفن الحقيقة إن كانت النفقة لهن أم لأبنائهن، وأكد في السياق ذاته على أنه يجب إحداث موازنة في التطبيق حتى لا يتناقض الصندوق مع ما ينص عليه قانون الأسرة. 

 وكشف المحامي أن المشكل يبقى في آليات التطبيق خاصة أن التحايل وصل إلى أوجه في قضايا النفقة والطلاق، فكثيرا ما يتحايل الزوج على القانون حتى لا يمنح زوجته المسكن أو لا يدفع النفقة وهذا بشهادة عدم عمل أو كشف راتب مزورة وغيرها من الحيل، وفي السياق ذاته أثار بهلولي مسألة الأحكام التي تصدر في الطلاق والتي قال عنها “99 بالمائة منها تصدر بصفة خاطئة وتكون في مصلحة طرف على طرف آخر” وقال بأنه يجب على محاكم شؤون الأسرة أن تؤكد خلال إصدار حكم الطلاق على الإشهاد بحصول الطلاق في تاريخه الأصلي أي تاريخ خروج المرأة من المنزل لا من تاريخ صدوره في المحكمة، وهو الخطأ الذي يجب تداركه      حسبه – والذي بسببه تحدث العديد من التحايل والتجاوزات، ليشير إلى أن قاضي شؤون الأسرة استقال من مهمته، وشدد على ضرورة إعادة النظر في قانون الأسرة وتضمينه قانون صندوق النفقة مع آليات لمنع التحايل وكذا لتجنب ارتفاع نسب الطلاق، وتساءل عن سبب استثناء بعض الفئات كالأرامل والمطلقات بعد الزواج العرفي وأبناء الأرامل من الصندوق. 

 

رئيسة المرصد الوطني للمرأة شائعة جعفري:

مشروع القانون استغلته المعارضة ولفقت له الصبغة السياسية”

فنَدت رئيسة المرصد الوطني للمرأة شائعة جعفري في منتدى الشروق حول صندوق المطلقات” ما يروج من شائعات حول الاستغلال السياسي لمشروع القانون والترويج له في فترة الانتخابات الرئاسية لاستغلال أصوات النساء لصالح العهدة الرابعة، وقالت جعفري بأن مشروع “قانون النفقة الغذائية” تم استغلاله من قبل المعارضة لإفراغه من محتواه من خلال إعطاءه الصبغة السياسية، في حين تقول – أنه مكسب لجميع النساء الجزائريات وجاء ليحمي حقوق المطلقة التي يرفض زوجها منحها نفقة أولادها وحتى لا تضطر هذه الأخيرة للتسول أو تستغل من قبل شبكات الدعارة، وتساءلت عن سبب الحديث عن شراء ذمم النساء من خلال صندوق النفقة الغذائية واتهمت المعارضة بخلق هذه الدعايات وإثارة الجدل حول القانون.

وأشارت جعفري إلى أن مشروع “صندوق النفقة” تم الحديث عنه قبل مارس2014 وهذا خلال سنة 2004، حيث تم تقديمه ضمن مقترح لتعديل قانون الأسرة، لكنه لم ير النور وتم حذفه من نص القانون بعدما كان موجودا في المسودة، لتقول “في 2012 طرحنا من جديد آليات تطبيق هذا المشروع في المجلس الوطني للأسرة وقضايا المرأةوأضافت “أخيرا استطاع القانون أن يرى النور خلال مارس 2014 بناء على تعليمة رئيس الجمهورية وهو مكسب للمرأة لا نقمة مثلما يروج له” وأكدت ذات المتحدثة على أن القانون سيكفل حقوق الأطفال بعد الطلاق، حيث سيتم منح النفقة للمرأة التي لها أولاد بعد حصولها على حكم نهائي من المحكمة بعد الطلاق ومحضر عدم التسديد يحرره المحضر القضائي، لتتابع بعدها الدولة الزوج الذي رفض منح النفقة فيما تحصل عليها المطلقة وأولادها دون عناء مثلما كان في السابق.

وقالت رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة بأن “صندوق النفقة” سيحمي الكثير من النساء في الجزائر وخاصة الأميات واللائي لا تعرفن حقوقهن وكذا المعنفات ضحايا العنف الأسري، ودعت في السياق إلى عدم النظر إلى المشروع بمنظور ضيق ومن زاوية واحدة فقط، مشيرة إلى أن هذا القانون سيجعل الرجل يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على تشريد عائلته وتطليق زوجته، لتنفي ما يشاع حول تشجيع هذا الصندوق للنساء على طلب الطلاق، واعتبرت أن السبب الرئيس في ارتفاع الطلاق والخلع هو جلسات الصلح الصورية والتي تدار بطريقة عشوائية – حسبها – أما صندوق النفقة فاعتبرته بأنه “أمان للمرأة واستقرارها داخل أسرتها”.

 

لخضر بن خلاف:

القانون استثنى الأرامل وأبناء العاجزين عن العمل

شدَد النائب عن جبهة العدالة والتنمية على أنه يجب تنوير الرأي العام والنساء بصفة خاصة، حيث أن مشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا من قبل نواب البرلمان هو مشروع “صندوق النفقة الغذائية” للطفل أي تستفيد منه المرأة الحاضنة التي لها أطفال، وليس يقول بن خلاف – صندوق خاص بالمطلقات، أي أن المرأة المطلقة لا تستفيد منه، ليعتبر ذات المتحدث بأن المغالطة جاءت في التسمية وهذا لتحقيق غرض سياسي في فترة الانتخابات من خلال إغراء المطلقات بمنحة مالية تقدر 10 آلاف دينار في وقت أن هذه النفقة تمنح للأطفال فقط.

 وفتح بن خلاف النار على نواب المجلس الشعبي الوطني والذين صادقوا على القانون مثلما هو عليه دون أخذ التعديلات والاقتراحات التي تقدم بها بعض النواب بعين الاعتبار، والتي يقول عنها بن خلاف بأنها تعديلات كانت ستأتي لتكملة القانون وتنقيحه وتعديله ليخدم المرأة المطلقة والأرامل ويكفل كافة حقوق الأسرة، حيث أكد محدثنا على أن مشروع القانون استثنى عدة فئات على غرار الأرامل وأبناء الأرامل وأبناء العاجزين عن العمل، مشيرا إلى أن كل التعديلات المقترحة في هذا القانون رفضت لأنها في مصلحة المرأة والمطلقة، هذه الأخيرة التي كذبوا عليها بمشروع صندوق نفقة وهمية، مشيرا إلى أن استحداث صندوق للنفقة الغذائية للطفل سيكفل حقوق جمة للطفل ويجنب النساء مشاكل عدم دفع النفقة، لكن الترويج للصندوق بشكل مغالط هو ما سيجعل الكثير من النساء يتوهمن ويلجأن للطلاق.

 

المحامية فاطمة الزهراء بن براهم:

حذار للنساء..ما قيل عن الصندوق مجرد وعود سياسية

انتقدت المحامية المختصة في قضايا الأسرة فاطمة الزهراء بن براهم  وبشدة مشروع قانون”صندوق النفقة” الذي تمت المصادقة عليه من قبل  البرلمان، لتقول “حذار، ثم حذار أيتها النساء هذه مجرد وعود سياسية” وأضافت “تم  الترويج للصندوق على أنه للمطلقات، ما جعل الجزائريات يفكرن في الطلاق للحصول على المنحة التي قدرت بمليون سنتيم، دون أدنى تفكير، في حين أنه صندوق للنفقة الغذائية للطفل”،  وأشارت بن براهم إلى أن هذا القانون الغير مدروس حسبها سيشجع على الطلاق الصوري وارتفاع نسب الخلع، حيث نوَهت بأن هذا القانون الخاص بالنفقة  تمت تجزئته وفصله عن قانون الأسرة، لتؤكد إلى أن النقاش حول صندوق النفقة كان مفتوحا منذ سنة 2004 بعدما كانت هناك تجربة ناجحة في تونس، لكن تقول المحامية ما حدث أنه تم بتر القانون وإفراغه من  أهميته التي أنشئ لأجلها لاستغلاله في ظرف سياسي لغرض تنشيط حملة انتخابية دون الأخذ، بعين الاعتبار ما طالب به الحقوقيون والمختصون في الشأن، حيث تم  إقصاء عدة فئات على غرار الأرامل وأبنائهم، وكذا العائلات الكافلة التي تكفل أطفال يتامى، وقالت بن براهم “الرئيس بريء مما فعلوه لأنه أعطى أوامر لتكوين لجنة لصياغة القانون الخاص بالصندوق، لكنهم شوّهوه ولم يأخذوا برأي الخبراء”.

 

المحامي عمار خبابة:

الصندوق تم تقزيمه وحصره بالمطلقة دون تعميمه

قال عمار خبابة القيادي في حزب العدالة والتنمية إن مشروع القانون المتضمن إنشاء صندوق النفقة للمرأة المطلقة استغل سياسيا في فترة  معينة سبقت رئاسيات 2014  للفوز بورقة المطلقات، معتبرا أن مشروع بهذا الحجم تم تقزيمه وحصره بنساء دون تعميمه ليشمل الأسرة.

استغرب المحامي عمار خبابة من الطريقة التي تم فيها طرح مشروع صندوق المطلقات، والتي اعتبرها بالغير المدروسة، ولم يحترم فيها قانون الأسرة الذي تم تقزيمه بصفة غير معقولة، وأضاف خبابة لدى نزوله ضيفا على منتدى”الشروق” أن هذا المشروع الذي صادق عليه البرلمان، وينتظر أن يمر على مجلس الأمة للتصويت عليه يحمل العديد من الإشكاليات على رأسها الطريقة التي طرح بها المشروع، والذي خص النساء المطلقات بتسيمة أحدثت الكثير من الانتقادات، فكان الأحرى على -حد قول خبابة بالسلطة أن تعتمد على نفس التسمية التي طرحت لأول مرة عند إطلاق هذا المشروع في سنة 2004، فضلا عن أخطاء أخرى متعلقة بالصياغة حيث تمت الترجمة حرفيا من النسخة الفرنسية، ما تسبب في أخطاء عديدة في النص، وزيادة عن ذلك فالقانون لم يراع طبيعة المجتمع الجزائري، حيث كنا ننتظر أن يتم تعميمه على جميع الأسر وليس فقط المطلقة التي تستفيد منه، وأضاف القيادي في حزب العدالة والتنمية أن القانون لم يحدد طبيعة النفقة وطرح عدة تساؤلات حول المسكن.

وأشار خبابة أن هذا المشروع تم استغلاله في فترة سياسية معينة من طرف محيط الرئيس الذين استغلوا الورقة الانتخابية للمرأة وما تمثله من أهمية لتحقيق هدفهم، غير أن الحقيقة هي أسوأ كون هذه الوعود هي مجرد وهم تريد السلطة من خلاله تمرير مشاريع معينة، وهذا ماحصل مع مشروع صندوق المطلقات الذي ولد جبهة انتقادات جديدة، متهما في نفس الوقت الطريقة التي تم فيها تمرير قانون الأسرة سنة 2005 عن طريق  أمرية رئاسية دون تمريره للمناقشة على البرلمان بغرفتيه ساهم في إرباك المنظومة الأسرية.

وخلص المحامي إلى كون هذا القانون سوف يساهم في ارتفاع نسبة الطلاق وهذا ما لمسناه كما يقول من خلال مشاريع أخرى أبانت عن فشل على غرار الخلع والطلاق الذي أدى إلى نتائج عكسية فبدل أن تحمي المرأة ساهمت في ارتفاع نسبة الطلاق بنوعيه.

 

مفتش الشؤون الدينية سليم محمدي:

الشريعة الإسلامية مع المنفعة ولا نريد أن يثير صندوق المطلقات جدل

تساءل سليم محمدي مفتش في وزارة الشؤون الدينية عن ماهية صندوق النفقة إن جاء منصفا للمرأة المطلقة أو مشجعا على الطلاق في الوقت الذي حدث فيه جدل واسع لدى مروره على البرلمان، مؤكدا في نفس الوقت أن أي قانون يحمل المنفعة فالشريعة الاسلامية معه وتشجعه.

واعترف سليم محمدي بوجود شريحة كبيرة من الناس تقول إن مشروع صندوق المطلقات الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا سوف يأتي بنتائج  عكسية وسوف يساهم في الرفع من حالات الطلاق في الجزائر، مضيفا أنه كان يتمنى وجود صندوق للنساء المكثات بالبيت، خاصة وأن الاحصائيات الأخيرة تؤكد ارتفاع نسبة العوانس، لاسيما اللواتي لايستفدن من أي دخل.

وأكد المفتش في وزارة الشؤون الدينية أن كل أحكام الشرعية الإسلامية تشجع أي عمل يحمل المنفعة للناس، وبتالي أي مشروع يحمل فائدة فإن الشرع معه، غير أنه من غير المستحب أن يثير مثل هذا المشروع جدلا واسعا ويشكك في مدى تحقيقه للهدف الذي انطلق منه، والذي يمكن أن يحوّل المنفعة لضرر، وأضاف محمدي أن الشريعة الإسلامية دعت دائما لكي تحصل المرأة على جميع حقوقها منذ نزول الوحي لذلك فإن هذا القانون جاء متأخرا.

من جهة أخرى قال سليم محمدي إن صندوق المطلقات يجب أن يتم مراقبته والحذر مِن مَن يريد استغلال أمواله ومن يدعي الزواج الصوري للاستفادة من صندوق النفقة.

مقالات ذات صلة