الجزائر
تشكِّل خطراً صحِّياً كبيراً

صيدلياتٌ تهدد صحة المواطن ببيع المضادات الحيوية دون وصفات

الشروق أونلاين
  • 3092
  • 15
ح.م

أكد أطباء ومختصون أن 80 بالمائة من الجزائريين يمارسون ما يعرف بالعلاج الذاتي، بالأخص فيما يتعلق بـ”المضادات الحيوية”، حيث يقتنون أدويتهم مباشرة من الصيدليات من دون عرض أنفسهم على الطبيب لتشخيص المرض والحصول على العلاج الملائم له، والأدهى من هذا هو تعاون الصيادلة معهم ومنحهم ما يرغبون فيه دون اعتراض أو تخوّف من انعكاسات ذلك على صحة المواطن.

 

 

يفضّل الكثير من المواطنين عند إصاباتهم ببعض الحالات المرضية والتي يعتقدون أنها بسيطة ولا تشكل خطرا كبيرا على صحتهم العامة استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي، فهي أدوية فعالة تكافح العدوى البكتيرية وقادرة على إنقاذ حياة المريض إذا استخدمت بشكل سليم. 

 لكن ما يحدث في الجزائر هو تمكّن أي شخص مهما كان سنه من اقتنائها حتى من دون وصفة طبية، وهو ما أردنا الوقوف عليه بأنفسنا حيث أرسلنا طفلا يبلغ من العمر 14 سنة، إلى صيدلية في حسين داي، وطلبنا منه اقتناء مضاد حيوي خاص بآلام الحنجرة، ودخلنا بعده إلى الصيدلية وكأنه لا يوجد اتفاق مسبق بيننا فمنحه الصيدلي الدواء دون أدنى استفسار أو اعتراض.  

وحول الموضوع، أفاد رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، بعدم وجوب بيع الأدوية من دون وصفة طبية باستثناء الخاصة بالآلام البسيطة كوجع الرأس والأسنان، لكن في ظل عدم خضوع الصيدليات للتفتيش وعدم فرض عقوبات على الصيدلي الذي يقوم بهذه التصرفات ازدادت هذه السلوكيات في القطاع العام والخاص.

ليضيف مرابط أن الصيدليات تحوّلت إلى مساحات تجارية عامة لبيع الأدوية كل يتصرّف فيها وفق أهوائه دون الالتفات إلى الخطورة الناجمة عنها. وحمّل مرابط وزارة ومديرية الصحة مسؤولية الرقابة والمعاقبة وعدم اتخاذ إجراءات رادعة، معتبراً أن هذه الظاهرة تُلحق أضرارا باقتصاد البلاد فـ 70   إلى 75 بالمائة من الدواء الموجود في السوق مستورد والمنتج المحلي مصنوع بمواد مستورَدة أيضا ما يستدعي تنظيم استهلاك الأدوية. 

ووصف الدكتور رشيد حميدي، طبيب عام، أغلبية المواطنين الجزائريين الذين يقبلون على العلاج الذاتي بـ”شبه أطباء” كونهم يشترون العلاج من تلقاء أنفسهم، معيباً على الصيدليات السماح بمثل هذه التجاوزات فمن المفترض عدم صرف الدواء إلا من خلال وصفة طبية، وأردف الدكتور حميدي قائلاً: كل مضاد حيوي لديه مفعوله وإن لم يستعمل بطريقة جيدة حسب الوصفة الطبية والتي تحدد الجرعات حسب وزن وعمر المريض يصبح له مفعولٌ مضادّ مقاوم للبكتيريا، وعندما يصبح المريض بحاجة إلى المضادات الحيوية، لا تؤدي مفعولها بشكل جيد وقد تتسبب بعض المضادات الحيوية، على حد قول محدثنا دوما، في نقص المناعة، لذا يستلزم تناوله تحت الإشراف الطبي. 

فيما أكد رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، عابد فيصل، عدم وجود قانون يمنع الصيادلة من صرف الأدوية من دون وصفة طبية باستثناء القانون المهني، معتبرا قطاع الصحة يعيش حالة فوضى عارمة في ظل غياب مجلس أخلاقيات المهنة عن الساحة وغياب قوانين رادعة، وهو ما فتح المجال أمام الانحرافات في القطاع، فالصيادلة يعتمدون في نشاطهم على باعة عاديين يفتقدون الخبرة والوعي. 

وأردف فيصل أن احتكار قطاع الصيدلة من قبل أزيد من 80   من المائة من السيّدات واحتمال وصول النسبة إلى 90 من المائة في غضون 10 سنوات القادمة، ضاعف من الإهمال لانشغالهن بحياتهن الشخصية وهو ما سمح بتزايد ظاهرة كراء الشهادات بالنسبة للصيادلة الموجودين داخل الوطن وخارجه، ليحذر فيصل من خطورة في حال اعتماد سلاسل الصيدليات في قانون الصحة الجديد والتي أثبتت فشلها في الدول الغربية وانعكاساتها السلبية على صحة المواطن 

 

 

أطباء يسرفون في وصفها وصيادلة، وخياطي يحذر:

المضادات الحيوية قد تدمر الجهاز المناعي للأطفال

حذر البروفسور مصطفى خياطي رئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى الحراش من الإقبال العشوائي للأطفال على تناول المضادات الحيوية، التي قد تتسبب في مضاعفات خطيرة تعمل على التدمير التدريجي لجهاز المناعة، ونصح المتحدث الأطباء بضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن وصف المضادات الحيوية للأطفال خاصة الأقل من سنتين “لأن مقاومة البكتيريا المتسببة في الأمراض الهضمية والتنفسية والبولية سببها اللجوء العشوائي للمضادات الحيوية”.

وأشار رئيس المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث أن المضادات الحيوية “لا ينبغي أن توصف إلا في حالات الأمراض الجرثومية وحسب معايير محددة”، مذكرا بأنه “ليس هناك مضادات حيوية بديلة حاليا” وأن “كل أشكال الجزيئات تم تسويقها”.

وأكد في هذا السياق إلى أن من “50 إلى 60 بالمائة من البكتيريا المسؤولة عن الأمراض الأكثر خطورة على غرار السل قد طورت مقاومات بسبب الاستهلاك المفرط لهذه الأدوية وعدم احترام مقادير ومدة العلاج”.

وفي هذا الشأن أشار إلى أن “50 بالمائة من الأطفال الذين يدخلون سنويا إلى المستشفى يلجأون إلى المضادات الحيوية”، واصفا هذه النسبة بالكبيرة وغير العقلانية”، واقترح المتدخل من جهة أخرى إنشاء مرصد وطني لمتابعة حالات المقاومة للمضادات الحيوية قصد التحسيس بأخطار الاستعمال المفرط لهذه الجزيئات.

مقالات ذات صلة