جواهر
تفاقم ظاهرة العنف ضدهن

طبيبات يعشن ليال الرعب في المستشفيات

نادية شريف
  • 22694
  • 64
ح/م
العنف يطال الطبيبات في المستشفيات

بلغت الشكاوى المرفوعة من طرف طبيبات القطاع العام إلى مديريات الصحة، الوزارة، عمادة الأطباء، ونقابة مستخدمي الصحة العمومية مؤخرا رقما قياسيا بمعدل شكوى بوقوع اعتداءات كل أسبوع، وتعرضهن للإهانة، والسب، والعنف المعنوي، والنفسي، والجسماني من طرف المرضى ومرافقيهم إلى مختلف مصالح الاستعجالات العيادات متعددة الخدمات التي تعتبر من المؤسسات الوحيدة التي تستقبل المرضى ليلا.

وبلغ العنف أوجّه مؤخرا باقتحام مكاتب الطبيبات، تهديدهن، شتمهن، وضربهن في بعض الأحيان، وهو وضع تغض وزارة الصحة النظر عنه رغم خطورته، فالقطاع العام للصحة حسب مصادر نقابية يسير بنسبة 80 بالمائة من طرف العنصر النسوي الذي يختار مهنة المئزر الأبيض كمهنة سامية في المجتمع تستقطب اهتمامهن بنسبة كبيرة لاعتبارات اجتماعية شأنها شأن قطاع التعليم ،فمن بين 20 ألف منصب طبيب في الجزائر في القطاع العام نجد أن العنصر النسوي يشكل حوالي 16 ألف طبيبة تعمل بمختلف المؤسسات وتزاول العمل الليلي بالمناوبة في مختلف الدواوير، والمناطق النائية، والمدن الكبرى ضمن الحالات الاستثنائية التي نص عليها  القانون المنظم لعلاقات العمل 11_90 في المادة 29، والتي تسمح للمرأة بالعمل الليلي بترخيص خاص حسب خصوصية النشاط لأن قانون العمل يمنع المرأة من العمل الليلي من التاسعة مساء إلى الخامسة صباحا لاعتبارات أخلاقية وأمنية، ولو منعت المرأة لاعتبارات أمنية من المناوبة الطبية ليلا فإن قطاع الصحة سيشمع أبوابه نهائيا، لكن رغم ذلك فإنّ المرأة الطبيبة في المناطق المعزولة، والبلديات النائية، والمدن الكبرى كالعاصمة ليست في حماية من الاعتداءات التي أصبحت سيناريو يتكرر كل ليلة سواء في مصلحة الاستعجالات أو مصلحة التوليد وغيرها، فهي امرأة ضعيفة  هادئة لا تملك سوى سمّاعة، وجهاز قياس الضغط، وتجلس على كرسي غير مريح أمام طاولة خشبية تشبه طاولات المدارس القديمة، يتهجم عليها المرضى وذويهم بسبب تردي الأوضاع، انعدام وسائل العمل والأدوية، والطوابير الطويلة التي يضطر المريض إلى الوقوف فيها لساعات، وعندما تعجز الطبيبة المناوبة من فحص كل المرضى في حالة من الفوضى تنسحب وتغادر مكتبها لمدة طويلة خوفا من تعرضها لاعتداء، يقول رئيس نقابة مستخدمي الصحة العمومية في هذا الموضوع أن الاعتداءات ضد طبيبات المناوبة مشكل شبه يومي تغذيه ظروف العمل المتدهورة في قطاع الصحة وهو ما يسبب الشحنة بين المريض، أو مرافقه، والطبيبة المناوبة، ومعظمها اعتداءات لفظية مسيئة لنفسية المرأة التي تعمل لساعات طويلة في الليل، وقد سجلت النقابة المئات من الشكاوى منها الإساءة، عدم الاحترام، الضرب، الملاحقة خارج المستشفى، وذكر حالة الطبيبة الحامل التي فقدت جنينها بسبب ظاهرة عنف وقعت في العيادة متعددة الخدمات بباش جراح بالعاصمة مؤخرا، حيث وقع شجار بالأسلحة البيضاء والسيوف داخل العيادة بين عصابات الأحياء بسبب المخدرات، وتعرضت الطبيبة إلى عنف نفسي والاعتداء بالضرب انهارت على إثره وفقدت جنينها، كما تعرضت طبيبة أخرى في إحدى العيادات إلى ضربات خنجر كادت تفقدها حياتها، لكن ورغم تنقل وزير الصحة، ووقوفه على ظروف العمل، وانعدام الأمن الذي تعمل وسطه الطبيبات لا شيء تغير، وقد رفعت العديد من التقارير إلى مديريات الأمن ووزارة الداخلية لتأمين المستشفيات غير أن الأمن بات مفقود والاعتداءات مستمرة، ويقول السيد الياس لمرابط رئيس نقابة مستخدمي الصحة العمومية أن حالة انعدام الأمن والاعتداءات ناتجة في الأصل عن رداءة ظروف العمل، فالمريض ومرافقيه عندما لا يجدون العناية، والعلاج والوسائل داخل المستشفى خاصة ليلا، فإنهم ينقلبون على الطبيبة المناوبة التي تلجا إلى الفرار عادة أو المواجهة التي قد تدفع حياتها ثمنا لها.

مقالات ذات صلة