الرأي

طريق الحرير يثمن الرهان على طريق الوحدة الافريقية

حبيب راشدين
  • 2339
  • 10
ح.م

بالتوقيع  على مذكرة تفاهم بين الجزائر والصين ،الخميس ، ترسم التحاق الجزائر بمشروع “طريق الحرير” تكون الجزائر قد حسمت خياراتها الاقتصادية والتجارية لعقود قادمة مع شريك صيني يحتل اليوم صدارة التجارة العالمية، وهو مرشح لانتزاع صدارة الاقتصاد العالمي في الأعوام القليلة القادمة.

اختيار مناسبة انعقاد الطبعة الثالثة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي للتوقيع على مذكرة التفاهم يحمل ثلاث رسائل على الأقل: الأولى للشريك الصيني الذي استفاد في العقدين الماضيين من انفتاح جزائري على السلع والخدمات والشركات الصينية، نقل حجم التبادل من 200 مليون دولار في تسعينيات القرن الماضي إلى أكثر من 10 ملايير دولار لتحتل الصين دور الشريك الاقتصادي الأول، يوجب على الصين أن تتحول من مجرد مصدر للسلع والخدمات، إلى مستثمر نشط في اقتصاد جزائري اعترف مؤخرا السفير الصيني بمقدراته وفرصه الهائلة.

أما الرسالة الثانية فهي موجهة لمحيطنا الإفريقي الذي سيجد في هذا الزواج الجزائري ـ الصيني شريكا منصفا يراهن على علاقات محكومة بمبدأ “رابح رابح”، حيث أن الجزائر ورغم امكانياتها المالية المحدودة سارعت إلى تصفية جزء كبير من ديون الدول الإفريقية، ولا تريد أن تكون مستقبلا ممرا لعودة استعمار جديد للقارة، بدأ يظهر شبقا منفلتا لنهب مواردها، مع تحميل شعوبها أعباء استدانة هي فوق مقدراتها المالية.

الرسالة الثالثة موجهة بلا ريب للشريك الأوروبي، الذي بدأ يفقد استفراده بالاقتصاد الجزائري بشكل لافت، وكان ضحية لمواقف فرنسية متخلفة ما زالت تتعامل مع دول شمال افريقيا كحديقة خلفية وفضاء خالص للنهب، لتفاجأ بما يشبه الإغلاق المتدرج للسوق الجزائرية أمام شريك مرتهن بذهنية استعمارية متحجرة، لم يتعلم كثيرا من درس تأميم ألمحروقات ولا من دروس انتزاع ورقة الدين من نادي باريس، ونجاح الجزائر في تنويع علاقاتها سواء مع الدول الأوروبية أو مع الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة مع الصين.

التحاق الجزائر بمشروع طريق الحرير كان مبرمجا منذ أن انطلقت المشاريع القاعدية الكبرى في العقد الأخير، بعضها كان يراهن على تحويل الجزائر إلى بوابة للوصول إلى قلب القارة الإفريقية حتى قبل ظهور المبادرة الصينية، ولم تكن الجزائر لتجازف باستثمارات ضخمة في توسعة طريق الوحدة الإفريقية وربطه عبر الطريق شرق غرب بأغلب موانئ البلاد ومنها الميناء العملاق بشرشال لو لم تكن قد استشرفت حاجة أقطاب الاقتصاد العالمي إلى التوغل في القارة الافريقية العذراء.

امتلاك الجزائر لطريق الوحدة الإفريقية ولشبكة موانئ ومطارات وشبكة متنامية للسكك الحديدية، ومقدرات طاقوية هائلة، كان يرشحها للفوز بدور الشريك المفضل ليس فقط للصينيين ولمشروع “طريق الحرير”، بل يؤهلها للفوز بشراكة مماثلة مع الاتحاد ألأوروبي ومع الولايات المتحدة التي تحتاج إلى شريك مثل الجزائر قادر اليوم على تأمين الاستثمارات الأجنبية أكثر من أي بلد من بلدان شمال افريقيا المنافسة وتحديدا مصر والمغرب اللذين تمنعهما الجغرافية ومحيطهما الجيوسياسي الملغم من لعب دور البوابة الشمالية للقارة السمراء.

وعلى خلاف بقية مشاريع طريق الحرير في آسيا وإفريقيا التي احتاجت إلى تمويل صيني ضخم، فإن البوابة الجزائرية قد تجاوزت مرحلة اقامة المنشآت القاعدية، لتعرض على الشريك الصيني وعلى منافسيه فرصة الانتقال السريع إلى مرحلة الاستثمار في المشاريع الانتاجية لسوق افريقية متنامية، تمتلك اليوم بثرواتها ومقدراتها البشرية الحق في بناء شراكة منصفة قادرة على معالجة آفتي الهجرة  والإرهاب المكلفة للجميع.

مقالات ذات صلة