جواهر
طريق الرعب إلى المدرسة:

ظاهرة مرافقة الأطفال في كل الأوقات هل مبالغ فيها؟

جواهر الشروق
  • 12220
  • 17
ح.م

يرافق الآباء وخاصة الأمهات أبناءهم يوميا إلى المدرسة صباحا ومساء وفي كل وقت خوفا عليهم من الطريق، لكن يظهر وكأن الأولياء يبالغون في خوفهم الشديد على أطفالهم من الاعتداءات أو الاختطافات والتحرش والاغتصاب أو من عجلات السيارات إلى درجة أن الهوس من حدوث مكروه لهم خيم على عقولهم فنجدهم ينتظرون بالساعات مجموعات مجموعات أمام بوابات المدارس يترقبون الجرس لخروج التلاميذ واصطحاب أطفالهم إلى البيت حتى وإن كان لا يبعد على المدرسة إلا بأمتار.

ويعترف الأولياء أنهم في السابق كانوا يتوجهون لوحدهم إلى المدرسة ولم يرافقهم أحد ويقطعون طرقا صعبة ويركبون شاحنات وجرارات وحتى الأحمرة وفي أقسى الظروف الطبيعية ولم يصطحبهم أهاليهم يوما إلى الدراسة لكن اليوم تغير المجتمع وأصبح مخيفا لما يسمع يوميا من حقائق وإشاعات وما تطالعهم عليه الجرائد ووسائل الإعلام من جرائم اختطاف وقتل وتنكيل واغتصاب وتحرش وسرقة أعضاء ضحيتها هؤلاء الأطفال الأبرياء مما يصعد مخاوفهم ويجعلهم يرون أن الطريق إلى المدرسة هو شبح ورعب بالنسبة لهم، ويتحملون مشقة الخروج يوميا من البيت ويتركون أعمالهم ووظائفهم وارتباطاتهم ويغلقون محلاتهم لمرافقة أطفالهم إلى المدرسة.

كما كان اصطحاب الأطفال في سيارات أبائهم يقتصر على المتمدرسين في المدارس الخاصة المتواجدة على بعد مسافات معتبرة من مقر سكنهم، ويضطر الأولياء إلى نقل أبنائهم ليس لغرض سوى بعد المسافة ، لكن مؤخرا وقبل عشر سنوات تقريبا طغت ظاهرة مرافقة الأطفال من قبل ذويهم إلى المدارس العمومية وحتى القريبة من الأحياء السكنية الآهلة بالسكان، ظاهرة تثير الكثير من التساؤلات هل مخاوف الآباء حقيقة آم مجرد هواجس ورعب مما يحدث في المجتمع من أفعال وجرائم معزولة، فلم نسمع في الجزائر بقاتل أطفال أو قاتل متسلسل كما نراه في أفلام الرعب، ولا توجد عصابات متخصصة في سرقة الأعضاء، حتى التحقيقات التي قامت بها مصالح الأمن حول الجرائم الأخيرة والتي راح ضحيتها أطفال أبرياء كانت مرتبطة بظروف معينة ولها دوافع وانتقام وأن المجرمين كانوا من محيط الضحايا وأهاليهم..

وكان مقتل الطفلين في ولاية قسنطينة قبل سنتين حادثة مرعبة زرعت الخوف مجددا في قلوب الآباء الذين لا يسمحون  لأطفالهم بالتوجه إلى المدرسة لوحدهم خاصة المتمدرسين في الطور التحضيري والسنة الأولى وهناك من يرافقون بناتهم حتى السنة الخامسة من التعليم الابتدائي.

وقد روت لنا سيدة من حي البدر بالجزائر العاصمة أنها ترافق ابنتها يوميا إلى المدرسة إلى غاية السنة الخامسة، فهي  تخشى عليها عندما كانت صغيرة من الاختطاف أو حوادث المرور واليوم بدأت تنمو جسديا وتخشى عليها من التحرش، وقد زرعت في ذهن ابنتها الكثير من التوصيات لا تكلمي أحدا ولا تصعدي في أي سيارة حتى وان كانت لجيران أو معارف، ولا تسلكي الطرق المختصرة ولا تدخلين المحلات، واحذري الشيوخ والشباب و…..غيرها من التوصيات.

وتعاني الأمهات الكثير من المتاعب لتأمين الطريق إلى المدرسة، فنجدهن يصارعن الوقت ويضحين براحتهن ويخرجن يوميا برفقة أطفالهن الصغار وحتى الرضع لاصطحاب أبنائهن من والى المدارس واغلبهن يقدن السيارات لتسهيل المهمة، والبعض منهن يتركن أطفالهن الصغار نائمين في البيت أو مع الجيران  فقط للتوجه إلى المدرسة واصطحاب أبنائهن المتمدرسين خوفا عليهم من الطريق .

يرى المختصون في علم النفس والاجتماع أن الظاهرة ملفتة للنظر تفرضها حقائق اجتماعية، فالتغير الذي يحدث الآن في المجتمع الجزائري يفرض على الآباء الاهتمام وتأمين الحماية لأطفالهم، على الرغم من أن تخويف الأطفال قد يؤثر على نفسيتهم إلا أن الوقاية خير من العلاج.

مقالات ذات صلة