الشروق العربي
الصراعات المالية أكثر أسباب الطلاق

عائلات تحجز على رواتب بناتها بعد الزواج

الشروق العربي
  • 16657
  • 37
بريشة: فاتح بارة
هل هذه الظاهرة منتشرة عندكم؟

تشكل الصراعات المالية بين الأزواج اكثر أسباب قضايا الطلاق في المحاكم الجزائرية، فراتب الزوجة يشعل الفتنة داخل الأسرة ويقود الأزواج إلى مشاكل عادة ما تنتهي بهدم البيوت وتشريد الاطفال.
هناك عائلات جزائرية تشترط “الحجر” على راتب بناتها بعد الزواج، فيعتقد الأب أن ابنته التي تعب من اجلها وانفق عليها طوال عشرين سنة فما فوق ليس من حق أي رجل أن يستحوذ على راتبها، فيمنعها من الإنفاق على زوجها أو يطالبها بجزء من راتبها كجانب من رد المعروف، وتكون البنت العاملة عادة أكثر عاطفة مع عائلتها، فقبل زواجها مثلا تتولى جزءا من المسؤولية المالية وتساعد عائلتها في نفقاتها، إلى درجة أن الأولياء أصبحوا يفضلون البنات على الذكور، لأنهن أكثر حظا في العمل وأكثر صرامة في تحقيق مستقبلهن،
فبعد الزواج تبقى الفتاة على مبدأ مساعدة عائلتها ومنح جزء كبير من راتبها لوالدها او لوالدتها، لكن هناك عائلات تتمادى في طلب مساعدة بناتها بعد الزواج، ورغم انتقال الوصاية عليهن من الآباء إلى الأزواج فيشترطون عليهن منح جزء من رواتبهن ليس كمساعدة، بل كواجب او بصفة إجبارية، او كالتزام معنوي مقابل رد الجميل.
فقد نشرت فتاة مؤخرا رسالة على شبكة التواصل الاجتماعي تطلب رأيا آو فتوى آو حلا لمشكلة كبيرة تواجهها وهي ان والدها يرفض تزويجها بسبب راتبها وقد صارحها في حال الزواج ان يحجر على دفتر شيكاتها ويستمر في الاستفادة من جزء من راتبها كحق من حقوقه عليها.
هذه الحالة ليست معزولة او فريدة في المجتمع الجزائري، فعرائض الطلاق في أروقة المحاكم الجزائرية تحمل تفاصيل صادمة عن حدة الصراعات المالية داخل الأسر، ففي جواب الأزواج مثلا في إحدى قضايا الطلاق يقول الزوج ان زوجته تخرج من البيت من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء وتتنقل مسافة 40 كلمترا ذهابا وإيابا منذ أكثر من سنتين، وطلب منها مساعدته في مصاريف البيت، لكنها ترفض وتطالبه بتحمل كامل المسؤولية المالية بما فيها نفقاتها الخاصة، لأنها مجبرة على منح كامل راتبها لوالدها لمساعدته في إتمام إشغال بناء البيت العائلي…
عريضة أخرى يقول فيها الزوج انه تفاجأ بوالد زوجته وهو يقوم بسحب راتب ابنته شهريا من مركز البريد والمواصلات ويحجزه كاملا ويمنحها جزءا بسيطا منه لشراء بعض الحاجبات فقط، بحجة أن والدها يرعى مصالحها ويحمي راتبها من زوجها وهذا ما لا يقبله أحد حسب رأي الزوج في نفس العريضة.

الأب يزرع والزوج يقطف…

تفاجأنا بردود أفعال متضاربة وعنيفة حول راتب الفتاة الذي يعتبر ملكها وهي الوحيدة القادرة وبحكم القانون ان تمنحه لمن أرادت وذلك حسب ما ينص عليه قانون الأحوال الشخصية ينص على استقلالية الذمة المالية لكلا الزوجين، غير أن الكثير ممن تحدثنا إليهم رأوا أن الفتاة من واجبها مساعدة عائلتها التي أنفقت عليها لمدة سنوات وأن راتبها هو ثمار يقطفها الأب وليس الزوج عكس ما هو معمول به، فالزوج يأتي في نهاية المطاف ويطالب براتب زوجته ويحرم عائلتها منه، في حين يرفض البعض أن يبقى الأب وصيا على ابنته بعد الزواج وهو ما أكده لنا رجال الدين.
فيقول نقيب الأئمة الأستاذ جلول حجيمي “لا يوجد أي رجل يرضى أن تشتغل زوجته وتمنح راتبها كاملا لوالدها، يمكنها أن تساعد أسرتها من باب الإحسان وطاعة الوالدين، لكن ليس من حقها ان تحرم زوجها من راتبها وتمنحه كاملا لأسرتها، فهذا غير مقبول”، وأضاف قائلا “على الأولياء أن يعلموا بان تصرفاتهم هي ما آدى بعائلات إلى الطلاق والانفصال والتشتت”، ويرى “أن الفتاة بمجرد زواجها تنتقل العصمة من الأب إلى الزوج وما يتم الاتفاق عليه منذ البداية مسألة ضرورية لتفادي الاختلافات حول راتب الفتاة، فمن حقها أن تمنح جزءا منه، لكن أيضا من واجبها مساعدة الزوج إذا كان بحاجة مادية فلا يجب ان تحرمه من مالها”.
من الآراء التي جمعناها أيضا أن أولياء أمور قالوا صراحة “نحن نكبر وندرس ونربي ويأتي رجل يحصد ما زرعناه طيلة سنوات، فراتب بناتنا من حق أسرتها وحقها فقط”.
وهناك من رفض تزويج ابنته بسبب خلافات حول راتبها فيشترط الأب أن يحجز دفتر شيكاتها في بيته وتبقى تحت وصايته المالية حتى بعد زواجها،
وقد رفض بعض الآباء أزواجا تقدموا لخطبة بناتهم وطالبوهن بالتوقف عن العمل، الشيء الذي رفضوه جملة وتفصيلا واشترطوا استمرار بناتهن في العمل كشرط من شروط إتمام الزواج لما في ذلك من مصلحة للفتاة وربما لمصلحة أسرتها أيضا.

ل.م

مقالات ذات صلة