الجزائر
وزارة العدل والداخلية تحقق في آلاف الطلبات لتغيير الألقاب

عائلات جزائرية تطاردها أسماء البهائم والشتائم

الشروق أونلاين
  • 39592
  • 43
ح.م
ألقاب مهينة في الحالة المدنية بالجزائر

كان القانون المدني الجزائري سخيا مع آلاف العائلات الجزائرية التي سمح لها بتغيير ألقابها القبيحة التي لا يجرؤ الكثير من الناس على نطقها، فما بالك الأطفال الذين يحملونها وينعتون بأسماء كل معانيها شتائم وبهائم ورثوها عن عائلاتهم منذ الحقبة الاستعمارية، غير أن لجوء آلاف العائلات إلى تغيير ألقابها وإشهارها في الجرائد الوطنية ومسحها من كل الوثائق والمحررات الرسمية، إلا أنها لم تتخلص من إرث ثقيل لا تزال تنعت به في الوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه، ويبقى راسخا في ذاكرة الناس والجيران ورفقاء الدراسة وأوساط العمل.

 

تعتبر قضية الأسماء العائلية المشينة التي تحملها رسميا آلاف العائلات الجزائرية وتوارثتها أبا عن جد منذ فترة الاستعمار الفرنسي قضية شائكة، جعلت أغلب العائلات في مفترق الطرق بين اختيار تغيير اللقب رغم ماله من مسار إداري طويل من ناحية الإجراءات الإدارية والقضائية حفاظا على مشاعر الأبناء وتخليصهم من إهانة الاسم العائلي الذي يحمل عادة عبارات قبيحة ومشينة كأسماء البهائم والشتائم، وبين ماله من تفسخ عن شجرة العائلة وتنصل للنسب داخل الأسرة الواحدة، فنجد الإخوة وأبناء العمومة بأسماء عائلات مختلفة بعد تغيير الاسم لأي شخص راشد بحكم القانون، مما يخلق تناثرا اجتماعيا، وهو ما يجعل الكثير من العائلات تتمسك بلقبها الأصلي وتعتاد عليه خاصة الأسماء العائلية التي تحمل صفات الذم والشتائم كـ”لعور، لحول، العايب، لعوج، لعرج، لطرش، لكحل، بهلول، مجنون  ..”.  

فهذه الأسماء مع مرور الزمن رغم أنها تحمل معاني الشتم، إلا أن العائلات الجزائرية تتقبلها، وقد اعتاد الناس على نطقها دون التفكير في معناها، حتى وزارة العدل رفضت الكثير من طلبات تغيير هذا النوع من الألقاب لعدم توفر الأسباب الموضوعية والجدية، باعتبار أنها لا تحمل معاني مشينة أو قبيحة، غير أن الأسماء السيئة والتي يتذمر منها خاصة الأطفال داخل المدارس أمام زملائهم ويخجلون من مناداتهم بها أمام الجميع هي أسماء البهائم، فكيف يقبل طفل في السادسة من العمر أن تناديه المعلمة أمام زملائه رضا حمار أو مصطفى الداب أو محمد لبغل أو سميرة معزة، أو نور جحش، بخوش، فيصل قرد، سامي جرد، وائل فار، قطيط، فثقل الاسم العائلي على الطفل الصغير أشد وقعا على نفسيته من الشخص الراشد لذلك يفضل الأب بعد الأربعين سنة بدل أن يحمل اسما عائليا مشينا أن يغيره من أجل أبنائه وحفاظا على كرامتهم وسط المجتمع. 

 لكن الكثير ممن غيّروا ألقابهم لم يتجاوزوا عقدة الاسم القديم لأن المجتمع والبيئة اللذين نشؤوا فيهما يذكرانهم باللقب المشين، ليبقى إجراء تغيير اللقب مجرد إجراء شكلي يخص الوثائق والمحررات الرسمية، لكن الهوية الاجتماعية السابقة تبقى راسخة، لذلك يرى المختصون في علم النفس والاجتماع أن تغيير الاسم العائلي هو إجراء شكلي ليس له معنى، إلا إذا صاحبه تغيير للبيئة والوسط الاجتماعي، علما أنه في مستخرج شهادات الميلاد الأصلية يكتب الاسم الجديد مع الإشارة إلى الاسم العائلي القديم، وهو إجراء اتخذته وزارة العدل لتمكين مغيري الألقاب من الانتساب للعائلة والاستفادة من الميراث وعدم اختلاط الأنساب.

.

2000 عائلة غيرّت ألقابها و1000ملف عالق بين تحقيقات الداخلية ووزارة العدل

أفادت معلومات من مصلحة تغيير الألقاب بوزارة العدل أن قرابة 2000 عائلة جزائرية استفادت من إجراءات تغيير اللقب وفق القانون المدني الذي يجيز لكل شخص بالغ سن الرشد القانوني أن يقدم طلبا إلى وزير العدل حافظ الأختام لتغيير لقبه لأسباب جدية وموضوعية، ويتعهد أمام القاضي بأنه لا يرمي من وراء طلبه إخفاء هوية مشبوهة، وتحمل هذه العائلات التي نشرت طلباتها في الجرائد اليومية أسماء مخلة ومشينة وقبيحة يستحي أي شخص نطقها، واضطر حاملوها لسنوات من إخفائها أو التخفيف من وقعها، من خلال تغيير نطقها من العربية إلى الفرنسية بإخفاء حرف، وبالتالي يتغير معناها أو ينطق بصورة محسنة.

 وقد تم تغيير ألقاب هذه العائلات بعد تحقيقات كبيرة من طرف لجنة مختلطة مشكلة من ممثلين عن وزارة العدل ووزارة الداخلية، بعد فترة ستة أشهر من نشر إعلان عن تغيير الاسم العائلي في الجرائد الوطنية وعدم الاعتراض على الاسم الجديد من طرف أي شخص أو عائلة، ويتم تغيير اللقب بموجب مرسوم رئاسي يوقعه رئيس الجمهورية وينشر في الجريدة الرسمية، ليتم تصحيح عقود الحالة المدنية بناء على طلب وكيل الجمهورية.

 

مقالات ذات صلة