الرأي

عاقبوا‮ ‬الديناصورات‮!‬

محمد يعقوبي
  • 4033
  • 16

نسمع‮ ‬ونقرأ‮ ‬بمناسبة‮ ‬الانتخابات‮ ‬التشريعية‮ ‬ترديد‮ ‬أسماء‮ ‬ديناصورات‮ ‬كره‮ ‬منها‮ ‬الشعب‮ ‬الجزائري،‮ ‬لتكون‮ ‬على‭ ‬رؤوس‮ ‬قوائم‮ ‬الانتخابات‮ ‬بمختلف‮ ‬الولايات‮ ‬ينتمون‮ ‬على‭ ‬وجه‮ ‬الخصوص‮ ‬لأحزاب‮ ‬التحالف‮ ‬الرئاسي‮.‬

أسماء وزراء وشخصيات كنا نظن أنها قضت “نحبها” السياسي لتترك المجال للأجيال الصاعدة التي انتظرت تسليم المشعل لعقود متوالية، لكنها لم تحصل إلا على قوارب الموت والتهجير وأمواج الإحباط وخطاب التيئيس، بينما مناصب المسؤولية ينام عليها رعيل من كبار السن باسم الشرعية‮ ‬الثورية،‮ ‬التي‮ ‬قتلت‮ ‬المواهب‮ ‬وأحبطت‮ ‬الشباب‮ ‬وهجّرتهم‮ ‬وأحالت‮ ‬الكثير‮ ‬منهم‮ ‬إلى‭ ‬الانحرافات‮ ‬من‮ ‬مخدرات‮ ‬وجرائم،‮ ‬لأنهم‮ ‬يئسوا‮ ‬من‮ ‬إيجاد‮ ‬فرصة‮ ‬عمل‮ ‬فضلا‮ ‬عن‮ ‬فرصة‮ ‬إبداع‮ ‬وتألق‮..‬

أما اليوم وبعد أن قال الرئيس كلمته في فسح المجال للأجيال الجديدة لإحداث “ثورة الانتخابات” ها هي الأحزاب “الكبرى” تفتح خزائنها المغلقة لتخرج لنا من أرشيفها من يسمم الأبدان ويعفن الأجواء ويحيل الشباب إلى المزيد من المعاناة واليأس والإحباط..

ها هي المعركة في الحزب العتيد مثلا تنحصر بين أسماء وزراء “مترهلين” وشخصيات منهكة وقيادات أفلانية أقصى أمنياتها أن تنهي حياتها براتب معاش محترم على ظهر هذه البقرة الحلوب التي ترفض أن تُرضع الشباب بعد أن انتفخت أوداج الشيوخ من شدّة “المص” والاستنزاف الذي تتعرّض‮ ‬له‮ ‬خيرات‮ ‬البلاد‮ ‬منذ‮ ‬الاستقلال‮.‬

وفعلا‮.. ‬إنها‮ ‬بلد‮ ‬المعجزات،‮ ‬فمنذ‮ ‬عام‮ ‬1962‮ ‬واللصوص‮ ‬ينهبون‮ ‬هذا‮ ‬البلد‮ ‬وينهشون‮ ‬لحمه‮ ‬ويهربون‮ ‬خيراته،‮ ‬ورغم‮ ‬ذلك‮ ‬لايزال‮ ‬هذا‮ ‬الوطن‮ ‬واقفا‮ ‬منتصبا،‮ ‬يقاوم‮ ‬الإستغلال‮ ‬والنهب‮ ‬والضرب‮ ‬تحت‮ ‬الحزام‮.‬

كيف نريد إقناع الشباب والنساء أن ينتخبوا وبعض الأحزاب الموسومة بـ “الكبرى” تقدم لنا على رؤوس قوائمها وزراء فاشلين في قطاعاتهم، انتظر الجزائريون سنين طويلة لإزاحتهم من الواجهة، وإذا بنا نتفاجأ بهم يقاتلون على رؤوس القوائم، وحتى إن أخرجناهم من بوابة الحكومة سوف يعودون لنا‮ ‬من‮ ‬نافذة‮ ‬البرلمان‮ ‬ليرفعوا‮ ‬أيديهم‮ ‬لمن‮ ‬هبّ‮ ‬ودبّ‮ ‬وينصبوا‮ ‬ظهورهم‮ ‬لتمرير‮ ‬مشاريع‮ ‬السلطة،‮ ‬ليس‮ ‬كما‮ ‬يريدها‮ ‬الشعب‮ ‬بل‮ ‬مثلما‮ ‬يريدها‮ ‬أصحاب‮ ‬القرار‮.‬

لا نستطيع أن نحرّض الناس على المقاطعة في هذا الظرف الحسّاس القابل للانفجار في أي لحظة، رغم أن كل مبرّرات المقاطعة متوفرة، لكن بالنظر إلى المخاطر المحدقة بالوطن، فإن المقاطعة ستزيد من تعفين الوضع وسوف تضخ البرلمان بالمزيد من الرداءة على حساب المشاريع الجادة التي نعتقد وجودها في كل زمان ومكان، ومن شأن المقاطعة أن تطيل في عمر الأزمة وتطيل أعمار الديناصورات ليعيثوا فينا فسادا ويمارسوا علينا كل أنواع الإذلال والحڤرة مثل ما عشناه منذ الاستقلال.. لذلك وجب القيام بالثورة التي دعا إليها الرئيس بوتفليقة، ولكن ثورة لمعاقبة كل ديناصورات السياسة ومنعهم من الترشح للانتخابات وإفساح المجال للأجيال الجديدة من إطارات وكوادر وطلبة ومعلمين ورياضيين وفنانين، ودكاترة جامعات وكفاءات نسوية وبطالين ومعوقين ومكفوفين.. وقطع الطريق على كل الديناصورات التي تريد العودة من النافذة لتسوية معاشاتها على حساب الشباب.. أريد أن يثور الناخبون على الأحزاب وقوائمها، إذا رشحت لهم أيّا من الوزراء أو النوّاب السابقين أو كبار السن، أو مسؤولين فرضوا أنفسهم بالسلطة والحڤرة أو “البڤارة” الذين فرضوا أنفسهم بـ”الشكارة”.. كل هؤلاء خطر على البلاد وإذا تُركوا يترشحون ويفوزون ستظل ناقة هذا الوطن “باركة” إلى أن يقيض الله لهذا الوطن جيلا أفضل من جيلنا، يفتك فرصته بأسنانه من مخالب الديناصورات الفاشلة التي تحارب للوصول وتحارب للبقاء وتحارب من أجل أن لا تستلم الأجيال الصاعدة ذلك المشعل الموعود.. الذي انتظرناه في انقلاب جوان 65 وانتظرناه بعد وفاة بومدين وانتظرناه بعد الربيع الأمازيغي 82 وانتظرناه بعد أكتوبر 88 وانتظرناه في 91 و92 و95 و97 وانتظرناه منذ مجيء الرئيس بوتفليقة وانتظرناه بعد أحداث 11 سبتمبر وانتظرناه طيلة الألفية الجديدة.. لكن أحدا لم يتفضل علينا بهدية عيد الميلاد،‮ ‬فتلاحقت‮ ‬قوارب‮ ‬الموت‮ ‬ومات‮ ‬الطموح‮ ‬في‮ ‬قلوب‮ ‬الباقين‮ ‬من‮ ‬الشباب‮ ‬المحبط‮.. ‬بينما‮ ‬ثمّة‮ ‬من‮ ‬الديناصورات‮ ‬من‮ ‬يستعد‮ ‬للترشح‮ ‬للعهدة‮ ‬الرابعة‮!!

مقالات ذات صلة