عجائن مدعمة بأسعار مضاعفة!

استبشر الجزائريون خيرا بقرارات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في مجلس الوزراء المنعقد مطلع العام الجاري، لتفادي آثار الارتفاع الجنوني للأسعار، في الأسواق الدولية على المواطنين، إلى غاية استقرارها، وتكفل الدولة بتغطية الفارق في الأسعار الخاصة بالمواد الموجهة للمواطنين، من قبل الديوان الجزائري المهني للحبوب، وهذا ما أدى إلى إعلان كل من وزارتي التجارة والفلاحة عن دعم أسعار القمح الصلب الموجه لصنع العجائن، بعد اجتماع بين القطاعين والمحولين الذين التزموا بخفض أسعار هذه المنتجات.
وبعد أشهر من تطبيق هذا القرار، يجد المستهلك نفسه أمام فارق كبير في أسعار العجائن في الأسواق، تصل إلى 100 بالمائة، والغريب أن علامة أو علامتين فقط هي ما طبقت أسعار الدعم، في حين تعتمد أغلب العلامات أسعارا حرة ترهق جيوب الجزائريين.
وللتحقق من واقع الأسعار، قامت “الشروق” بجولة ميدانية في الأسواق، لتقف على التباين الكبير في أثمان العجائن واسعة الاستهلاك، حيث تسوق كل من علامة “سيم” و”شاف” منتجاتها على غرار المعكرونة وسباقيتي وشعيرات الشوربة وغيرها من الأصناف بأسعار تتراوح ما بين 50 و60 دج، في حين تباع بقية العلامات بسعر مضاعف يصل إلى 120 دج، وهذا ما جعل المستهلكين يتساءلون عن السبب وراء فارق الأسعار، وما حقيقة تطبيق الأسعار المدعمة من طرف الدولة، بعد استفادة المصانع من القمح الصلب.

ديوان الحبوب: القمح الصلب بثمن مدعم لجميع المصانع
وفي هذا الإطار، أكد مصدر مسؤول من الديوان الجزائري المهني للحبوب، أن هذا الأخير يوفر القمح الصلب لمصانع العجائن بأسعار مدعمة، والمصنعون لهم الحق في الاستفادة من هذا الدعم، لتمكين المواطنين من شراء المواد الغذائية واسعة الاستهلاك بأسعار معقولة.
وكشف ذات المصدر في تصريح لـ”الشروق” أن العديد من العلامات استفادت من الدعم، وحول تباين الأسعار في الأسواق، أكد أن الأمر يدخل في صلاحيات وزارة التجارة التي من شأنها أن تفرض الرقابة وتحقق في واقع تسويق هذه المواد المدعمة.
وبدورها أكدت مصادر مسؤولة بوزارة الفلاحة لـ”الشروق”، أن قرارات الرئيس بخصوص تزويد مصانع العجائن بالقمح الصلب المدعم لا تزال سارية المفعول، “خاصة وأن القرار جاء في ظل ما يعرفه ملف بيع القمح الصلب، في السياق العالمي وبعد موافقة مصالح الوزارة الأولى، رخصت وزارة الفلاحة للديوان الجزائري المهني للحبوب بيع القمح الصلب لمنتجي العجائن بأسعار مدعمة، حيث انخفضت الأسعار بنسبة 50 بالمائة عبر كامل التراب الوطني وهذا إلى غاية اليوم”، أما بخصوص العلامات التي لم تخفض الأسعار قالت مصادرنا أن الأمر يتعارض مع سياسة الدعم التي يجب أن ينخرط فيها الجميع خدمة للمواطنين، وامتثالا لقرارات الرئيس.

وزارة التجارة تبرر ارتفاع أسعار بعض العلامات
ومن جهتها، أكدت وزارة التجارة أن العلامات التي لم تستفد من القمح الصلب المدعم من الديوان الجزائري المهني للحبوب، وأسعارها لا تزال مرتفعة في الأسواق، هي علامات استوردت كميات كبيرة من القمح من الخارج بأسعار حرة غير مدعمة، ولا تزال تصنع منتجاتها بمخزونها المتبقى من هذا القمح، مؤكدة أن المصانع التي لم تستفد من الدعم أسعارها حرة ولا يمكن إجبارها على تخفيض الأسعار، عكس المنتجين الذين استفادوا من الدعم والمطالبين بتطبيق أسعار مخفضة تماشيا مع قرارات مجلس الوزراء.
وأضافت وزارة التجارة أن خيار الاستفادة من القمح الصلب المدعم متاح لجميع المتعاملين دون استثناء، وهو الأمر الذي سينخرط فيه بقية المنتجين بعد استهلاكهم لمخزونهم من القمح المستورد .

منظمة المستهلكين: يجب فرض الدعم على المصنعين
ولتفادي ظاهرة تباين أسعار المواد الغذائية المدعمة، دعت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك إلى وضع وسم الدعم على جميع المواد المدعمة على غرار الحليب، حيث أكد مصطفى زبدي أن فارق أسعار العجائن التي يفترض أن تكون حسبه جميعها مدعمة تجاوز 100 بالمائة أمام حيرة المستهلكين، مشددا على ضرورة وضع وسم الدعم على المنتجات التي استفادت من القمح الصلب المدعم حتى يعلم المواطن أنها مدعمة.
وبالنسبة للعلامات الأخرى التي لم تستفد من الدعم يمكن للميسورين اختيارها وترك المنتجات المدعمة لمحدودي الدخل، واستغرب زبدي عدم انخراط الكثير من مصانع العجائن في خيار الدعم مفضلة اعتماد أسعار حرة، مطالبا الجهات الوصية بفرض الدعم على هذه المصانع ليستفيد منها المستهلك الذي يجد نفسه اليوم أمام منتج واحد مدعم في حين تسوق بقيت المنتجات وهي بالعشرات بأسعار مبالغ فيها، كما دعا وزارة التجارة إلى فرض الرقابة على المنتجات المدعمة التي لم تحترم تخفيض الأسعار.