-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عجزٌ أمام المستقبل

عجزٌ أمام المستقبل

باستثناء بعض الجمعيات ذات الطابع العلمي والثقافي وبعض الأندية التي تؤطر الشباب فكريا وثقافيا والتي تُبقي لدينا بصيصا من الأمل، غالبية الجمعيات والأحزاب والمؤسسات إما لا تولي عناية بهذه الفئة الواسعة من المجتمع القادرة على صنع المستقبل، أو تتذكرها فقط لتملأ بها قاعات الرياضة والموسيقى أو المهرجانات الشعبية بهذه المناسبة أو تلك لصالح هذا الفريق أو ذاك.

قليلة هي فئة الشباب التي تجد التأطير الفكري والسياسي في مجتمعنا خارج المناسبات، وقليلة هي الفئة التي تجد الاستجابة لمطالبها ضمن الأطر النظامية، أو تجد نفسها كقوى للمستقبل ضمن المؤسسات القائمة، لذا فإن أغلب تجمعاتها إمّا تكون محفوفة بالمخاطر أو تعرف مخاطر حقيقية تنتهي بضحايا. أما عند الاحتجاجات الاجتماعية فلا تجد سوى شباب في مواجهة شباب، محتجون غاضبون على أوضاعهم أو أوضاع أوليائهم من ناحية، وقوات مكافحة شغب (شباب أيضا) من ناحية أخرى  لصدّهم عن دخول مقرات رسمية أو وضع حدّ لاستمرارهم في مزيد من حرق الإطارات المطاطية ووضع المتاريس على الطرقات عند حدوث فورات غضب لهذا السبب أو ذاك.

وفي كل الحالات تدفع هذه الفئة الثمن: ثمن عدم التكفّل الحقيقي بتأطيرها سياسيا وفكريا وثقافيا لتَعرف كيف تستعيد حقوقها، وثمن عدم الاستجابة لمتطلباتها من قبل المؤسسات القائمة ما يضطرها للخروج للاحتجاج ـ كحل أخيرـ من أجل تحقيق مطالب اجتماعية وعلى رأسها الحق في العمل والسكن.

ويقبع من بيدهم القرار في مكاتبهم أو بيوتهم غير قادرين على إدراك طبيعة التغيرات والتحديات التي تحدث على أرض الواقع في مدننا وقرانا المختلفة، فلا هم سلّموا سلطة القرار للشباب ليتكفل بتسيير شؤون بلده وشؤون حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما يريد بنفسه، ولا هم كانوا في مستوى تطلعاته فجنّبوه عناء الخوض في متاهات البحث عن حل لمشكلاته في عالم مركّب بشكل كبير. وهو ما يمكن أن نُسمّيه بحالة العجز المزمنة أمام المستقبل بالنسبة لهؤلاء.

 والمستقبل هنا هم الشباب، ما يعجبنا وما لا يعجبنا فيهم، والعجز أمامهم هو بحق عجز تام أمام المستقبل، الذي يعني عند علماء الاجتماع والنفس والسياسة إما الانتحار أو الموت.

 

 ونحن لا نريد أن نصل إلى هذه الحالة؛ يكفي أن عجز الماسكين بزمام القرار أمام فك طلاسم الماضي وتجاوز مشكلات الحاضر، لكي يصبح لزاماً عليهم اليوم عدم المغامرة بعجز آخر أمام المستقبل. هناك من بإمكانه القيام بذلك: حرروا الطاقات.. سيعود الأمل

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • أبومحسن

    أستاذنا الفاضل قبل أن نتكلم عن الشباب ، أين هم المفكرون ؟ لو أن كل أستاذ جامعي وكل أستاذ ثانوي الذين لهم غيرة على هذا الوطن وهذه الأمة قلت لو أن كل واحد أخذ بيد 10طلاب من طلابه كل 5سنوات وناقش معهم وضع البلاد والعباد ونور عقولهم بالوعي لكان لدينا جيشا من العقول النيرة ...الرسول - عليه أزكى صلاة وسلام قبل أن يبني دولته ربى من حوله رجالا زرعوا الارض عدلا وعلما وأخلاقا .

  • نصرو الجزائري

    كل الطرق في الجزائر تؤدي الى النجاح لكن حكومتنا اختارت طريقا واحدا وهو الفشل على مقولة الكاتب المخضرم ياسمينة خضرا

  • بدون اسم

    أي أن ما ينقص مجتمعنا اليوم هو توجيه هذه الطاقات الكامنة من عقول و سواعد التي تضيع هكذا عبثا "لأننا لا نعرف كيف نكتلها" على حد تعبير مالك بن نبي رحمه الله في حديثه عن فكرة التوجيه التي تعني "تجنب الاسراف في الجهد و الوقت"..(ص 78 من شروط النهضة).

  • خالد

    الكل ينتقد الكل و لا احد يعمل او يقترح حلول عملية ... المشكلة الكبرى اننا و لا استثني نفسي ننتظر كائنا خارقا يأتي من العدم و ينقضنا مما نحن فيه من تخلف و ضمنيا هذا الكائن هو النظام و ننسى ان هذا النظام هو نحن. كي لا اطيل التفلسيف , اقتراح عملي يا استاذ : لماذا لا تبادر من مكان عملك و تجمع حولك طلبة و اساتذة و تحاولون ان ترتقوا بالمستوى الفكري و العلمي للطلبة و تنقضوا الجامعة الجزائرية من التدهور الذي اصابها اولا , و لا تقل لي يا استاذ ان النظام سوف يمنعك ...

  • مواطن

    تاريخ الأمم علمنا أن الدكتاورية نشأت حين لجأت الشعوب إلى ذوي الخبرة والقدرة لإنقاذها حين تقطعت بها السبل فسلمت لهم مقاليد أمورها.فرانكو حكم أسبانيا وتركها من بين الدول الراقية وهتلر فرض على شعبه رفع رأسه على أوربا وماو أقام دولة عظمى.كل هؤلاء لأنهم ذوو كفاءة حضارية مهما ارتكبوا من أخطاء نحو الأجنبي.أسسوا دولا وعلموا شعوبهم معنى الوطنية وروح الحياة.عندنا قوة السلاح والطغيان التي يسوسها الجهل والمكر وزرع الفتنة بين المجتمع لا يمكن أن تخلف شعبا ينظر إلى مستقبله.هل بدولة فاسدة يزول التخلف والغرور؟

  • خالد25

    كالعير في البيداء يقتلها الضمأ والماء فوق ضهورها محمول
    هذا هوحانا يا أستاذ سليم ،فبلادنا تزخر بكنوز لا حصر لها مادية ومعنوية ،من نسبة كبيرة من الشباب والكفاءات والموارد الطبيعية تحت وفوق الأرض وجبال من الإمكانات مكدسة في زوابا الإهمال ، أغلب الجمعيات والأحزاب تستثمر في الموتى جعلتهم سجل تجاري لتقسيم الريع وأجهضت القيم الوطنية والدينبة التي استشهدوا من أجلها ، بدلا أن تتحوّل الجمعيات إلى مدارس لتأطير الشباب وتأهيلهم علميا وثقافيا ومهنيا ولغويا وتكوين نخبة من القادة ورجال الدولة.