-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عرس ممنوع على أهل العروسين

عرس ممنوع على أهل العروسين

من الصدف الجميلة، أن لقاء الدور النهائي من كأس الجزائر، الذي لُعب مساء أمس، جرى بعد أن تابع الجزائريون على مدار يومين متتاليين، لقاءين في قمة الكرة الأوروبية، انتهى اللقاء الأول بخسارة الكبير الألماني بيارن ميونيخ، وهو بطل القارة العجوز في النسخة الماضية، على أرضه بأربعة أهداف كاملة، أخرجته من البطولة، وقدّم أنصاره للعالم الذي ينتمي إليه الجزائريون، صور مناصرين ألمان ظلوا يشجعون ناديهم برغم الخسارة، لأن الكرة بالنسبة إليهم لعبة، والحياة بالنسبة إليهم دواليك، يوم لك ويوم عليك، في بلد لم يعد وحده يؤمن بأنه شعب الله المختار، وإنما كثير من الناس من تعقّدوا من هذه المقولة، منذ أن تزلزل العالم اقتصاديا وسياسيا وبقيت ألمانيا صامدة.

وانتهى اللقاء الثاني بخسارة الكبير الإنجليزي تشيلسي، وهو بطل القارة الأوروبية، في النسخة قبل الماضية على أرضه بثلاثة أهداف كاملة، أخرجته من البطولة، وقدّم أنصاره أيضا للعالم الذي نظن أننا ننتمي إليه، صور مناصرين بريطانيين كانوا يبتسمون ويمرحون، وهم يغادرون الملعب مع أبنائهم وزوجاتهم برغم الخسارة، لأن الكرة بالنسبة إليهم قطرة في بحر انشغالاتهم، والحياة كما تُضحكك اليوم، تبكيك في يوم آخر، في بلد لم يعد يبحث أن يكون موطنا لا تغيب عنه الشمس، بل صار الكثيرون هم من ينقلون إليه الشمس، حتى ولو حرموا أنفسهم منها.

ومن الصدف البائسة أن المباراة الثالثة التي سمّاها الجزائريون عرسا كرويا، التي جرت، نهار أمس، بين قطبي الكرة الجزائرية، لم يكن فيها من مظاهر العرس سوى البارود، فعندما نعلم بأن المديرية العامة للأمن الوطني، وفرت ما لا يقل عن عشرة آلاف شرطي، عبر الطرق المؤدية إلى البليدة من العاصمة ومن تيزي وزو، وأدخلت إلى الملعب قرابة أربعة آلاف شرطي، وجيشا من رجال الحماية المدنية، لم يقتصر دورهم على الإسعاف، وإنما على التفرج أيضا، في منظر لم نعد نشاهد مثيلا له حتى في أدغال إفريقيا، ووفرت كاميرات مراقبة، وطائرات هيليكوبتر، ومنعت دخول القصّر، وأجبرت المناصرين على استظهار بطاقات التعريف الوطنية، وتم تفتيش المناصرين كما يحدث للحراڤة الذين يصلون إلى سردينيا، ورمت بأكياس الماء واللمجات الغذائية، نكاد نجزم أن ما حدث هو حالة طوارئ قصوى دخلت فيها البلاد، من دون الإعلان عنها، بسبب مقابلة في كرة القدم، سميناها عرسا، ونحن نعلم أننا ارتكبنا مجزرة لغوية في حق كلمة عرس، التي تعني في معجم المعاني الجامع في اللغة العربية “الوليمة” و”الفرح”، وصرنا نطلقها نحن ظلما وعدوانا، على النار والخوف والخطر.

في كل يوم وفي كل ساعة، تدخل بيوتنا عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية العشرات من مباريات الكرة، يلتهمها الجزائريون أكثر من الخبز والماء، ولكنهم يخطئون في تناول هاته الفاكهة، فيبتلعون القشرة والبذرة ويرمون اللب، فقد قيل ومازال يقال دائما إن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ولكنها عندنا بحد سلبي واحد، ونعود بعد نهاية مقابلة شبيبة القبائل ومولودية العاصمة، لنسأل عن الخاسر فقط، لأنه بهذا الشكل.. لا يوجد منتصر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • بدون اسم

    هذه فوضة يتفاعل معها الشعب بحالة تمرد على الواقع لكي يعيش
    لهذا السبب العقلية اصبحت غامضة و تميل الى الجنون
    في غياب النظام و التوازن الاجتماعي
    في غياب العدل بين التاس
    في غياب الحل الجذري
    في غياب المواطن
    في غياب
    العقل

  • NABIL

    لو اتيت باعظم علماء النفس و الاجتماع لعجزوا عن فهم طريقة تفكير هذا الشعب

  • سيف

    أحسنت