الشروق العربي
عندما تتحول ليالي رمضان إلى فسحة للمجون

عشاق ينتهكون حرمة الشهر الفضيل

نسيبة علال
  • 6359
  • 3
فاتح بارة

سنة بعد سنة، تتزايد ظاهرة رمضانية غريبة على المجتمع الجزائري، إذ تمتلئ الشوارع والأحياء الحيوية عن آخرها، بالمتجولين، وبمرتادي قاعات الشاي ومجالس السهر، فلم تعد العائلات حتى المحافظة منها تمانع خروج السيدات والأوانس، خاصة أن الكثير من مصالح الجزائريين باتت تؤجل إلى ما بعد الإفطار بسبب تزامن الشهر الفضيل مع موسم الحر، بدأت القصة بصلة الرحم، ثم بتسريح لمراجعة الدروس أو اقتناء الملابس والضروريات، وانتهت انتهاكا لحرمة الشهر الفضيل بالمحرمات.

الخيمات التقليدية تستغني عن العائلات لاستقطاب العشاق

بعيدا عن أصوات المشايخ والقراء، وخارج روحانيات الشهر الفضيل، تغلق قاعات الشاي، على زبائنها الأوفياء أبوابا كاتمة للصوت، قاعات مكيفة، ومطاعم تحولت في هذا الشهر إلى مجالس للسهر وتبادل قوارير “الرنغيلة”، في الهدوء والعتمة، أو على ألحان الشعبي أو الشرقي، أجواء رومنسية باتت تغري العشاق، وتنسيهم عظمة هذا الشهر الفضيل، لاسيما أن بعض العائلات، خاصة في المدن الكبرى، لم تعد تمانع في خروج بناتها للسهر.. كانت الوجهة بيت خالها، لكنها رصدت تجالس خليلها.

ما يلفت الانتباه حقا، تلك المطاعم والقاعات التي كانت قبل أيام تعلق على مداخلها بالبنط العريض “قاعة عائلية”، تتحول في الشهر الفضيل لاستقبال زبائن جدد، توفر لهم ظروف تليق بما يدفعونه من مال، مقابل التستر في ركن هادئ لتجاذب الغراميات، ولعل الخيمات التقليدية هي أكثر الأماكن ارتيادا من قبل العشاق في شهر رمضان، وفي خضم هذا التناقض الذي يجعلهم يهربون من أجواء الخشوع وروحانية الشهر، يلجأون إلى منابر توفر لهم السكينة بعيدا عن أعين اللاعنين والمتذمرين، كل ركن هناك يعيدهم إلى الأصل.

من الدروس الخصوصية إلى اللقاءات الغرامية

شهرزاد أستاذة لغة حية، تقدم دروسا خصوصية في سهرات رمضان، لطلبة الامتحانات النهائية، في شقتها الواقعة بحي محمد بوضياف بالبليدة، والشهير بـ”البولفوار”، تقول: “اكتشفت بعد أيام من حلول رمضان، غيابات غير مبررة، ثم بلغني أن الطلبة والطالبات يخرجن من بيوتهم لتناول البوظة والسهر مع خلانهم في قاعات “البولفوار”، اضطررت بعدها لاستدعاء الأولياء أوالتواصل معهم عبر الهاتف قبل كل حصة أقدمها..”، شهرزاد تمنت ألا يتكرر السيناريو هذه السنة. من جهتهم أصحاب المحلات يؤكدون على أن أكثر زبائنهم من الشباب والطلبة بالتحديد، حتى أن هذه القاعات أخذت تروج لبرنامج شبابي قبل أكثر من شهر عن حلول الشهر الفضيل، أما الأولياء، فهناك فعلا من يشجع الفسحة الليلية لأبنائه، ظنا منه أنها كسر لروتين المطالعة، دون وعي أن هذه الجلسات غالبا ما تكون غرامية، أو بنكهات الشيشة المختلفة بعد يوم من الصيام، وعليه بالحرص والمراقبة، وهناك من تأخذه روحانيات الشهر الفضيل، عن التفكير فيما يمكن أن تفعله المغريات الكثيرة بعقول أبنائه المراهقين.

عائلات تستنكر وأئمة يحذرون

نظرا لأن هذه الظاهرة أخذت في الارتفاع في السنوات القليلة الأخيرة، فقد بدأ الأمر يثير استياء العائلات، وراح الأئمة ينددون بضرورة وضع حد لهذا الانحلال الذي يضرب قيم المجتمع الجزائري وقدسية الشهر الفضيل، فخُصصت خطابات تحث أولياء الأمور للحرص على مرافقة بناتهم عند الخروج في السهرات الرمضانية، وتعالت أصوات رجال الدين، مشيرة إلى فضل صلاة التراويح واغتنام الوقت الذي بعدها للتعبد وقراءة القرآن، فيما نهى الأئمة أصحاب المحلات وقاعات الشاي بعدم استقبال الشباب الطائش، والمساهمة في فساد المجتمع، إذ أطلعنا مصدر من مديرية الشؤون الدينية بالعاصمة، أن الأئمة يخصصون حوالي ربع الخطبة المبرمجة من قبل الوزارة، في كل جمعة، للتحذير من التصرفات التي تنتهك حرمة الشهر الفضيل، منها اللقاءات الغرامية التي تحولت إلى ظاهرة، وقد بدأ هذا قبل مدة طويلة من حلول رمضان.

مقالات ذات صلة