عفوا… فرنسا لها صديق واحد
تعامل الإعلام الفرنسي مع الحجارة التي رجمت وزيرة الخارجية إليو ماري في غزة ومع التسريبات التي فضحت السلطة الفلسطينية، ومع ما أسمته بالقمع الذي مورس ضد مسيرة الأرسيدي، يؤكد أن لفرنسا صاحب واحد وأعداء كُثر.
-
فهي تبدو غير مرتاحة لحالة الهدوء التي ميزت الجزائر، وتريد لمسلسل تونس أن لا ينتهي عند حلقة هروب “البطل البائس” وكأنها مخرجة مسرحية وتريد من ممثليها الالتزام بالنهاية التي تريدها هي دراماتيكية علينا، فكاهية بالنسبة لها.. ولا أحد صار يفهم ما تقوم به الدبلوماسية الفرنسية ولا حتى الإعلام الفرنسي الخاص المستقل في كل الشؤون إلا في شؤوننا.. فالفتنة تشتد في بيروت والنار تتأجج في تونس والشارع تحرك في مصر وفي الأردن وفي الجزائر، ومع ذلك سافرت وزير الخارجية الفرنسية إليو ماري إلى الأراضي المحتلة فلسطين ونسيت “أصدقاءها” الجنوبيين الذين دعتهم لوليمة متوسطية منذ أن دخل نيكولا ساركوزي قصر الإليزيه، ليس ليكونوا ضيوف الوليمة وإنما ليكونوا وجبة يتم طهيها على طريقة المطبخ الفرنسي الشهير على نار خافتة.
-
وزيرة الخارجية الفرنسية قالت أن أسر الجندي شاليط هو جريمة حرب رغم أن هذا الصهيوني سقط في الأسر في معركة بالأرض المحتلة، وقالت أن فرنسا لن تتساهل مع الذين يهددون إسرائيل رغم أنها أغمضت عينيها على مجازر قانة وغزة، وهي الآن بعد التسريبات الأخيرة تؤيد السلطة الفلسطينية وتحاول التشكيك في صحتها، وكلها تصريحات لم تبلغ مستواها القذر الولايات المتحدة حتى في عهد نيكسون وكارتر وبوش الإبن، وإذا كان لأمريكا نفط تخاف عليه في الخليج وكان لها عدو يسمى الاتحاد السوفياتي فدعمت إسرائيل بحجج واضحة، فإنه لا أحد يفهم ما دخل فرنسا في كيان زرعته بريطانيا ورعته الولايات المتحدة، والغريب أن فرنسا على مدار تاريخ هذا الكيان كانت دائما إلى جانبه وربما ليس حبا وتقربا منه وإنما كرها ونفورا من العرب ومن المسلمين خاصة بعد أن خرجت مطرودة من الفردوس الجنوبي، ففي عام 2004 قال شارون أنه ينوي تقديم خطة للحكومة الإسرائيلية تهدف إلى ترحيل مليون يهودي يعيشون في فرنسا، فثارت فرنسا واعتبرت ذلك مساسا بوحدتها وتزلزلت العلاقات بينهما، وفي ذات الوقت تمنى سياسيو فرنسا تهجير كل المسلمين المتواجدين في فرنسا وخاصة الجزائريين الذين بدأ استفزازهم بالفيزا وبقضية الحجاب والنقاب وانتهاء بالاقتراب من إسرائيل، وصار واضحا الآن لماذا نادى ومازال نيكولا ساركوزي بالاتحاد المتوسطي، فهو الذي رفض أن تجمعه طاولة بزعيم تركي ضمن الاتحاد الأوروبي ويدعو لأن تجمعه طاولة بزعيم تركي ضمن الاتحاد المتوسطي، وهو الذي يتعالى على مستعمراته القديمة وينزل إليهم إذا قبلوا تجمعه الذي لا يحمل أي هدف اقتصادي أو ثقافي باستثناء لقاء دول شمال إفريقيا وسوريا ولبنان بإسرائيل في اعتراف بالكيان الصهيوني عجز كل قادة الولايات المتحدة عن بلوغه.
-
فرنسا التي أبانت أن لا صديق لها من أهل الجنوب المتوسطي من خلال توريط تونس في الدكتاتورية، وتبرّئها من الدكتاتور، هي التي وقفت إلى جانب إسرائيل منذ قيامها عام 1948 إلى درجة أن فرنسا التي رفضت الحرب دفاعا عن نفسها أمام النازية، شاركت عام 1956 في حرب لا تعنيها خلال العدوان الثلاثي على مصر رفقة بريطانيا وإسرائيل من أجل حبيب واحد تقف إلى جانبه الولايات المتحدة وتغيب أحيانا وتقف إلى جانبه انجلترا وتغيب أحيانا وتقف إلى جانبه فرنسا ولا تغيب عنه أبدا.