الرأي

عفوا.. رمضانكم ليس “كريما”؟

حادثتان ميّزتا بداية شهر رمضان، بيّنتا مدى الحقد الذي يكنّه بعض الفرنسيين للدين الإسلامي، فإذا كان التاريخ يشهد بأن فرنسا سبقت الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها للكيان الصهيوني عسكريا، في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي إصدار قوانين منع الحجاب والتضييق على المسلمين، فإن أحداث باريس التي فجّرها فرنسيون وليس غيرهم، بدأت تقدّم فرنسا بوجهها الحقيقي من دون “ماكياج”، بعد أن حاولت أن تخفيه على مدار عقود.

الحادثة الأولى كان بطلها المترشح للرئاسيات القادمة “آلان جوبيه” الذي زار الجزائر، وتجوّل في شوارع وهران مؤخرا، حيث سارع الرجل، لينفي تقديمه لأي تهنئة لجموع المسلمين بمناسبة حلول شهر رمضان، عبر بيان نشرته كبريات الصحف الفرنسية، بالرغم من أن لا أحد بلغه أصلا، بأن هذا الرجل السياسي، وجّه تهانيه للمسلمين، وبصريح العبارة لا أحد يهمّه أصلا أن يهنئه هذا الرجل بصيامه، وفي عُرف السياسة لا ينفي رجالها إلا الإشاعات التي تمسّ بمسارهم وتسيء لأخلاقهم أو تتحدث عن أمراضهم المُعدية أو الخبيثة، وفي عُرف اللباقة و”الإتيكيت” التي تزعم فرنسا بأنها ملكتها، فإن النفي يعني أن ما قيل هو تشويه للرجل، واتهامه بارتكاب جريمة تهنئة الصائمين، وهذه الحادثة تخصّ رجلا، هو أقل الحاقدين على المسلمين والمهاجرين، ضمن التشكيل السياسي الفرنسي الطامح لبلوغ قصر الإليزيه.

الحادثة الثانية نشرتها صحيفة “ليكيب” الرياضية الذائعة الصيت في أوروبا، في عز احتضان فرنسا لأقوى بطولة كروية في القارة العجوز، حيث أكدت بأن المدرب الفرنسي “ديشون” الذي وصفه “زميله إيريك كونتونا”، بالعنصري، أمر لاعبيه المأمورين من خالقهم بالصوم، بأن لا يصوموا، وهو إجراء فريد من نوعه لم نسمع عنه في بقية المنتخبات الأوروبية، التي تضم الكثير من المسلمين ومنها على وجه الخصوص منتخبا ألمانيا وبلجيكا، وحتى لو قامت بذلك فلن يكون بهذا العلن، الذي هو رسالة لكل من يحلم بأن يتقمص الثلاثية اللونية الفرنسية، ويقف لنشيد “لا مراساييز”، بأنه سيضحي بدينه ضمن التضحية بهويته، وفي المقابل تابع عشاق كرة القدم العالمية والمبحرون في عالم الأنترنت تلك التهاني، التي تقدّمت بها أندية جوفنتوس الإيطالي وبوريسيا دورتموند الألماني وبرشلونة وريال مدريد الإسبانيين وأرسنال ومانشستر سيتي الانجليزيين، لجموع المسلمين، ولم يسمعوا عن أدنى تهنئة من باريس سان جرمان أو حتى مارسيليا.

الفرنسيون عندما شاركوا، بريطانيا والصهاينة في العدوان على مصر عام 1956 إنما كان ذلك لضرب كل من يفكر في مساعدة الجزائر، وعندما منعوا ارتداء الحجاب في أماكن العمل، إنما لحرمان الجزائريات من لباسهن الشرعي، وعندما تبرّأ أحد زعمائها من تهنئة رمضان، إنما ليعلن قطيعته “المعنوية” مع الجزائريين، وعندما أعلنها مدرب منتخبها “تطهير” الديكة، من الصائمين، إنما لإعلان القطيعة نهائيا مع زين الدين وكريم وسمير وبالخصوص المدعو نبيل.. وحقد بعض الفرنسيين على الإسلام هو من حقدهم على الجزائريين.

مقالات ذات صلة