الرأي

عقود ما قبل الكرامة!

قادة بن عمار
  • 1259
  • 3
أرشيف

الإضراب الذي شرع فيه نحو نصف مليون شاب من العاملين في إطار عقود ما قبل التشغيل، لا يُعدّ حركة احتجاجية مفاجئة أو غير متوقعة، بل إن هؤلاء يعانون أصلا، وزيادة على مزاجية بعض مديري المؤسسات والشركات والإدارات، من التهميش الكبير الذي تعاملهم به السلطة منذ سنوات، ومن التوظيف البائس لملفهم من طرف كل الحكومات المتعاقبة.
كيف يمكن القبول باستمرار تلّقي نحو 600 ألف موظف لفُتات الأجور مقابل أعمال تتجاوز أحيانا حتى دورهم أو مضمون الاتفاق المبرم في إطار صيغة ما قبل التشغيل؟ ولماذا لم يتم إدماجهم حتى الآن برغم أن هذا الطلب موجودٌ منذ تولّي عبد المالك سلال مسؤولية الجهاز التنفيذي أول مرة؟!
هل يُعقل أن بعض هؤلاء “الشباب” تجاوز سنّ الأربعين ولا يزال حتى الآن ينتظر الإدماج برغم قضاء 10 سنوات كاملة في وظيفته؟
إلى متى سيستمر توظيف الحكومة لهؤلاء المغلوبين على أمرهم من أجل تقليص نسبة البطالة وتقديم شهادات مزوَّرة لمنظمات عالمية؟! لماذا قام وزيرُ الداخلية نور الدين بدوي ومن بعده وزير العمل مراد زمالي بمنح وعود لإدماج هؤلاء قبل نهاية السنة الجارية ثم تراجعا عنها؟!
الغريب أن هؤلاء الشباب من موظفي عقود ما قبل التشغيل ظهروا أكثر وعيا من الحكومة حين قال بعضهم للصحافة إنه “لا يريد لاحتجاجاتهم المشروعة أن تُوظف سياسيا والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية مهمة” وهم لأجل ذلك، قرروا الاستقلال حتى عن إحدى النقابات بعدما اشتمّوا رائحة ذلك التوظيف السياسي!
ما الذي تريده الحكومة أكثر من هؤلاء الشباب الذين على الرغم من معاناتهم ومحنتهم وهدر كرامتهم إلا أنهم لا يزالون حتى الآن يتمتَّعون بالوعي والصبر والرغبة في الحوار؟!
الواقع أن صُنّاع القرار وبعدما أطلقوا هذه الصيغة المسمّاة “عقود ما قبل التشغيل” وجدوا أنفسهم في مأزق حقيقي فهم غير قادرين على إدماج كل الشباب، وفي الوقت ذاته لا يريدون التخلص من هذه الصيغة التي كان يجب تسميتها بعقود ما قبل الكرامة وليس ما قبل التشغيل!
الأمر الغريب الآخر، أن بعض القطاعات قامت بإدماج هؤلاء الشباب على غرار “بريد واتصالات الجزائر” في الوقت الذي ترفض فيه وزاراتٌ وإدارات أخرى السير على الاتجاه نفسه، فهل نحن بصدد ازدواجية في اتخاذ القرار؟ أم مزاجية في التسيير؟!

مقالات ذات صلة