رياضة

“عنصريتنا” أخطر من عنصريتهم!

قدّمت لنا منافسة كأس العالم في روسيا، نماذج عن تعايش الناس، في ما بينهم في مختلف القارات، من لاعبين من أصول ألبانية ينشطون في صفوف منتخب سويسرا ولاعبين من أصول لبنانية ضمن تشكيلة منتخب أستراليا، وسُمر مع منتخبات من شمال القارة العجوز، حتى اختلطت الألوان والأديان والثقافات والألسنة، وما صرنا نعرف البلدان إلا من ألوان أقمصة لاعبيهم، ونشيد أوطانهم الذي يُعزف قبل بداية كل مقابلة.
من بلجيكا إلى فرنسا إلى إنجلترا إلى ألمانيا، تعددت الأمصار وبقي خليط الأجناس واحدا، وسيكون من الصعب اتهام بلاد أوروبية أو من قارة أخرى بالعنصرية في عالم كرة القدم، وهي تمنح شارة القيادة للاعب من أصل إفريقي لمنتخبها الأشقر. في الوقت الذي ارتفعت أصوات في الجزائر تطالب بقطع الجسر الفاصل بين بلادنا ومهاجرينا في أوربا، وبلغت بهم درجة “العنصرية” أن رفضوا الاعتراف بجزائرية رايس مبولحي وسفير تايدر وياسين كادامورو، في الوقت الذي تعتبر ألمانيا أوزيل ألمانيا وفرنسا كونتي فرنسيا وبلجيكا فلايني بلجيكيا.
لا أفهم لماذا لا تتدخل الدولة وتوقف بعض المهازل التي تنفخ العنصرية من البلاتوهات، وكيف سمحت لمدرب بأن يقود المنتخب الوطني وكان يصف كل اللاعبين القادمين من المدارس الفرنسية من أبناء جاليتنا بالأجانب.
ليس ذنب سفيان فيغولي أو ياسين براهيمي أن يكونا من مواليد فرنسا، وإنما الذنب الحقيقي ما يقترفه هؤلاء الذين يقدمّون أنفسهم على أنهم مخترعو لعبة كرة القدم وموزعو الوطنية على الناس، من الذين لم يصنعوا ربيع كرتنا عندما كانت الكرة في ميدانهم، وعندا سنحت الفرصة لعصافير مهاجرة أن تصنع الربيع، نفخوا من زمهريرهم على طريقة الأرض المحروقة أو أنا وبعدي الطوفان.
وعندما يطلّ علينا جزائري ويقول بأنه لا يعترف بالذين حققوا الانتصار في أم درمان لأنهم “أجانب”، ويعتبر الخضر شاركوا في مونديالين فقط في إسبانيا 1982 ومكسيكو 1986، فعلينا أن نتساءل عن مصدر هذه العنصرية التي تطبّق على أبناء الجزائر من طرف الجزائريين، ونسأل عن العنصرية التي يمارسها الآخرون على أبنائنا، وعلى عنصريتنا التي نمارسها هنا أيضا… على أبنائنا؟

مقالات ذات صلة