رياضة

“عنف” الصغار.. و”انحراف” الكبار

ياسين معلومي
  • 2378
  • 2

بلغت البطولة المحترفة في الجزائر بقسميها الأول والثاني عامها الرابع على التوالي، وتتواصل سلسلة الاجتماعات بين المعنيين بالأمر من وزارة واتحادية ورابطة ورؤساء الأندية، إلا أن الأمور لم تراوح مكانها وبقيت في نقطة الصفر، غير أن المسؤولين عن هذه اللعبة يعطوننا مفاهيم خاطئة، وأننا نسير في الطريق الصحيح لنلحق بركب أحسن البطولات المحترفة في العالم، لكن الحقيقة هي أن بطولتنا من بين أضعف البطولات في العالم، وجميع الرياضيين في الجزائر أصبحوا يفضّلون البطولات الأوروبية الكبيرة على بضاعتنا المحلية “المضروبة”، التي تسيرها “مافيا” رؤساء أندية همهم الوحيد هو كرسي الرئاسة، على حساب تشريف الألوان الوطنية على المستوى الخارجي وإرضاء الأنصار..

أنصار هذه اللعبة كرهوا العنف، الرشوة والمحاباة السائدة في ملاعبنا أسبوعيا، إلى درجة أن اللقاءات الكروية فقدت نكهتها فوق مياديننا.. السب والشتم والعنف والدم والرشوة ميزات المنافسة التي نتابعها بعد أسبوع من العمل والدراسة، ونجد أنفسنا مكبّلين ومحاصرين، ومجبرين على البحث عن المتعة بعيدا عن الملاعب الجزائرية التي أصبحت لا تصلح لممارسة الرياضة الأكثر شعبية.

ما حدث الأسبوع الماضي، من عنف في الملاعب الجزائرية، بداية من وهران بين الجمعية المحلية واتحاد بلعباس، والاعتداء الوحشي الذي تعرض له الدولي السابق حسين أشيو، وعشرات المصابين في مباراة بئرغبالو وعين بسام، وصولا إلى إجلاء أحد لاعبي خميس الخشنة إلى الإنعاش في مباراة الشراڤة، والشتم المتبادل بين رئيسي اتحاد العاصمة وشبيبة القبائل، والرشوة في تيارت وفي ملاعب أخرى، كلها أمور تجعلنا نوجه أصابع الاتهام إلى المسؤولين عن الرياضة في الجزائر، ونطالبهم بالضرب بيد من حديد، لوقف هذه المهازل التي تعطي صورة سوداء عن الرياضة الجزائرية بالخارج.

 بعيدا عن كل هذا، أقر رؤساء الأندية المحترفة بفشل “الانحراف” بالجزائر، وأنهم بعيدون كل البعد عن تحقيقه وتطبيقه، ويطالبون الدولة الجزائرية أن تمنحهم أموالا إضافية، وأراض لبناء وتشييد مراكز لتكوين اللاعبين، ويضغطون على مسؤوليهم المحليين لمساعدتهم، ويتهربون من دفع ضرائبهم ويرفضون تقديم تقاريرهم المالية والأدبية، ويحافظون على مراكزهم و”جبروتهم” دون أن يدفعوا فلسا واحدا، يبررون فشلهم أمام القنوات التلفزيونية والجرائد اليومية، ويتهجّمون على الكل للبقاء في أماكنهم، ويدوسون بأقدامهم وأفكارهم “الهاوية” على معارضيهم، أمام صمت رهيب للجهات المخولة قانونا لتوقيفهم عند حدهم.

كنت أظن أن 2014، ستكون سنة الحديث عن تطوير كرة القدم في الجزائر بعد التأهل الرابع للمونديال، ببناء ملاعب إضافية معشوشبة طبيعيا تحضيرا لاحتضان منافسات دولية وإقليمية، وإقامة جلسات لمعرفة أسباب تدهور كرتنا التي أصبحت لا تنتج لاعبين للدفاع عن العلم الجزائري، ونضطر لاستيرادهم من أوروبا، في وقت كنّا نصدّر سنويا الأحسن للأندية الأوروبية الكبيرة.

ألم يحن الوقت بعد لمحاسبة أنفسنا كرويا، واستخلاص الدروس من التأهل الرابع إلى المونديال؟، هل ستنجب الجزائر مستقبلا لاعبين على شاكلة ماجر وبلومي وعصاد، وهل الملاعب التي تُبنى ستكون جاهزة في وقتها؟، أسئلة وأخرى تبقى مطروحة إلى إشعار أخر…

هل سيستفيق رؤساء الأندية من سباتهم العميق؟ ويفكرون يوما ما في مصير أنديتهم ومشجعيهم، وهل تراجع الوزارة والاتحادية وكل الهيئات قراراتها “الانحرافية” لبعث احتراف جديد في الجزائر؟؟

مقالات ذات صلة