-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن قانون الجنسية واستنساخ “الأرندي”

حسين لقرع
  • 1822
  • 8
عن قانون الجنسية واستنساخ “الأرندي”
ح.م

كثُر الجدلُ في الآونة الأخيرة عن مشروع قانون إسقاط الجنسية الأصلية أو المكتسَبة عن بعض الجزائريين، وكذا إمكانية تأسيس حزبٍ جديد للسلطة باسم “نداء الجزائر” ليكون بديلا لجبهة التحرير و”الأرندي” المنبوذين شعبيا.

أولا: إنّ تجريد مواطنين جزائريين يعيشون في الخارج من جنسيتهم الأصلية بذرائع عديدة، ومنها “ارتكاب أفعال تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة”، سيوفّر لدولٍ غربية ومنظماتٍ حقوقية دولية ذريعة جديدة لتصعيد انتقاداتها وحملاتها ضدّها باسم حقوق الإنسان، ويمكن للسلطة أن تتفادى ذلك منذ الآن بأن تسحب هذا المشروع القانوني المثير للجدل وتسدّ هذا الباب وتستريح. ثمّ إنّ مثل هذه العبارة مطاطية وغير محدّدة؛ فهل المعارضون الذين ينشطون في الخارج “يُلحقون ضررا عميقا بمصالح الدولة” ويجب معاقبتُهم على ذلك بتجريدهم من الجنسية؟ لنفترض أنّ هؤلاء قد أخطأوا، لماذا لا يُحاكَمون، حضوريا أو غيابيا، بدل حرمانهم من جنسيتهم ووطنهم وانتمائهم مدى الحياة؟ ثم: هل نجرِّد من الجنسية الجزائرية كل من انخرط في نشاط إرهابي أجنبي أو تعامل مع دولة معادية أو قام بنشاطات انفصالية انطلاقا من الخارج، ونكتفي بتقديمه إلى العدالة إذا قام بهذه الجرائم في الداخل؟

هذه الإشكاليات لا يمكن أن تُحلّ إلا من خلال الاحتكام إلى العدالة وحدها وتطبيقها على الجميع، في الداخل والخارج، حضوريا أو غيابيا.

ثانيا: قلنا في مناسبةٍ سابقة إنّ التغيير يحدث بطريقتين: إمَّا بالمرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي، أو بالانتخابات العامَّة الشفافة والنزيهة التي تضمن انتقالا سلسا وديمقراطيا للحكم على الطريقة التركية عام 2002 بعد 69 سنة كاملة من الحكم الأتاتوركي.

وإذا كانت السلطة لا تريد الذهاب إلى مرحلة انتقالية ومجلس تأسيسي قد يُدخل البلاد في متاهات كبيرة واستقطابات مجتمعية وانقسامات إيديولوجية حادة، فيجب أن لا تغلق الباب على البديل الثاني وهو الانتخابات الحرة والنزيهة التي يكفلها الدستور وتحقّق تدريجيا التغييرَ الحقيقي الذي ينادي به الشعب منذ بداية حراك 22 فيفري 2019 إلى الآن، ونعتقد أنّ إنشاء حزبٍ بديل لجبهة التحرير والأرندي المنبوذين شعبيا ليخلفهما كغطاءٍ جديد للسلطة، سيحول دون تحقيق هذا الهدف وسيكرّس الوضع الراهن، مع ما يعنيه ذلك من تعميق خيبة أمل ملايين المواطنين التوّاقين إلى التغيير، ومن ثم، سيتراكم الاحتقان واليأس أكثر في أوساط الشعب.

لقد كانت تجربة “الأرندي” الذي أسَّسته السلطة في 21 فبراير 1997 بديلا لجبهة التحرير التي لم تعُد تأمن جانبها بعد أن تمرّدت عليها في عهد مهري، كارثة حقيقية على الديمقراطية في البلاد، يكفي فقط أن نعرف أنّ السلطة زوّرت 10 مواعيد انتخابية، تشريعية ومحلية، بين 1997 و2017، لفائدة هذا الحزب الذي جذب إليه كل الانتهازيين والمتملّقين، وزوّرتها لفائدة جبهة التحرير أيضا، ما أدّى إلى فقدان الانتخابات مصداقيتها كاملة، وتوسُّعِ دائرة العزوف الشعبي عنها، وكان ذلك أحدَ أسباب انتفاضة 22 فبراير التي رفعت بوضوح شعار: “الأفلان، الأرندي.. ديقاج”، وكلُّ محاولة الآن لاستنساخ هذه التجربة الفاشلة، ستقود إلى النتيجة نفسها.

الانتخابات التشريعية المسبقة التي ستُجرى بعد ثلاثة أشهر من الآن، ينبغي أن تشكِّل فرصة كبيرة للتجديد والتغيير من خلال السماح بإجرائها في كنف الحرية والشفافية التامّة، حتى لو أدّت إلى فوز أحزاب المعارضة بالأغلبية في البرلمان وتشكيلها الحكومة، فذلك أدعى إلى استعادة الانتخابات مصداقيتها كأداةٍ سلمية وحضارية للتغيير بعد العزوف 77 بالمائة من الناخبين عن استفتاء أول نوفمبر الماضي على الدستور.. الشعب توّاقٌ إلى التغيير ويلحّ عليه، ونأمل أن يُمكَّن من ذلك تدريجيا بدءا من الانتخابات القادمة، وأن لا تكون هذه المحطّة فرصة أخرى ضائعة من عمر الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • صحراوي

    مجرد تساؤل.
    هل الجزائر مبتدعة؟
    سحب الجنسية ليست بدعة جزائرية، بدليل أن الدول مهد الديمقراطية وحقوق الإنسان سنت قوانين تُجرد من الجنسية من بينها.
    إسبانيا-فرنسا -إيطاليا-هولندا-بريطانيا-أمريكا.
    الحركى الجدد أقل شجاعة من حركى الثورة، هؤلاء جبناء يختبؤون وراء جنسيتهم وباعوا أنفسهم لفرنسا وغير فرنسا ضد وطنهم وشعبهم ودينهم وحتى لغتهم ليكون لنعيقهم مصداقية لدى بعض من يسمع لهم.
    واختم تعليقي بتساؤل أخر.
    هل هؤلاء يستحقون الجنسية الجزائرية؟
    من يمزق جواز سفره الجزائري ويفتخر بجواز سفره الفرنسي
    من خوَّن بومدين وبن باديس ومصالي الحاج وبوصوف
    من يسعى لتقسيم الجزائر
    من ينادي بتدخل الدول الخارجية

  • G.S

    الارسيدي والاففاس اقسوا انفسهم بانفسهم لانهم يعلمون علم اليقين انهم لن يفوزوا ولوتسقط النجوم على الارض٠

  • مواطن

    تريدون اقصاء احزاب السلطة الFLN و الRND من الساحة السياسية كأنكم دخلتم في الديموقراطية؟؟؟ ولكن لماذا تقصون الاحزاب التي تنادي بالديموقراطية والتي دفعت الكثير من التضحيات لتنعم الجزائر بالديموقراطية كالRCD وال FFS وال PT و....الخ؟؟؟

  • محمد قذيفه

    سحب الجنسيه لا يحل المشكله بل يورث الضغائن والأحقاد بين الاخوة الجزائريين ، والحل في الشفافيه ،فاذاكان كاذبا فمن يسمعه واذا كان صادقا على تصويب الخطأ وكفى الله المومنين القتال

  • حسين لقرع

    إلى ناصر:
    لقد طالبتُ بمحاكمتهم إن أخطأوا، حضوريا أو غيابيا، بدل حرمانهم من جنسيتهم ووطنهم وانتمائهم مدى الحياة، لكنك اقتطعتَ فقرة من الموضوع على طريقة "ويلٌ للمصلين"، إقرأ المواضيع جيدا قبل أن تُصدر أحكامك.

  • nacer

    إنّ تجريد مواطنين جزائريين يعيشون في الخارج من جنسيتهم الأصلية بذرائع عديدة، ومنها “ارتكاب أفعال تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة”، سيوفّر لدولٍ غربية ومنظماتٍ حقوقية دولية ذريعة جديدة لتصعيد انتقاداتها وحملاتها ضدّها باسم حقوق الإنسان!!!!!!!!!!!!!!!!! يعني مبدئياً لست ضد ، أسف، أنت تفكر مثلهم لكن تناور

  • نحن هنا

    كلامك صحيح ولكن هيهات هيهات من شب وشاب على شيء يموت عليه _لقد اسمعت لوناديت حيا_

  • محمد العربي

    لنكن واقعيين و نقرّ بالحقيقه التي لا تخفى على احد و هي ان النظام استنسخ نفسه بنفسه محتميا بمطالب الحراك و عليه فكل ما قام على باطل فهو باطل