الشروق العربي
العنصرية والسخرية من المصطافين..

عوامل تضرب السياحة في الجزائر وتمس بخصوصية الأفراد

نسيبة علال
  • 2811
  • 4
بريشة: فاتح بارة

يعود موسم الاصطياف من جديد، لتعود معه بعض العادات السيئة التي دأبت عليها فئة من المصطافين، فبالإضافة إلى العنصرية والتفرقة بين أصناف الوافدين على المناطق الساحلية بالخصوص، ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تفشي ظاهرة التهكم والاستهتار بمظهر الغرباء وبتصرفاتهم، وتحويل هذه الأخيرة إلى نكات تثير الضحك والسخرية وتنتشر بسرعة خارقة.

“مول” البحر و”عومي في داركم” منشورات تثير سخرية البعض وسخط البعض الآخر

على موقع فايسبوك وأنستغرام، تنتشر بكثرة صور رجال يرتدون بزات رسمية، يتجولون حفاة أو بأحذيتهم على الشاطئ، يعلق عليها أصحاب المنشورات قائلين: “مدير البحر، أو مول (مالك) البحر..”، وصور أخرى لسيدات وفتيات، يسبحن بالبيجامة، أو الجبة، تحت تعليق: “البحر ليس للنوم، البحر للسباحة..”.. مثل هذه المنشورات تلقى رواجا واسعا، ويتفاعل معها أكبر قدر ممكن من رواد الشبكة، بين من يعتبرونها مثيرة للضحك والسخرية، وبين الساخطين على أصحابها، وعلى أسلوبهم الوقح في تداول خصوصيات الناس ونشرها، بحيث إنها تسبب حرجا كبيرا وعقدا لأصحابها، إذا ما وصلتهم صورهم، وعادة ما يندد هذا الصنف من المتواصلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقاتهم على شاكلة: “أفضل أن يلبس هؤلاء ما يلبسون على أن يتعروا على مرأى العائلات”، “اتقوا أعراض الناس، فبعضهم ينتظر فرصة النزول إلى البحر سنة كاملة، ولا يهمه مظهره بقدر ما يهمه تمتعه باللحظات التي يقضيها”، ويعلق آخر: “حتى البحر تريدون منعه على الزوالي، الذي لا يملك ثمن لباس البحر، أو لا يهمه شراؤه، لأنه يزور الشاطئ مرة كل مدة طولية”..

لأنهم لا يشترون أكلا من الشاطئ

يفضل الكثير من المصطافين حتى الميسورين حالا، جلب طعامهم من المنزل، ذلك أنهم إما يخافون تناول الأكل في المطاعم، ولا يثقون في ما تقدمه في الجو الحار، تفاديا للأوبئة والوقوع في حالات تسمم، وإما لأنهم يختارون تناول الأطعمة الخفيفة، والسلطات حتى يتمكنوا من الاستجمام، وممارسة السباحة بكل أريحية، فضلا عن كون بعض المصطافين مرضى، اختاروا شاطئ البحر لتغيير الجو، وهم مجبرون على تناول وجبات معينة كالحساء.. هؤلاء الناس، وبينما هم يستمتعون بيومهم على الطريقة التي اختاروها، تلتقطهم عدسات الطفيليين، وكثيرا ما تنتشر صور موائدهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ينتقدون ما فيها، ويضحكون بوقاحة على أمور لا تخصهم البتة، حتى إن أصحاب بعض الصفحات تداولوا مؤخرا وجبة إفطار لشخص رفقة أصحابه، ونشروا عليها: “تخيل أن تذهب مع أصدقائك إلى البحر وتأخذ معك قدر لوبيا”، وآخر يعلق: “ماذا داخل القدر الصغير؟ “لوبيا”، عدس، “شربة فريك”! بعد مدة، رد معارف هذا الشخص من العاصمة بأنه مصاب بمرض في المعدة، وليس عليه أن يتناول أكلا آخر غير حسائه الخاص.

الأماكن للجميع والعنصرية تقضي على السياحة

مع الهواتف الذكية في جيوبنا، وتوفر العديد من وسائل التقاط الصورة المتاحة لأغلبنا، يفضل الكثير منا الاحتفاظ بصور للذكرى، من كل مكان يزوره خلال العطلة، وهذا سلوك عادي في باقي دول العالم التي تشجع السياحة، لعلمها بأهمية الصورة في الترويج للأماكن، لكن لدى بعض الجزائريين، التقاط صورة في الأحياء التي يقيمون بها يعني أن الذي يفعل ذلك هو إنسان غريب عن المكان، ومنبهر به، فيما قد يكون هذا الشخص يقطن منطقة أحسن بكثير، وحيا أرقى بكثير، ولكن التقاطه لصورة عفوية في مكان أعجبه يثير عنصرية البعض، وعباراتهم المشينة، فينعتونه بـ “الكافي”، “المخلوع”… وردود الأفعال هذه، أصبحت تشكل عقدا للكثير من الجزائريين خلال قضاء عطلتهم داخل الوطن، بالإضافة إلى محاولتهم إخفاء لهجتهم المحلية، وتعمدهم الحديث بالفرنسية أو افتعال التكلم بلهجة أهل المنطقة التي يقضي بها عطلته، ذلك أن الكثير من العنصريين والانتهازيين من أهاليها، يغيرون معاملتهم معه إذا اكتشفوا أنه وافد، فيغالون عليه في الأسعار، ويصنفونه في الطوابير، وهذا ما نلاحظه في مواقف السيارات، المطاعم، قاعات المثلجات، وحتى في محال بيع الألبسة والتذكارات.. وهذه من بين أهم العوامل التي تجعل المصطاف الجزائري يعزف عن قضاء عطلته ببعض المناطق في الوطن رغم روعتها.

مقالات ذات صلة