-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عودة .. معسكر الرعب !

الشروق أونلاين
  • 1816
  • 0
عودة .. معسكر الرعب !

إذا كان من الطبيعي أن يختلف فرقاء الساحة السياسية في مواقفهم تجاه القضايا المصيرية للبلاد، فإنه من غير المعقول أن تتحوّل مثل هذه القضايا الجوهرية إلى جدل سياسوي عقيم أو إلى ما يشبه الترف الفكري، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى قضية تمديد آجال تطبيق مراسيم المصالحة‮ ‬الوطنية‭.‬

إبراهيم‮ ‬قارعلي
لقد كان من السخرية أن ينحصر السؤال الرئيسي في هذا الموضوع الهام حول التمديد أو الالتزام بالتاريخ المحدّد لآجال تنفيذ مراسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بعد ستة أشهر من العمل به، يحدث ذلك في الوقت الذي ما تزال فيه الكثير من المسائل معلقة في هذا الموضوع أو‮ ‬أنها‮ ‬مؤجلة‮ ‬إلى‭ ‬إشعار‮ ‬آخر‮!‬
وما دام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أقرّه الرئيس، قد اتجه إلى معالجة المأساة الوطنية في جوانبها الأمنية والاجتماعية، فقد كان من المفروض أن يكون النقاش حول مدى المعالجة النهائية لملفات التائبين، سواء تعلق الأمر بالاستفادة من تدابير العفو على المستوى القضائي أو تعلق الأمر بالاندماج الاجتماعي للعائدين من الجبال الذين أصبحوا يشكلون شريحة اجتماعية لم تعد تختلف عن بقية الكثير من الشرائح الاجتماعية للبلاد، وخاصة ما يعرف بأولاد الجبل والذين يتطلب الأمر تسوية وضعيتهم المدنية وضمان تمدرسهم.
إن تبادل التهم بين المؤيدين والمعارضين لتمديد آجال ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، يعبر في أسوإ الأحوال عن بؤس سياسي رهيب ما انفكت تعاني منه الطبقة السياسية في البلاد. وهو البؤس الذي واكب هذه الطبقة السياسية منذ بداية اندلاع الأزمة واستمر معها سنوات.
والحقيقة، أن مثل هذا الجدل البزنطي العقيم، يعيد إلى الأذهان، ذلك الصراع الدونكيشوتي بين أنصار الحل السياسي وبين أنصار الحل الأمني، وهو الصراع الذي زاد من تغذية الانسداد السياسي وإطالة عمر الأزمة إلى سنوات وسنوات، كانت كلها دماء ودمارا ودموعا!!
ولعل الأخطر ما في الموضوع، أن المعسكر الذي يتمسك بالآجال المحدّدة ويرفض تمديد آجال ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كأنما يقرعون طبول الحرب عشية نهاية الآجال القانونية. فبالنسبة إليهم، أن قوات الأمن وخاصة الجيش سوف تعود إلى المواجهة الأمنية وتدك معاقل الجماعات‮ ‬الإرهابية‮ ‬المسلحة‮ ‬في‮ ‬الجبال‭.‬
ولو أن قوات الأمن لم تتوقف عن مكافحة الجماعات الإرهابية، حتى ولو في أوقات السلم، فإن ذلك يعد من صميم واجبها الوطني المقدس، لكن المقرف في هذا الأمر، هو أن يعود السياسيون الفاشلون والراسبون في مختلف المواعيد الانتخابية إلى الاستثمار السياسي في الحلول الأمنية‮ ‬مرة‮ ‬أخرى،‮ ‬متخذين‮ ‬من‮ ‬نهاية‮ ‬آجال‮ ‬ميثاق‮ ‬السلم‮ ‬والمصالحة‮ ‬الوطنية‮ ‬موعدا‮ ‬لاندلاع‮ ‬الحرب‮ ‬من‮ ‬جديد‮!!‬
لقد اعتاد أنصار تغيير معسكر الرعب الرهان على الحل الأمني في معالجة الأزمة الوطنية المتعدّدة الجوانب، وحين فشلت جميع رهاناتهم الاستئصالية خاصة بعدما تبنى المواطنون المصالحة الوطنية خلال الاستشارة الشعبية في الموضوع، لم يعد أمام القوم سوى الرهان على فشل مسعى‮ ‬ميثاق‮ ‬السلم‮ ‬والمصالحة‮ ‬الوطنية،‮ ‬على‭ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬يهدف‮ ‬إلى‮ ‬المعالجة‮ ‬السياسية‮ ‬لآثار‮ ‬المأساة‮ ‬الوطنية،‮ ‬وإنما‮ ‬يكتفي‮ ‬بجوانبها‮ ‬الأمنية‮ ‬والاجتماعية‭.‬
.. إن الذين يدقون طبول الحرب، يحاولون إيهام الرأي العام، بأن الجزائر مقبلة على الحرب، بعدما تنتهي آجال ميثاق السلم، وكأن الجزائر خلال فترة تطبيق تدابير المصالحة الوطنية قد كانت في هدنة مع الجماعات الإرهابية، ولم يبق بعد ذلك غير إعلان الحرب! وكأنه يتعيّن على‮ ‬الحرب‮ ‬أن‮ ‬ترافق‮ ‬السلم‭.‬
‭..‬‮ ‬أليس‮ ‬بعد‮ ‬السلم،‮ ‬سوى‭ ‬السلم‮!‬؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!