جواهر
مهنة كانت حكرا على الرّجال

عومرية.. أول امرأة “كلونديستان” تنقل المواطنين بسيارتها “رونو 4” بمعسكر!

قادة مزيلة
  • 3468
  • 12
ح.م
عومرية بن عروبة

تحتضن، بلدية عين فكان في ولاية معسكر واحدة من النساء اللائي تفتخر بهن المنطقة؛ فهي امرأة ليست كباقي النسوة، إذ تختلف عنهن جميعا في قوتها وتحديها وصبرها، بل أكثر من ذلك امرأة حديدية تقوم بأعمال لا يقوى عليها الكثير من الرجال في منطقة محافظة جدا.
عومرية بن عروبة أو “العومرية الكلونديستان” …عجوز في 66 من عمرها، إنها أول امرأة “كلونديستان” في ولاية معسكر وبأيّ مركبة؟ إنها سيارة “رونو4” أو “الأركات”.

عومرية تقود سيارة عجز الرجال عن قيادتها

خالتي عومرية هي البنت الثالثة عند الحاجة الزهرة التي تبلغ حاليا 105 من السنين ولا تزال حية ترزق وفي صحة جيدة.. والأصح هو أن خالتي عومرية هي واحدة من بين 204 ابن وحفيد وابن حفيد عند الحاجة الزهرة، غير أن عومرية ذات 64 عاما تختلف عن الـ204 في أنها امرأة من فولاذ؛ فقد اختارت لنفسها مهنة لا يقوى حتى الرجال على مجابهتها، وهي نقل المسافرين عبر جميع الخطوط وفي كل الاتجاهات بمركبة يستعصي على الكثيرين قيادتها، فقد تخلى عنها الجميع بعد ما تخلى عنها الزمن؛ وهي سيارة “رونو 4″، التي تقطع يوميا المسافات ذهابا وإيابا بين مختلف المناطق في مهمة النقل “الكلونديستان”.
يفضل غالبية سكان بلدية عين فكان الركوب مع خالتي عومرية في ترحالهم وتنقلاتهم وزياراتهم مهما بعدت المسافات أو قربت، بل إن الكثير من العائلات ترسل معها بناتها وأفرادا من عائلاتها وتأتمنها عليها فهي أمينة سر الجميع… فالكل يسرد معاناته وآلامه وحتى أفراحه ومسراته أمامها فهي تعد بحق الصندوق الأسود.
وليست النسوة فقط من يركبن مع خالتي عومرية.. فحتى الرجال يفضلون ركوب هذه “الأركات” ربما لنقص ثمن الرحلة مقارنة ببقية الناقلين، فالناقلة العجوز لن ترضى بأكثر من 40 ألفا في رحلة مسافتها أكثر من 10 كيلومترات. تنافس خالتي عومرية الناقلين العموميين عبر خطوطهم فهي تلتقي عشرات المرات بهم في رحلاتهم ذهابا وإيابا، وكثيرة هي الحالات التي تستعمل فيها السرعة المفرطة للظفر بركاب أو للوصول سريعا إلى زبائن يكونون في انتظارها.. ولم تثنها يوما مسافة بعيدة أو منطقة نائية أو فترة ليلية عن القيام بعملها كناقل لزبائنها وأوفيائها.

ميكانيكي من الطراز الأوّل!

خالتي عومرية تتولى بنفسها صيانة محرك سيارتها وإصلاح عطبها وتقويم ما اختل منها؛ فهي أنيستها ورفيقة حياتها، ومصدر رزقها ومورد قوت عائلتها… فالعجوز نذرت منذ وفاة والدها أن تكون خادمة لوالدتها وشقيقاتها وأشقائها وكثيرة هي حالات أبناء أشقائها وأحفادهم مما يدره عليهم عملها.
العجوز “الكلونديستان” تحظى باحترام ومودة الكثير حتى السلطات، ففي حضرة رئيس البلدية ورئيسة الدائرة، وجمع كبير من النسوة كرمت خالتي عومرية، في احتفال بهيج أقيم بالمكتبة البلدية لعين فكان مؤخرا، لتبقى فخر واعتزاز سكان بلدتها ومسؤولي المنطقة. وفي ساعات الفراغ ومن أجل الترويح عن النفس، تحمل خالتي عومرية والدتها المسنة ذات 105 سنوات على مركبتها للتجوال بها وسرد ما سر وخفي من حكايات لم تقدرا على تجاذبها داخل البيت وبين أفراد العائلة، أما في غياب الوالدة، فإن الوحدة هي راحة خالتي عومرية في سيارتها… وكثيرة هي الحالات التي تلجأ فيها عومرية للموسيقى علّها تجد فيها راحتها.

مقالات ذات صلة