-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عيد “الموت”

الشروق أونلاين
  • 1607
  • 0
عيد “الموت”

لم يخطئ الذين اختاروا يوم وفاة الشيخ بن باديس للاحتفال بيوم العلم الوطني، فقد تمكنا فعلا من وأد مظاهر العلم والمعرفة،

وذكرى الشيخ بن باديس هي صورة فوتوغرافية نعلقها في يوم رحيله لأجل ممارسة نشاطات أخرى نصرف فيها المال الوفير ونقبر فيها فكر هذا الرجل الذي كان، كما قال الشيخ محمد الغزالي، كالوردة اليانعة في صحراء قاحلة، فقد مرت الأمة بأيام عصيبة وبقي بن باديس مغيبا، رغم أنه قدم منظومة تربوية شاملة وقانون أسرة متكاملا وعالج مشكلة الأمازيغية ودافع عن رسول الإنسانية عندما أسيء له من اليهود والنصارى وبعض المسلمين الطرقيين، وأعطى أراء حضارية ومنطقية في أزمات العالم لو نهلنا منها ما أصبنا بأوجاع الرأس والبطن والأقدام، التي أفقدتنا البصر والبصيرة، فصرنا كالتائهين الذين يتشبثون بأي مسافر سواء كان إلى الغرب أو إلى الشرق أو حتى إلى الجحيم.ل

م يختف العلم عندنا فقط في البيوت وفي الشارع وفي السوق، بل اختفى أيضا، من المدارس والمساجد والجامعات، فعندما يتم توقيف حراڤ طالب في معهد الطب وشبكة عهر من طالبات هندسة ومزور وثائق معيد في الجامعة، وعندما يبلغ عدد الإطارات المهاجرة إلى الخارج ربع مليون نسمة، ويصبح الغش هو رأس مال الطلبة حتى في الجامعة الإسلامية وتشوه كتبنا المدرسية نشيدنا الوطني وتاريخنا الإسلامي والعربي والثوري وينتحر العلماء عندنا ويصابون بالخبل، وعندما تمنح الحقائب السياسية والاقتصادية والثقافية وسيف الحجاج وسوط الجلاد والعصمة لمن لا علم لهم، وعندما تزول معاهد الشيخ بن باديس وتعجز عن إيجاد قبر الشيخ العربي التبسي ويتحول مسكن المفكر مالك بن نبي إلى بيت للمواعيد وتعاطي المخدرات، وعندما يندلع الفن عندنا من الكباريهات والشعر من أفواه الهابطين، ويتحدث باسم الثقافة من لا يقدر على تعريف كلمة الثقافة، فمعنى ذلك أننا أمة لا تتعلم سوى طمس الذاكرة وجلد الذات وتهجير العلماء الذين صرفنا عليهم من (مخ) البلاد، فنحن البلد الوحيد الذي يجبر الأطفال على الدراسة وتمنحهم وزارة التضامن الحافلات ووزارة التربية المحافظ المجانية وتوفر لهم وزارة التعليم العالي الإقامة والنقل والوجبات بسعر يقل عن سعر حبة “الكابريس”، ثم بعد كل هذه التضحيات و”تكسار الراس” تغلق أبواب العمل في وجوههم وتفتح لهم أبواب الحرڤة والهروب بلا رجعة.ن

كاد نجزم ونحن نشاهد هذا التناقض الصارخ في التعامل مع العلم أن الشيخ بن باديس لو عاد إلى الحياة لأنشد من قال حاد عن أصله – أو قال مات فقد .. “صدق”!

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!