الشروق العربي
مبادرة تعكس التكاتف الاجتماعي:

غرباء يدفعون دين المدينين في المحلات والدكاكين

صالح عزوز
  • 4499
  • 7
ح.م

ظاهرة استحسنها الكثير من الناس اليوم، في مجتمعنا، وهي أن بعض أهل الخير، يذهبون إلى الدكاكين أو المحلات، ويدفعون دين المدينين هناك، تعكس مدى الارتباط الروحي الذي لا يزال في المجتمع الجزائري، رغم الكثير من السلبيات التي نعيشها يوميا، كانت في البداية منحصرة في بعض المناطق، لكنها اليوم شملت أماكن كبيرة، ساهمت بشكل كبير في قضاء دين الفقراء والمعوزين، الذين لا يزالون معلقين على أبواب الفقر، بل أصبح العوز يشمل الكثير من الناس، في ظل الظروف الاجتماعية التي نعيشها اليوم.

السبب الذي دفعنا إلى الحديث في هذا الموضوع القيم، الذي يبين مدى ارتباط المجتمع الجزائري في الكثير من الأزمات، حيث تظهر اللحمة بينهم، رغم الاختلاف في الكثير من القضايا في مختلف المجالات، لكن عند طلب المساعدة أو التضامن، تجد أغلبنا يصطف من أجل تقديم هذا، ولو على حساب عمله ووقته أو عطلته.. أن أحد الشباب طلب من بائع في دكان، أن يعطيه دين فلان، من أجل تسديده دون ذكر اسمه أو منصب عمله، أي قضاء هذه الحاجة في السر، لتجنب الرياء، وهو الهدف الأكيد من هذا.. فعل يحرك المشاعر حقا، ويشرح النفس والصدر، لأنها فعلا مبادرة تستحق الثناء من فاعليها، حتى ولو كانوا مجهولين لا نعرفهم، غير أنك يمكن أن تتصور في لحظة من اللحظات، تلك الفرحة التي سوف تزين وجه هذا الفقير، الذي يخبره البائع حين يأتي لتسديد هذا الدين أو للمداينة مرة أخرى، أن دينه القديم قد أغلق من طرف شخص مجهول، ربما لن تحمله الأرض فرحا، فلا غالب للرجل في هذا الزمان إلا الدين الذي يرهق كاهله، خاصة عندما يتعلق الأمر بموظف أو شخص لا شغل له، أو يعمل في فترات متقطعة، فيكون هذا الفعل من طرف مجهول، كمن أسقط عنه حملا ثقيلا كان يحمله منذ سنوات، ولم يجد من يساعده على حمله أو أخذه عنه، وهي حال المدين في المجتمع.

مبادرة طوال السنة وليست مناسباتية

الشيء الجميل، في هذه الظاهرة، أنها لا ترتبط بمناسبة معينة، مثل بعض الأعمال الخيرية، التي نعيشها في رمضان، مثل موائد الإفطار والصدقات والتضامن في الكثير من المجالات، بل تكون على طول السنة دون انقطاع، وهو ما يؤكده الكثير من الباعة في المحلات والدكاكين، الذين استحسنوا هذه الظاهرة، لأنها من جهة مساعدة للمعوز والفقير، ومن جهة أخرى، تجنبهم الوقوع في الحرج معهم، كما أن هذه المبادرة لا تتعلق بالمواد الغذائية فحسب، بل تشمل كل ما يحتاجه الفرد في حياته اليومية، سواء الأكل أم الشرب من لحوم وحبوب وغيرها، أو مواد التنظيف، وحتى بعض الألبسة في محلات بيع القماش والألبسة الجاهزة.

ظاهرة تستحق الذكر والتعميم، لأنها بحق كانت دعما ومساعدة للكثير من المدينين في مجتمعنا، ولا تزال كذلك، كما أنها مبادرة تعكس تلاحم أبناء هذا الوطن.

مقالات ذات صلة