-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فتات‮.. ‬فوق‮ ‬الموائد‮!‬

الشروق أونلاين
  • 1281
  • 0
فتات‮.. ‬فوق‮ ‬الموائد‮!‬

عندما يتجاوز سعر البترول السبعين دولارا للبرميل الواحد، وعندما يتجاوز إحتياطي الصرف في الخزينة العمومية السبعين مليار دولار، ولا ينعكس ذلك بالإيجاب على الوضعية الاجتماعية للجزائريين، فذلك منطق مقلوب مادامت الأرقام الاقتصادية لا تعكس الحقائق الاجتماعية.
إبراهيم‮ ‬قارعلي
مثل هذا الأمر، يؤكد أن الرخاء المالي للدولة لا يقدم في الأمر شيئا، خاصة على المستوى المعيشي للمواطنين الجزائريين، سواء ارتفع سعر البترول إلى مائة دولار أو انخفض إلى ما دون عشرة دولارات للبرميل الواحد.
بل إن الجزائريين يعرفون مثل هذه الحقيقة منذ منتصف عشرية الثمانينات من القرن الماضي، ويصبح من السخرية أن ترفع الجزائر إنتاجها البترولي إلى مليوني برميل يوميا مادامت دار لقمان على حالها! فما أغنى الدولة وما أفقر الشعب، فهل بعد ذلك نعجب من الآخرين حين يصفون الجزائر‮ ‬بدولة‮ ‬غنية‮ ‬لشعب‮ ‬فقير،‮ ‬وهل‮ ‬نستغرب‮ ‬حين‮ ‬يؤكد‮ ‬الخبراء‮ ‬الإقتصاديون‮ ‬أن‮ ‬الجزائر‮ ‬قد‮ ‬أصبحت‮ ‬تصدر‮ ‬الثروة‮ ‬وتستورد‮ ‬الفقر‮!!‬
لا يمكننا أن نتفاجأ البتة، حين يكشف المنتدى الإقتصادي العالمي، أن الجزائر تحتل المرتبة السادسة والسبعين من بين مائة وخمس وعشرين دولة في العالم، والأغرب من ذلك أن الجزائر تحتل المرتبة الأخيرة في منطقة دول المغرب العربي وفق هذا الترتيب.
إن أبسط الأشياء أن تنعكس الراحة المالية للخزينة العمومية على القدرة الشرائية للمواطنين، ولكن عندما ينقلب المنطق الإقتصادي وتصبح الأرقام تحمل على غير حقيقتها، من الطبيعي أن يتردى الوضع الإجتماعي ويفقد المواطنون حتى الأمل في الحياة أو العيش في عزّة وكرامة.
لقد أصبح البسطاء من المواطنين عاجزين حتى عن شراء البطاطا التي يحلو للبعض أن يسميها لحم الفقراء! بل إن لهيب الأسعار لم يعد يلتهم جيوب المواطنين فقط، بل أصبح يحرق أجسامهم، حين تحدثنا الأخبار أن بعض أرباب العائلات الفقيرة وحتى الميسورة الحال قد دفعتهم معاناتهم‮ ‬اليومية‮ ‬إلى‮ ‬الانتحار‮. ‬ولم‮ ‬يتردّد‮ ‬بعضهم‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬يصب‮ ‬البنزين‮ ‬على‭ ‬جسده‮ ‬ويضرم‮ ‬النار‮ ‬فيه،‮ ‬فأية‮ ‬نعمة‮ ‬يجنيها‮ ‬هذا‮ ‬المواطن‮ ‬من‮ ‬البترول‮ ‬الذي‮ ‬أصبح‮ ‬يحترق‮ ‬به‮ ‬مرتين‮!!‬
ومع ذلك، فإن النقابة التي تحولت من أكبر حزب سياسي إلى أكبر لجنة مساندة، تعتقد أنها قد حققت أكبر انتصار بخصوص الزيادة في الأجور أو ارتفاع الحد الأدنى للأجور، على الرغم من أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من مجرّد فتات فوق موائد!
بل إن الحكومة نفسها تعتقد هي الأخرى أنها قد كسبت المعركة حين تجرّ النقابة التي أصبحت بلا عمال وأرباب العمل الوهميين إلى عقد لا هو بالاجتماعي ولا هو بالاقتصادي سرعان ما يلتحق بأرشيف المواثيق والدساتير السابقة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!