جواهر
يثرن جدلا ويتعرضن للتحرش يوميا

فتيات غزة يتحررن من القيود بركوب الدراجات!

جواهر الشروق
  • 5497
  • 0
ح.م

أثارت قيادة بعض الفتيات للدراجات الهوائية في قطاع غزة، الخاضع لسيطرة حماس دهشة كبيرة كون الظاهرة جديدة وغير مألوفة بالمرة.. عدد من المارة والسائقين انهالوا عليهن بالشتائم والتهكم، ومنهم من لجأ للتحرش بمنتهى الجراة، أما رجال الدين فانتفضوا طالبين منهن الالتزام بالآداب الشرعية..

تشعر آمنة بطعم الحرية وهي تركب بصحبة صديقاتها دراجتها الهوائية على طريق صلاح الدين الرئيسي في شمال قطاع غزة غير آبهة بالعادات والتقاليد المحافظة في القطاع الذي تحاصره اسرائيل منذ عشر سنوات.

وتخرج آمنة سليمان (33 عاما)، ترافقها سارة الصليبي (24 عاما) وشقيقتها نور وأصالة أبوشرخ (20 عاما)، دراجتها الزرقاء اللون، من منزلها في مخيم جباليا المكتظ باللاجئين، وتمضي مسرعة نحو الطريق الرئيسي لتمارس هوايتها بركوب الدراجة الهوائية، وهو أمر نادر في مجتمع محافظ.

ولم تتعرض الفتيات لمضايقات مباشرة من المارة، لكن قيادتهن للدراجات أثارت دهشة الكثير من المواطنين، وشتائم وتهكما من سائقين ومارة.

وتقول آمنة “الناس يستغربون من أي فعل للمرأة في الشارع باعتباره ضد التقاليد والعادات، وهذا أمر مرفوض، لأن ما نقوم به لا يتنافى مع الدين”.

وتتابع بشيء من التحدي “يجب أن تنتهي القيود ضد المرأة، أحاول إيصال رسالتنا بطريقة بسيطة وسلمية. للمرأة حرية يجب أن تأخذها، يجب أن تثبت حضورها في المجتمع”.

وترتدي آمنة، وهي مدرسة لغة إنجليزية، سروالا للرياضة أسود اللون، وتغطي رأسها بقبعة رياضية من اللون نفسه.

وتسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ 2007، لكن النساء يواجهن قيودا تمليها العادات والتقاليد أكثر من القوانين.

وتبلغ نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام 19%، وفي قطاع غزة بالتحديد 21%، وفق تقرير نشره مركز الإحصاء المركزي الفلسطيني الأسبوع الماضي. وفي القطاع الوظيفي في حكومة حماس، تشغل المرأة نحو 40% من الوظائف المدنية.

وكانت أول تجربة لآمنة في ركوب الدراجات أشبه بالمغامرة قبل أن تنضم إليها صديقاتها.

وتقول آمنة “ركوب الدراجة شيء نحبه منذ كنا صغارا، وقررنا أن نجدده، أشعر بالحرية والسعادة وأنا أركب الدراجة”.

وتدرك سارة الصليبي (24 عاما) التي تتحدر عائلتها من قرية دير سنيد في قضاء المجدل أن المجتمع في غزة يرفض أن تركب فتاة دراجة هوائية في الشارع، لكنها تصر على المضي في ممارسة هوياتها “لأنني مقتنعة بها”.

وتبدأ رحلة الفتيات من مدخل جباليا على مسافة تزيد عن خمس كيلومترات حتى معبر بيت حانون (ايريز).

واشترت سارة زجاجة مياه من كشك قرب نقطة أمنية تابعة لشرطة حماس في المعبر حيث قابلها أحد عناصر الأمن بابتسامة.

قبل انتهاء الرحلة، تأخذ الفتيات استراحة تحت شجرة زيتون على الجانب الشرقي للطريق ويتناولن إفطارا خفيفا من الخبز والجبن، ثم يغادرن إلى بيوتهن.

على طريقهن، غالبا ما يتوقف سائقو سيارات في وسط الطريق، فيكتفي بعضهم بالابتسام، فيما يعاكسهن البعض الآخر.

ويقول أيمن (25 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة، “بنات على بسكليتات (دراجات) في غزة؟ بجد غزة بلد العجائب”. ويضيف ممازحا “إذا تعممت البسكليتات في غزة لن تركب أي بنت سيارة أجرة”.

بالنسبة إلى الانتقادات، تقول سارة “لا نبالي بالمعاكسات”، أما آمنة فتبدي انزعاجها من طريقة النقد و”التهجم. أنا حزينة على هؤلاء الناس”.

على مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت الآراء بين مؤيد ورافض عندما نشرت آمنة على حسابها على موقع فيسبوك صورتين لها ولزميلاتها على الدراجات، لكن الغالبية لم تبد انزعاجا. فمقابل أربعين تعليق إيجابي، حملت أربع تعليقات شتائم.

وعلق ناشط “فكرة رائعة تظهر الوجه الجميل للمرأة في غزة، المرأة تقاوم المحتل وتناضل من أجل حريتها في مجتمعها”. بينما علق آخر “عيب اقعدوا في بيوتكم أفضل”.

وفوجئت آمنة التي عادت أسرتها إلى قطاع غزة العام 1994 بعدما كانت تقيم في سوريا بحضور والدها، الموظف المتقاعد في وزارة المواصلات، ليشاهدها وهي تقود الدراجة. وقال لها “جئت لأطمئن عليك”، متمنيا أن تذهب إلى عملها بواسطة الدراجة، وهي تعبر عن سعادتها للتأييد الذي تلقاه من والدها.

وترى الطالبة الجامعية سامية (20 عاما) أن “الناس في غزة منفتحون ويتقبلون تدريجيا الكثير من ممارسات نعتقد أنها مرفوضة أو ممنوعة”.

ولا تحظر القوانين الفلسطينية ولا حماس ركوب الدراجات بالنسبة إلى المرأة.

ويؤكد أحد رجال الدين أن الدين لا يمانع “إذا كانت المرأة محتشمة وملتزمة الآداب الشرعية”.

والهدف بالنسبة إلى سارة هو الرياضة بحرية بعيدا عن ضغوط العمل موضحة “لذلك اخترنا عطلة الجمعة لركوب الدراجة بعيدا عن زحمة الطرق”.

وتعمل الفتاة مدرسة لغات في المدرسة الأميركية في غزة.

ويخطر ببال سارة وصديقاتها فكرة القيام “بثورة اجتماعية” لتغيير تقاليد وعادات المجتمع، لكنها تقول “وجدنا أن الفكرة قوبلت بنظرة ايجابية من الفتيات، وسأكون سعيدة إذا انضمت إلينا فتيات أخريات”.

وتقول آمنة “نشجع أي عمل يكسر القيود المجتمعية ويحقق حرية المرأة”.

مقالات ذات صلة