جواهر
حوّلت كل أيامها إلى "رمضان"

فتيحة.. فقدت أمها فصامت 16 سنة دون انقطاع

نادية شريف
  • 31796
  • 32

إذا كان أحب الصيام إلى الله هو صيام داوود عليه السلام، وهو صيام يوم وإفطار يوم، فإن فتيحة جعلت من كل أيام حياتها صياما وذلك على مدار 16 سنة متتالية، بما في ذلك أعياد الفطر والأضحى؛ فإذا كان النوع الأول صوم تطوع لأجل العلاج الروحاني، فإن النوع الثاني صوم ضروري لأجل علاج جسدي، كونه راجعاً إلى أسباب طبية عجز الأطباء عن الكشف عنها.

فتيحة بطاهر، الساكنة بقرية طاقة، والتي تبعد 15 كلم عن مقر بلدية سريانة ولاية باتنة، تروي قصتها لـ”الشروق اليوميبنبرات رسمتها ملامح الألم والمعاناة: بدأت قصتي مع المرض بعد حوالي شهرين من وفاة والدتي عام 1998 فبمجرد تناولي لأي أكل، أشعر بآلام حادة أقرب إلى الوخز بالإبر في المعدة تمزقها وتصاحبها حموضة، كما أني عندما أسترجع الأكل تصاحبه مادة تشبه صدأ الحديد، وقد وجدت ضالتي الوحيدة في الصيام كحل جزئي للتخفيف من الآلام. زرتُ كل ولايات الوطن تقريبا، فكان كل يوم من حياتي في ولاية جديدة ومع وجه جديد، فتم عرضي على أكثر من طبيب، وقد عجز الأطباء عن إيجاد حل لوضعيتي، حتى إن الأدوية التي كانت توصف لي لم تؤد دورها في الشفاء، بل أثرت في جهازي الهضمي بشكل سلبي، فسببت لي انتفاخا في الأمعاء وكذا ارتفاعا في ضغطي الدموي أدى إلى دخولي المستشفى في العديد من المرات. 

وأكد السيد هشام بطاهر قريب فتيحة أن الأطباء طمأنوه على حالة قريبته الصحية، رغم أن حالتها تزداد سوءا من يوم إلى آخر. 

  فتيحة تعيش حكاية ألم مع الفقر وسط عائلة صار فيها رغيف الخبز حلما، ومع المرض الذي لازمها منذ سنوات، وهي الوضعية التي جعلتها تعيش حياة غير طبيعية كباقي الناس. 

وأكدت فتيحة أنه خلال تناولها الأكل ليلا لاحظت عدم وجود آلام حادة مثل تلك الآلام التي تصاحب الأكل أثناء النهار فرأت أن تقوم ببعض جلسات الرقية حيث أكد لها بعض الرقاة أنها أصيبت بسحر بعد وفاة والدتها، كما جعلها تفقد الرغبة في الزواج، فبرغم سنها المتقدم إلا أنها رفضت العديد من عروض الزواج، وهذا ما أكده أحدُ الرقاة لفتيحة والذي نصحها بالعسل الجبلي ممزوجا ببعض الأعشاب، إلا أن صاحبة الـ52 ربيعا لا تزال تعاني إلى حد اليوم.

المرأة الصابرة التي جعلت كل أيامهارمضانتحمل صفة المبدعة والمبتكِرة، فعملت على تفجير طاقتها الفنية ولغتها العملية في مجال الخياطة، إلاّ أن إصابتها بحساسية مفرَطة للجلد على مستوى اليدين، حرمتها من ممارسة هوايتها ومصدر رزقها ما عقد الأمور أكثر، خاصة وأنها أنهكت جيبَ والدها الكبير وأنفقت كل ما بحوزتها من مال على فحوص طبية تأكد سلامتها من أي مرض. 

فتيحة تحمد الله على هذا الابتلاء وتعتبر هذا الداء شفاءً فهو نعمة من عند الله يشفي قلبها من المعاصي بعد أن جعل 16 سنة من حياتها صياما وقياما، قبل أن يكون مرضاً أنهك جسمها.

مقالات ذات صلة