رياضة

فخورون بسليماني

ياسين معلومي
  • 8100
  • 17
ح. م

منذ زمان ونحن نحلم بأن يتقمص لاعب تكوّن وترعرع في الملاعب الجزائرية، قميص إحدى أقوى البطولات في العالم ويتحدى كل الصعاب والعقبات، ويدوس على كل المشاكل التي تميز بطولتنا من عنف ورشوة، وترتيب للمقابلات في وضح النهار، ويصبح نجما رغم أنف اللوبي الذي يسير بطولتنا “المنحرفة” منذ سنوات..

بطولة عقيمة لم تستطع منذ سنوات أن تنجب لاعبين صالحين للاحتراف، فماعدا البعض والذين يعدون على أصابع اليد الواحدة، فإن كل اللاعبين الذين ينشطون في الدوري الجزائري مستواهم محدود جدا، وهدفهم الأول والأخير هو جني الكثير من الأموال على حساب لعب كرة القدم وإمتاع الجماهير، فهل يجد أصحاب العقول الكروية والمسؤولون حلولا جذرية لتدني مستوى كرتنا؟ أم نبقى دائما تحت رحمة الأندية الأوروبية جزاها الله خيرا، تصدر لنا سنويا عددا كبيرا من اللاعبين، مهمتهم تأهيلنا إلى المنافسات الدولية.. ويبقى المسؤول الحقيقي يتفرج، فلا قرارات تتخذ ولا جلسات كروية تعقد، ولا حتى اقتراحات لإخراج كرتنا من الإنعاش، ونبقى “نطبل” دائما للمنتوج الأجنبي، الذي أدخلنا في سبات لن نستفيق منه أبدا، وننسى ونتناسى منتوجنا المحلي الذي أصبح في سلة المهملات.

عندما تنقل سليماني إلى سبورتينغ ليشبونة، أتذكر أن هناك أصواتا تعالت من هنا وهناك، أن خريج مدرسة الشراقة سيفشل في مهمته، ويعود بسرعة البرق إلى الجزائر، وإلى فريقه السابق شباب بلوزداد، لكنه تطور بسرعة وأصبح هدافا من طراز نادر، تتهافت عليه أشهر الأندية الأوروبية، واختار في آخر لحظة بطل الدوري الإنجليزي نادي ليستر، الذي يلعب له الجزائري رياض محرز، ليصبح ابن الجزائر وخريج البطولة الجزائرية أغلى لاعب عربي يلعب في أوروبا، متقدما على لاعبين كبار تركوا بصمتهم في الملاعب الأوروبية، ويدخل التاريخ الكروي الجزائري والعربي وحتى الإفريقي من بابه الواسع، ويرسل رسالة مشفرة إلى كل من يسيرون كرتنا من رؤساء ومدربين وحتى الأنصار، على أن المستحيل ليس جزائريا، وبإمكان بطولتنا أن تصبح بلدا مصدرا للاعبين، لو نهتم بهم قليلا ونمنحهم إمكانات واهتماما أكبر.

لا أظن أن ما يقوم به سليماني هو ضربة حظ، كما يريد البعض إيهامنا، بل إن خريج المدرسة الجزائرية تمكن منذ قدومه من الشراقة إلى بلوزداد أن يصبح نجما، فتألقه مع فريقه شباب بلوزداد، ثم مع الخضر تحت قيادة البوسني وحيد خاليلوزيتش، وبعدها في سبورتينغ ليشبونة، ومتأكد من أنه سيواصل التألق في ليستر مع زميله محرز، الذي ساعده ولو بكلمة طيبة للالتحاق بالنادي الإنجليزي، الذي أصبح في زمن قصير فريقا يتابعه أسبوعيا الجزائريون والعرب، وستزداد متابعته ومناصرته بعد التحاق إسلام به.

التطور المذهل للاعب سليماني وإمضاؤه في الدوري الإنجليزي، يجعلنا نقر أن اللاعب العربي عموما والجزائري خصوصا، لو تمنح له الفرصة ويجد ظروف عمل مواتية بإمكانه الوصول إلى القمة، عندما نجد منتخبا مثل الأرجنتين الذي يضم أحسن اللاعبين في العالم، يعطي الفرصة للاعبين شاركوا في أولمبياد ريو دي جانيرو، وإدماجهم مع ميسي ودي ماريا وغيرهم ليكونوا خير خلف لخير سلف، غير أن منتخبنا الوطني يتجاهل كل “أولمبيينا” ويقصيهم من المنتخب، ويستنجد بلاعبين لا يلعبون حتى مع أنديتهم ويتجاهل آخرين أثبتوا أنهم قادرون على رفع التحدي، ندرك أن هناك شيئا في نفس يعقوب؟

أظن أن الجدال الذي حدث بعد ألعاب ريو، والتصريحات الخطيرة لرياضيين مثل مخلوفي وبورعدة وفليسي وغيرهم، تجعلنا نقر أنه حان الوقت لوضع سياسة رياضية جديدة تتماشى مع متطلبات المرحلة القادمة، وعلى الدولة والمسؤولين وضع إستراتيجية جديدة لمواكبة هذا التطور الرياضي، لأن عصر المشاركة من أجل المشاركة قد ولى، والعبرة في النهاية بالخواتيم.

مقالات ذات صلة