جواهر
حازت على وسام أفضل شاعرة عربية:

فدوى طوقان أم الشعر.. مبدعة ولدت من رحم القهر

جواهر الشروق
  • 4091
  • 5
ح.م

ما أخطا من قال أن الأزمة تلد الهمة، فما أكثر الأبطال والمبدعين الذين ولدوا من رحم القهر والمحن، حدتهم قوة الإرادة وزانهم الصبر والتحدي.

ومن بين هؤلاء مبدعة وأدت تقاليد المجتمع حلمها، حيث أوقفتها عائلتها عن الدراسة في سن مبكرة، لكن عزيمتها شقت لها كفن التطويق وأفرجت لها عن كوة أبصرت منها نور العلم، واستنشقت منها هواء الأمل؛ إنها الشاعرة الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان.

في مدينة نابلس الفلسطينية ولدت فدوى سنة 1971 في عائلة عريقة ومحافظة، تلقت تعليمها الابتدائي في مدرسة المدينة لكنها لم تكمله بل توقفت مكرهة امتثالا لأمر أخيها الذي هددها بالقتل إن هي تجاوزت عتبة البيت ثانية، والسبب موقف لا يعدو عن كونه لعب أطفال، فجريمة فدوى كانت وردة رشقها بها أحد المراهقين الصغار، فكابدت ألم الشعور بالضياع؛ ضياع الأحلام التي كانت تنشد تحقيقها من خلال الدراسة، وضياع أفكارها بين هواجس الخوف من المستقبل المجهول في وسطها التقليدي المستبد بالمرأة.

وحدها العزيمة من تصنع الفارق بين البشر، فقد كانت عصامية هذه الفتاة اللبنة الأولى لبناء شخصيتها الأدبية الفارهة، حيث أجادت اختيار عالمها حينما اتخذت الكتب ملاذا لها، وراحت تقرأ كل ما يقع بين يديها، فتفجر في غُرَّتها نبع الحس الأدبي، وعبّدت لها الأقدار سبيل النجاح بعدما عاد أخوها الأكبر إبراهيم من بيروت، فتولى تعليمها وصقل موهبتها فتعلقت به تعلقا كبيرا حيث قالت:” كانت عاطفة حبي له قد تكونت من تجمع عدة انفعالات طفولية سعيدة كان هو مسببها وباعثها...أول هدية تلقيتها في صغري كانت منه، أول سفر من أسفار حياتي كان برفقته”.

ومن ذلك الوقت ولجت بحماس وثقة أكبر حياة الدفاتر وكتابة الشعر بتشجيع من أخيها وأصبحت تنشره في الصحف والمجلات تحت أسماء مستعارة منها دنانير وأم تمام والمطوقة وهو أحب اسم اشتهرت به لازدواجية رمزيته؛ فهو يحمل دلالة ما عاشته من تطويق في مجتمعها ويحمل معنى انتسابها لعائلة طوقان، قبل أن تلقب بعدة ألقاب أخرى أشهرها سنديانة فلسطين و أم الشعر الفلسطيني وهو لقب منحها إياه الشاعر الكبير محمود درويش.

حملت في شعرها قضايا متعددة بلغت بها درجة النضال، فتنوعت قصائدها بين ثورات ضد المحتل الصهيوني الغاشم وضد مظالم المجتمع وبين تجارب أنثوية في الحب والمواقف الإنسانية، فكان نتاجها الأدبي غزيرا تجاوز صيته حدود الوطن العربي، فازت نظيره بعدة جوائز وطنية ودولية أهمها: جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة بايطاليا، وسام أفضل شاعرة للعالم العربي، كما ترجمت بعض أعمالها الى عدة لغات الفرنسية الانجليزية الفارسية الألمانية..

وبعد رحلة مستفيضة العطاء، رحلت سنديانة فلسطين الشامخة في الثاني عشر من شهر ديسمبر سنة 2003، وكتب على شاهد قبرها أبيات من قصيدتها الشهيرة عن فلسطين:

كفاني أموت عليها وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة إليها

مقالات ذات صلة