-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“فقير” في بلاد الأثرياء؟

“فقير” في بلاد الأثرياء؟

قال لاعب الكرة، الذي لا يدري ـ هو نفسه ـ لحد الآن، من أين جاء، ولكنه أتى، وأبصر طريقه فمشى، المدعو نبيل فقير، بأنه لن يشارك في كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، التي ستجري في غينيا الاستوائية، مع المنتخب الجزائري، لأنه مهتم باللعب مع نادي ليون الفرنسي، وبعد ذلك سيفكّر مطولا بالتشاور مع وكيل أعماله وعائلته، ليحدّد إن كان جزائريا أو فرنسيا، وهو يدرك أن خياره سيتم الترحاب به، خاصة في الضفة الجنوبية، ما دام التاريخ قدّم له صورا عن متردّدين من لاعبي الكرة، عن قبول اللون الجزائري، وتحوّلوا بعد ذلك إلى أبطال قوميين، بمجرد أن دحرجوا كرة حققت انتصارا رياضيا تارة، وخسارة تارة أخرى، وفي أحسن الأحوال لو شارك هذا “الفقير” مع منتخب الأثرياء، الذي صار يسيل لعاب الامتيازات التي يقدمها كل من يلعب الكرة، فإن الجزائر ستفوز بكأس أمم إفريقيا، وهو لقب أحرزته الجزائر منذ ربع قرن وأحرزته بلدان صغيرة وفقيرة مثل زامبيا وإثيوبيا.

وفي المقابل أعلن تقرير لعمادة أطباء فرنسا نشرته الشروق اليومي بالتفصيل الممل والمؤلم، عن وجود 5905 طبيب جزائري من متخرجي الجامعة الجزائرية، يعملون في مختلف المستشفيات الفرنسية، وفي مختلف الاختصاصات، وهو رقم من المفروض أن يهز الجزائر المريضة صحيا ومعنويا بالكامل، وليس وزارة الصحة فقط، لأن هذا الرقم من الأطباء الذين تنعم فرنسا بالصحة والعافية بفضل خدماتهم، بإمكانه أن يسيّر المنظومة الصحية العليلة في الجزائر، ويعيد الأمراض المنقرضة التي تجرّأت على الظهور في السنوات الأخيرة إلى جحورها، والطامة الكبرى أن كل هؤلاء من خريجي الجامعة الجزائرية التي أنفقت الدولة على تكوينهم لسنوات عديدة من خلال مجانية التعليم والخدمات الاجتماعية والبيداغوجية التي تقدمها لهم، ولم نسمع عن محاولة واحدة لاسترجاع طبيب واحد، ولا نقول هذا الكمّ الهارب إلى مستشفيات فرنسا، وأكيد أن الطبيب لو حاوره من يشبه روراوة أو غوركوف في قطاع الصحة، لن يتردد ولن يشاور وكيل أعماله وعائلته كما يفعلالدكتورنبيل فقير مع الجماهير السكرانة بلعبة كرة القدم.

لقد حلّت الجزائر في الفترة الأخيرة، مشكلتها مع كرة القدم، اللعبة التي يحبّها الجزائريون أكثر من من الجِدّ نفسه، من خلال التعريج إلى فرنسا لنقل ما هو جاهز من أقدام، ولكن الجزائر تعاني الكثير من المشكلات التي مزقت حبل الثقة بين المواطنين والدولة، ومع ذلك رفضت أن تحل هاته المشكلة، ليس بالضرورة باتباع الخطوات التي سار على نهجها محمد روراوة، وإنما بتوقيف هذا النزيف من الأدمغة، لأن ما أعلنته عمادة الأطباء في فرنسا عن تواجد ستة آلاف طبيب جزائري، يوازيه في العدد والنوعية شعب من الكفاءات الجزائرية، في كل القطاعات وفي كل البلدان الأوروبية وفي الخليج العربي وشمال أمريكا وأستراليا.

 

قد يكون فقير حرا في أن يضع قدما على قدم، وهو يفكر قبل أن يختار بلدا يدفع له أكثر، ومن المحتمل أن يختار الجزائر لأنه لن يجد الحب الزائد والمالالسايبكما سيجده في الجزائر، لكن الذين تركوا هذا الكم من الأطباء وغيرهم من الأدمغة يغادرون البلاد، ليسوا أحرارا في أن يضعوا قدما على قدم غير مهتمين بحال الأم التي تئن، وأبناؤها يداوون بقية الأمهات؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • أبو رضا المعسكري

    حدثني أحدهم كنت أضنه صديق من أيام الشباب بأن الجزائر ترغم أبناءها على المغادرة فصححت له العبارة بأن من يحكمون هم من يفعل ذلك ثم أضفت له بأنكم أكثر من 100 ألف اطار مهجر أعتبركم تبعتم مصالحكم ورغد العيش على حساب الوطن الذي علمكم ومنحكم ما أنتم عليه فلماذا لم تمكثوا معنا وتكونوا أنتم طليعتنا لأنكم تعتبرون أنفسكم النخبة. اقتنع هذا الشخص بكلامي ثم التحق بأبو ضبي أين يعيش حتى الآن!