الشروق العربي
إشهار العنف والتعذيب عبر الأنترنت:

فيديو “تاكلي الجاج” يدخل مطاعم تفجيرات باريس

الشروق أونلاين
  • 19554
  • 0

التوغل الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي في أوساط الجزائريين من مختلف الفئات والأعمار، أكسب بعض المنشورات شعبية كبيرة، ونشرها على نطاق واسع يفوق توقعات مشاركيها، فكثيرا ما تسجل مقاطع مصوّرة لمتصلين هاوين نسبة مشاهدة خيالية دونما الحاجة إلى إعلانها، فتصنع من شخصياتها أبطالا اجتماعيين، ساهموا في مد يد العون أو وُفقوا في جعل المشاهد يُهستر ضحكا.. إلى هنا الأمر عادي جدا، ولكن الغريب والخطير أن تنتشر فيديوهات غير إنسانية لوحوش بشرية تروّج للجريمة وانتهاك حقوق الإنسان والحيوان بتصرفات لا أخلاقية.

 الكلاب المسعورة والسكاكين ترعب الأطفال

صوب تركيز عدسة كاميرا شباب طائش، مجرد من الرحمة والشفقة، مظهر لاثنين من أسوأ مشاهد اللاإنسانية التي استنفرت الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيقظت حملة شعبية وإعلامية مناهضة لها. المقطعان مصوّران بكل من الغرب والجنوب الجزائري – لم يحدد موقعهما بالضبط- يظهران في لقطات جد متشابهة كيف يستمتع شباب منحرف بتحريض كلب مسعور على مهاجمة طفل دون العاشرة، ليرديه أرضا من شدة الرعب، ومقطع لرجل يهاجم ابنه بالسكين ويحثه على مبارزته لإثبات رجولته وهو الذي لا يتجاوز من العمر الأربع سنوات، وآخر لشاب يمنح قارورة شيشة لرضيع يلبس حفاظات ويعلمه كيف يدخنها، وهكذا تستمتع العائلة المحيطة به من دون أي إحساس بالإنسانية أو حتى المسؤولية.

“تاكلي الجاج..” في مطاعم باريس؟

من منا لم تصله مؤخرا نكتة “تاكلي الجاج”،بعد أن تناولتها وسائل الإعلام أيضا، استطاعت أن تنتشر بشكل رهيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تتردد بشكل عجيب وملفت على لسان مختلف الشرائح الاجتماعية، فسيّسها البعض وأعطاها صفة الوضع الاجتماعي الذي يعيشه الجزائريون، في الوقت الذي انتفض فيه ناشطون بجمعيات حقوق الحيوان وحتى أفراد من المجتمع المدني ممن يملكون الوعي والضمير الإنساني، ليجرموا الفاعل على اعتدائه الوحشي بالضرب والتعذيب حتى القتل على ثعلبين اتهمهما بأكل دجاجه. ومع أنّ العجوز ارتكب فعلا مخزيا، إلا أنه ترك انطباعا طيبا لدى الكثير من الجزائريين، ربما لأنهم اعتبروا المشهد بالرغم من اللاإنسانية التي تعتريه مشهدا كوميديا غير مألوف.. بل وراحوا ينسجون النكت والروايات المزعومة انطلاقا من الفيديو ذاته، فالبعض نشر على مواقع التواصل أن ضحايا تفجيرات سلسلة مطاعم باريس كانوايتسامرون ويتناولون العشاء قبل أن تتهجم عليهم جماعة إرهابية من تنظيم “داعش”، كان أفرادها يعانون من شدة الجوع في تلك الأمسية الباردة، فأشهروا أسلحتهم في وجوه زوار المطاعم مرددين عبارة “تاكلي الجاج آه”..

ويذكر أنه قبل أشهر كذلك، تداول الفايسبوكيون فيديوهات وصور لثلة من المراهقين، قاموا بقطع  رأس قطة والتنكيل بها بهمجية مفرطة، ليرد عليهم شباب واع بقوله -صلى الله عليه وسلم-:“ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ”.

منشورات الجزائريين تعبير عن مكبوتاتهم من الوضع الاجتماعي

عندما تفشّت اللاإنسانية والعنف عبر “الفايسبوك” الجزائري ووسائل التواصل الأخرى وأخذ المتصلون يعتزون بمشاهدها ويتلذذون بها، بدأ الأمر يسير نحو الخطورة وصار بإمكان الأخصائيين الاجتماعيين تفسير الظاهرة على أنها نتيجة للفراغ العميق والوضع الاقتصادي والنفسي الذي يعيشه الشاب داخل الأسرة، والأسرة داخل المجتمع. وحسب الأستاذ قاسمي عبد القادر، فإن الطفل أو الشاب الذي ينشأ في مجتمع يمارس عليه شتى أنواع الكبت والحرمان والضغوطات فإنه يبحث عن أي شيء للانتقام، ووسائل التواصل الاجتماعي سهّلت المهمة وجعلت الفرد ينتقم للجماعة عند التشهير بفعلته عبر فيديوهات يتداولها الآلاف.

أمّا عن فيديو “تاكلي الجاج.. ” الذي صنع الحدث ولا يزال فيقول الأستاذ “الأمر ليس بالطريف أبدا، ولا يستدعي الدعابة والتنكيت، فلو كنا ممن يحفظ حقوق الحيوان لعوقب الفاعل على انتهاكاته، ولكنه في مجتمعنا تحوّل إلى بطل تمكن من القبض على ثعلبين أكلا ممتلكاته من الدجاج، وإعجاب الجزائريين بهذا المقطع قد يدل على أنهم معجبون بالنهايات على هذا النحو، والتي تقضي بأن يعاقب كل من يطال حق الآخر”، كما أن بعض المتواصلين من أصحاب الخيال الواسع استعملوا الفيديو من أجل إسقاطه على الأوضاع الاجتماعية والسياسية في البلد وخارجه، وجعلوه مخرجا لمكبوتاتهم.

مقالات ذات صلة