الرأي

فيلم رعب؟

حالة الجزائري مع بداية السنة الجديدة، والانطلاق في تطبيق قانون المالية الجديد، وتواصل إنهيار سعر النفط، تشبه حالة الصبي الذي يخاف أن ينام في غرفة بمفرده، وإذا سألته عن سبب خوفه، يعجز عن الردّ عن سؤالك، لأنه مازال دون البلوغ والإدراك الفكري، وغير قادر عن استيعاب ما يدور من حوله، وسيبقى خائفا إلى أن يعلم بأن لا شيء يخيف في هذه الدنيا، وبأن إرادته الحقيقية أقوى من وساوسه الخيالية، وبيده القدرة على قهر الخوف الذي يعتريه.

وإذا كان العالم الاشتراكي والشيوعي على وجه الخصوص، قد أخذ من نظرية ماركس الشهيرة، حول كيفية التعايش مع الخوف، وأخذ العالم الرأسمالي أيضا من نظرية آدم سميث الشهيرة، حول طرق قهر الخوف، فإن النظام الجزائري الذي ما هو شرقي ولا غربي، مازال عاجزا، عن نزع الخوف من قلوب الجزائريين تجاه “غول” انهيار أسعار النفط، وهو غول نحتناه بأيدينا، تماما كما كانت تفعل قريش في زمن الجاهلية، عندما تنحت تمثالا، فتخافه وتقدم له القرابين، وليس معقولا أن نخاف من انهيار أسعار النفط بهذا الشكل الذي أوصلنا إلى ما يشبه الجمود، ونحن نعلم بأن جيراننا و95 بالمائة من بلاد العالم، لا تمتلك أصلا، قطرة بترول، أو فقاعة غاز.

يُعرّف الخوف نفسيا، بأنه شعور مزعج تجاه خطر ما، إما حقيقي أو خيالي، وحياة الإنسان لم ترتبط أبدا، بما يجده متوفرا أمامه، بل هو مجبر على أن يبحث لنفسه عن مخرج، فقد وجد الملايين من الجزائريين، أنفسهم مستعمرين من طرف الفرنسيين، فقاوموهم حتى طردوهم من أرضهم، ووجدوا الآن أنفسهم مستعمرين بالتبعية للنفط، وحان الوقت لأجل مقاومة هذه التبعية وطرد “النفط” من سيطرته على حياتهم، ومن زرع الرعب في قلوبهم كلما انهار سعره أو جفت آباره، إما بالطريقة الماركسية بالتعايش مع الخوف بالعمل، أو بالطريقة الرأسمالية بقهره بالضربة الاقتصادية القاضية أو بالطريقة الجزائرية من خلال ثورة لا تبقِي من مخاوفه ولا تذر.

ويعرّف الفلاسفة الخوف بكونه أكبر أعداء الإنسان، لأنه السبب الأول لحدوث الفشل والمرض، خاصة إذا تم توريثه للجيل القادم، كما يحدث عندنا، عندما صار تلميذ الإبتدائي يقرأ في المقرّر الدراسي بأن بلاده غنية بالثروات الطبيعية، ولا يقرأ بأن بلاده غنية بالثروات البشرية، وعندما تحدّد للطفل، سبب حياته في الثروة الطبيعية، فلا تنتظر غير الرعب، عندما يعلم هذا الطفل انهيار سعر ثروته الوحيدة، أو نضوبها من أرضه.

لا يوجد حلّ للمريض الخائف غير العلاج الفعّال، ولا يوجد حل للفاشل الخائف غير السعي من أجل النجاح، ولا يوجد من حلّ في الجزائر، حيث تمكّن الخوف من قلوب الناس، سوى نسيان هذا “الغول” والاقتناع بأنه من نسج خيالنا، بالعمل، لأجل القضاء على الخوف الذي نقله النظام للشعب فاستسلم له الأفراد.

أما آن لهذا الطفل الخائف من “الغول” أن يكبر، ويعي ما يدور من حوله؟

مقالات ذات صلة